23 ديسمبر، 2024 1:49 ص

الفكرة جوهر الكينونات والموجودات الكونية من أصغرها لأكبرها , فما في الوجود يولد كفكرة يتحقق التعبير عنها بآليات متوافقة مع قدرات مَن إمتلكها , أو تمكنت منه وسخرته لغاياتها والتعبير عن رسالتها.
وفي عالمنا الفردي والجمعي , الفكرة تحكمنا وتستخدمنا , وتؤهلنا للوصول إلى غاياتها وإنجاز أهدافها , وأكثرنا يعجز عن إستيعاب الفكرة , ويفشل في وعي جوهرها ومراميها , فتكون سلوكياته إنعكاسية إعتباطية وعشوائية , تتسبب بتداعيات تقتل الفكرة التي فيه.
والبعض يرى أن الواقع الذي نعيشه مرآة أفكارنا , والصورة الحية للكامن فينا.
وفي الحالتين يكون للأفكار دورها في رسم خارطة سلوكنا , وفقا لآليات تفاعلنا معها , ومحاولاتنا إدراك مراميها؟
ولكل فكرة أوجه متنوعة , والطبع البشري ميّال للوجه السيئ منها , فيندفع نحوها بطاقات فوّارة , ويهمل الوجه الآخر الجميل الثري بمفردات الفضيلة.
وفي واقعنا المحموم بالسيئات والمطحون بالفساد , تكون الأفكار الفاعلة في الحياة مناهضة للصيرورات الإيجابية , ومترجمة لإرادة الشر والرذيلة والإعتداء على المُثل والقيم السامية.
فواقعنا مُبتلى بنا , وما نحمله من أفكار نعبر عنها بما نقوم به من أفعال ونطلقه من أقوال , والكراسي القابضة على مصير الناس منبع الأفكار المضللة , الداعية لتعطيل العقول والخنوع والتبعية وفقدان الثقة بالنفس , والإيمان بالعجز والدونية , وإستلطاف حياة القطيع , وعدم تحمل المسؤولية.
ووفقا لتواصل ما فينا مع واقعنا , تبدو لوحة الحياة وتتحرك عناصرها , بالإتجاهات التي تحتمها إرادة الفكرة ومنطلقاتها , التي أوجدت مَن يحملها وينطلق بها إلى حيث يريد , لأنه قد إكتشف ما يسوّغ ما يقوم به ويفعله في واقعه , بعد أن طوّع الفكرة لتكون الطاقة اللازمة لتأكيد نوازعه , وتطلعاته المطمورة في دياجير أمّارة السوء التي فيه.
فهل لنا أن نعيد النظر بأفكارنا , ونطوّعها للفضيلة والخير وروعة الحياة؟!!