لا يكفي أن يكون لك عقلا جيدا. الأهم هو استخدامه بشكل جيد.
الفيلسوف :رينيه ديكارت
مطعم أبو علي يبيع المأكولات الشعبية الطيبة الجميع من في المنطقة يأكلون منه وهم سعداء بذلك ,الا أنا أرفض رفضاً قاطعاً أن أكل منه ,رفضي له لفكرة مسبقة رسخت بالذهن من دون وعي سمعت بها من أبي وجدي دون معرفة ما هي المشكلة الحقيقية التي دفعتهم بتلقيني لهذه الفكرة التي بنيت عليها رؤى افتراضية لمعلومات نسجتها من مخيلتي لا تحتوي على حقائق وقرائن وعندما أسال عن المطعم فأني أجيب بأنه : مطعم بائس وغير نظيف وأكله غير طيب ,أما أنا فأني أرتاد مطعم ليس فيه أية مقومات النظافة ولا الأكلات الطيبة ,لكني أقنع نفسي مراراً وتكراراً أنه مطعم أكلاته رائعة والعكس هو الصحيح ,كل ذلك جاء نتيجة أفكار مسبقة ورثتها وسمعتها منذ طفولتي ,ولم أجرب يوماً ما في الذهاب لمحل (أبو علي ) وأكتشف بنفسي هل فعلاً ما يقال عنه أنه شخص محب للخير والعاملين معه طيبون وأكلهم لذيذ ؟ارتأيت أن أتنكر بثياب غير ثيابي للذهاب لمحله ومعاينة عملهم والتأكد من نظافتهم ,فوجد هنالك نظافة بكل ما تعنيه الكلمة حيث الأواني والصحون يتم غسلها بشكلٍ صحيح بأيدي العمال الذين يلبسون كفوف صحية ,وكل ما يستخدم لعملية الطهو من قدور نظيفة ,في اليوم التالي كانت المهمة شاقة وصعبة هي تناول وجبة من الطعام للتذوق فكانت رائعة المذاق ,ليس هذا فحسب بل أن ابتسامات العمال لا تفارق محياهم وهم حريصون على خدمة زبائنهم ويقدمون أفضل شيء عندهم,بعدها أنهيت المقاطعة والحال ينطبق على البقال ومحل الفواكه والملابس ,الحقيقة التي توصلت لها أن الفكرة والموقف المسبق دون معرفة به سيقودني الى بناء افتراضات واهية غير حقيقية ستعكس نتائجها السلبية علي وعلى الذين كنت اثقف بهم في ضوء ثقافة خاطئة ,كان علي أن أسال لماذا كنت أصر على اتخاذ مواقف ليس لي أي علمٍ بها ؟؟أو ليس للإنسان عقل يفكر به ليجنبه في وقوع المحذور والمشاكل , فقد قال حكيم يعض الناس :{لا ينبغي للعاقل أن يخلي نفسه من أربع : عدة لمعاده وصلاح معاشه ,وفكر يقف به على ما يصلحه من فساده ,ولذة في غير محرم يستعين بها على الحالات الثلاث} كم من القضايا علينا
مراجعتها والتحقق منها لمعرفة الصدق والكذب الذي لبسها ؟والمفاهيم التي كنا نتداو لها مؤمنين ومقتنعين بها وعلى أساسها خضنا أشرس المناظرات وتزمتنا بآرائنا بأنها هي الأصح والأدق ,لم نعطي لأنفسنا التريث والاستراحة لإعادة ترتيب أوراقنا وفرز الغث من السمين منها , وأخذ المفيد منها والعمل به ,التزمت والعزة بالإثم دفعتنا لعدم التفكر لأمور كنا بأمس الحاجة لها ,في حين التفكير والبحث في المشكلة سيقود الباحث للتوصل لنتائج لحلها كانت خفية عنه بسبب تمسكه بمواضيع لا يمكن للمنطق والعقل تقبلها لأنها مخالفة لقواعد السلوك الصحيحة لأية شخص ,الكثير يسيرون وراء فتاوى مضللة ليست فيها أية روح لبناء الإنسان تتناول في مضامينها ,كيف تقتل وتستبيح وتنتهك وتصادر؟؟هنالك من يبرر لهم ويشعرهم أنهم على الصواب سائرون فأصبح لدينا ظاهرة العلماء المنتشرة على قدم وساق وجميعهم جاهزون للإفتاء طبعاً مع وجود مخرج في تسعيرة لكل فتوى شرعية فيها أثم وسرقة ونهب لمقدرات الناس واغتصاب حقوقهم , هل هنالك إجرام أكثر من هذا الإجرام أن يتلاعب رجل الدين بكلمة لفظ الجلالة ؟؟الجواب متروك للأيام وللتاريخ الذي كشف وسيكشف من هم أهل الحق …وأهل الباطل .