دون مقدمات وبعيدا عن اصول الكتابة سأسعى الى وضع افكار متفرقة عن موضوع أعده مفترق طرق خطير ، وخطورته تكمن في كونها غير ظاهرة .فاعذروني على خروجي عن المألوف
هذا الحوار لا يمكن قراءته بمعزل عن ايران فأن لم تكن حاضرة فيه فهو على الاقل قام لأجلها الى حد ما ولولا الصراع الامريكي الايراني لما كان حصل هذا الحوار ولما احتجنا اليه اصلا فالكل يعرف ان هناك اتفاقية اطارية بين العراق والولايات المتحدة تم اهمالها بسبب حكومات ضعيفة كان همها خروج الامريكان بعد ان جاءت بهم من خلف المحيطات .. أخراجهم لكي يكون البديل هذا الذي رأيناه منذ العام 2011 لحد الآن .
التوقيت تزامن معه عن قصد أمريكي التهديد بعقوبات تاريخية على ايران وغيرها تظم 140 مقترحا ، وقانون قيصر للعقوبات على سوريا ،ذلك القانون الذي اتفق عليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي وهذه حالة غير مسبوقة .فضلا عن محاولة امريكية جادة لتمديد حظر الأسلحة على ايران وتحالف امريكي اوروبي يتبلور سرا وعلنا ضد ايران ورحيل قاسم سليماني المايسترو الحقيقي الذي ينظم أيقاع كل القوى الموالية لإيران في الشرق الاوسط فضلا عن دوره في ضبط العلاقة بين الجيش والحرس الثوري والباسيج داخل ايران تلك العلاقة التي بدأت تتخلخل منذ رحيله نضيف الى ذلك تخويل ترامب بالتعامل مع كل من يوضع على قائمة الإرهاب
يضاف الى ذلك اقتراب الاقتصاد الايراني والعراقي والسوري واللبناني واليمني من الانهيار ان لم يكن قد انهار فعلا ، مما يؤثر تأثيرا هائلا على نشاطات ايران ومصادر قوتها في ادارة صراع مع الدولة العظمى في العالم وحليفاتها
أن المراهنة على الانتخابات الامريكية غير مجدية كون الشارع الامريكي ليس مع ايران لأن حتى المواطن البسيط هناك وعى من خلال الترسانة الاعلامية الامريكية التي يهيمن اليهود على اكثر من نصفها أن الإسلام وأيران تهدد مصالحه ، وأن حكم الديمقراطيين او ا لجمهوريين ترامب او بايدن فالأمر سيان ، فضلا عن اننا لا ينبغي ان نراهن على الاحتجاجات الامريكية كونها لم تخرج تأييدا لإيران او العراق ،
شعبية ايران ومؤيديها داخل العراق نعرف جميعا أنها تقلصت كثيرا بسبب تنامي الشعور بالنفوذ الايراني داخل العراق فضلا عن ان شعبية العملية السياسية فقدت الجزء الأكبر بسبب الاحتجاجات الشبابية السلمية والطريقة العنيفة التي جوبهت بها
اما الطرف الآخر الولايات المتحدة فسوف تنهي الاحتجاجات قريبا وتبقى مكبلة بصراع مع الصين وكوريا وكورونا اما روسيا فيبدوا انها اقتنعت بحصتها في شرق المتوسط ولكنها فقدت شعبيتها في سوريا وأن سقوط النظام المحتمل بعد قانون قيصر وبعد انهيار الليرة بحيث صار راتب الموظف المتوسط الآن يساوي عشرة دولارات فقط .ولعله من الواضح ان البديل الجاهز هو حكومة دين سياسي سني ستفعل فعلها المعروف لدينا نحن العراقيون ، وبالتالي ستضيع (الدولة)السورية التي تمكنت تحت كل المآسي من ابقاء الدواء والغذاء بسعر الليرة القديم بحيث ان زيارة امهر الاطباء تكلف 20 سنتا ، وهنا لا أحد يحزر فالدين السياسي السني هو الذي سيسيطر وهذا الدين لا يمكنك ان تحزر اتجاهاته البريطانية التركية الأمريكية ألا انه من المؤكد انهم سيبحثون عن وحدة (الأمة) الاسلامية وتضيع سوريا وستضطر روسيا للخروج وسوف لن يكن هناك شعب سوري واحد فتملأ امريكا الفراغ
نصيحتي للسادة في اللجنة العراقية للحوار الستراتيجي أن لا ينحازوا لشعب العراق لأنهم اهلهم فقط بل لأنهم اكثر الشعوب على الإطلاق حرمانا من السيادة والدولة وألأمن والأمان وضياع في الحقوق والحريات ،وقد سبق لهم ان عانوا من الحروب والحصار القذر ، ويضعون الكارثة الاقتصادية والصحية المقبلة نصب اعينهم وأقول لهم جازما ان امريكا ان خرجت رغما عنها فسوف تشملنا بالعقوبات المدمرة التي ستجعلنا نستجدي عودة العلاقات بها ، وعليهم ان يحسبوا بدقة بعيدا عن التهويش الاعلامي دور امريكا والتحالف الدولي في كسب حربنا مع داعش وما الذي سيحصل ان تم رفع ذلك كله كون التسهيلات التي كانت تقدم (نوعية) أما المشورة والتدريب فأقول لكم انه لا يوجد شيء اسمه تدريب عدا الدورات في الجيش العراقي وقد كان السيد وزير الدفاع قد حدده (دون الوسط) . أما التنظيم المتكرش فيطول الحديث عنه ونختصره بسؤال بسيط وهو: هل سمعتم بوزارة فيها دائرة تقاعد بثلاثة مديريات . أم سمعتم بضابط برتبة فريق دمج .. اخيرا امريكا كنز من المال والتكنولوجيا والقدرات الأخرى ، ورغم انها ليست منظمة خيرية بل هي أم الشرور في العالم هي وأبنتها المدللة اسرائيل ولكن ليس من مصلحة اي ممن لا يمتلك عناصر القدرة ان يعاديها فكيف بالعراق وهو في اضعف حالاته .. وهذه لا تعني دعوة لخرق السيادة بل هي دعوة لتفعيل مصالح مشتركة مع العرض انه لا توجد سيادة غير منقوصة في عالم القطبية الاحادية فحتى الحكومة الصينية تقودها شركة هواوي وأخواتها ولذلك اعلنت امريكا الحرب على هواوي والتي حققت ارباحا للعام الماضي تبلغ اضعاف الموازنة العراقية . وأمريكا ايها الاخوات والاخوة هي ليست سيدة نفسها ولذلك سمت نفسها (الإدارة الامريكية) اي انها تدير مصالح الشركات الامريكية العابرة للقارات فهي تحتل لأجلها وتصالح بأمر منها وهي التي تضع الخطوط العامة التي تستعين بها الإدارة في بناء الستراتيجية وصنع القرارات . انها باختصار تضع السياسة في خدمة الاقتصاد وليس العكس كما نفعل نحن
اولا نعلم ان الله سبحانه لم يأذن لنبيه محمد (ص) بقتال الكفار الا بعد ان امتلك عناصر القوة ونزلت آيته الكريمة (( اذن للذين يقاتلون…)) … أليس لنا في رسول الله اسوة حسنة عندما ختم بخاتمه الشريف صلح الحديبية المذل والذي يجمع المؤرخون انه كان المقدمة الحقيقية لفتح مكة ونشر الإسلام ولولا الصلح مع عبدة الاصنام ما كان هناك اسلام اليوم .يوم رفض الأمام علي (ع) كتابة فقرة مذلة وحمل الصحابة سيوفهم دعما لرأيه فقال له (ص) بلهجة آمرة (( أكتبها يا علي….))
تبقى السياسة فن الممكن وليس فن الحصول على غير الممكن فلنلتفت الى شعبنا وجيشنا ونبني ونعيد نازحينا الى اهلهم بعد تهجير دام لسنين ست ونجد مغيبينا او نعرف مصائرهم وننصف خلفهم ونعاقب الجناة ونقضي على الطائفية وابنتها المدللة (المحاصصة) ونقضي على الفساد ونعيد هيبة الدولة .. ونقضي على داعش ومثيلاتها داخل العملية السياسية …، وأخيرا نقول ان الحاجة قائمة لحوار ستراتيجي بين الكتل والقوى السياسية وحوار مشابه مع ايران ومثله مع تركيا التي بدأ حلمها العثماني على يد اردوغان وحزبه وقفزت الى ليبيا وقطر وقد تحاول القفز الى ولاية الموصل
وقبل كل تلك الحوارات هناك حوار مهم آخر بين كل سياسي ومواطن مع نفسه كي يراجع ويتصالح كل مع نفسه بعد ان يسأل كل نفسه لماذا حصل كل الذي حصل.