22 ديسمبر، 2024 8:16 م

الإعلام ينسكب عبر وسائل متنوعة محملا بأفكار تتدفق كالأنهار العارمة التيار.
محطات تلفزة تقترب من الحالة الواحدة من عدة زوايا , فتتسبب بتدويخ المشاهد والمتابع وطرحه أرضا بالضربة التضليلية القاضية.
وكلٌ يغني على ليلاه.
وبسبب الفيض المعلوماتي الهائل , فأن كل ما يريده المرء يجده حاضرا وبسرعة غير مسبوقة , فلكي تعزز ما تريد قوله تجد الكثير من المعلومات التي تساهم بإسناد ما تذهب إليه.
ووفقا لهذا الإضطراب التفاعلي يتحقق التشويه والتحريف وتضيع الحقيقة والصدق , ويكون الكذب قانونا والباطل عنوانا , وذلك يتأكد ولا يدركه البشر المُستهدف والمُسيّر كالروبوت بسبب هذه التدفقات المعلوماتية الطاغية , خصوصا في مجتمعات الوصايات لهذا وذاك من المسميات والعناوين.
ويبدو أن الدماغ البشري في محنة العجز عن الإستيعاب والتقييم وتقرير مصير ما يحتويه , لأن دوامة الثورة المعلوماتية قد أصابت الأدمغة بالشلل أو الصدمة.
ولهذا ترانا في حالة قصوى ذات أعاصير تفاعلية تدميرية الطباع والنوايا , وأصبح الإحتلال الفكري والغزو المعلوماتي من القدرات الكفيلة بتسخير الآخر لتحقيق هدف الطامعين به.
وهذه الصورة التدميرية تعبر عنها وسائل الإعلام العالمية السائدة , والتي بواسطتها يتم تحقيق المآرب وتعضيد المذاهب , وتحويل الهدف إلى قوة قادرة على تقديم ذاتها وموضوعها لمستهدفها.
وبسبب الهجمات الإعلامية الماحقة , فأن الدنيا تعيش معارك معلوماتية ذات خسائر متنوعة , فالإعلام قد تحول إلى معسكرات هجومية بقدرات فتاكة وأدوات هلاكة.
والضحايا الأولى هي المجتمعات التي وُضِعَتْ في صناديق العتمة والإظلام , وتلك التي عاشت وتعيش في أوعية الضغط العالي الذي يدفع إلى إسقاطها في حبائل الهزائم والمصير الرجيم.
وخصوصا المجتمعات التي تعطلت قدراتها وإنغمست بما لا يمنع من خوف ولا يغني من جوع , وأخذت تتدحرج على سفوح المعطيات التكنولوجية المعاصرة , وتتراكض خلفها وهي غير قادرة على إلتقاط أنفاسها وترتيب إيقاع خطواتها.
ومجتمعاتنا تبدو بلا حصانة وعرضة للإصابة بأمراض وعاهات التدفق المعلوماتي , لأن العقول فيها قد تعطلت أو ما تعودت على التفكير والتبصر والرأي , مما يجعلها أوساط ناقلة لما يدور في العالم من بضائع يُراد ترويجها لخدمة المصالح والتطلعات المرسومة , ولهذا فأن الواقع العربي عُرضة لتدمير ذاته وموضوعه , لسهولة إستدراجه إلى حيث يريد المفترسون.
فهل من حصانة عقلية يا عرب؟!!