(مثل ناقوط الحب ) ، قطرة قطرة تتشكل حكومة عبد المهدي ، فبعد أسابيع من الجدل العقيم تم تمرير عدد من الوزراء أبرزهم قصي السهيل ونوري الدليمي وعبد الامير الحمداني ، بينما ظلت عقدة فالح الفياض للداخلية والمرشح السني للدفاع في المنشار دون حل ، وسط تجاذب غريب بين القوى السياسية الفاعلة التي أزعم انها تحتفظ برؤية وتصور مختلف لكل واحدة عن الأخرى ، وهو ما ينعكس سلبا على واقع العملية السياسية وتحديات المرحلة الصعبة التي يمر بها العراق وشعبه الذي واجه عقودا من الحروب والحصارات والإحتلالات والفوضى الأمنية والصراعات الطائفية والقومية لم تجد حلولا ناجعة حتى اللحظة ، وبقيت آثارها ماثلة وعميقة في الجسد العراقي ، ودفعنا ثمنا باهظا بسببها على الصعيد النفسي وحجم الخسارات وعدد الضحايا والمهاجرين والمبتعدين عن وطنهم وأسرهم .
كنا نأمل أن يتم الإعلان عن بقية أسماء الوزراء الجدد لنعبر الى الضفة الأخرى ويرى الجميع حجم مسؤولياتهم وتحدياتهم ، خاصة وإن ملفات عديدة معطلة استثمارية وخدمية وديون وإستحقاقات داخلية وخارجية في ظروف إقليمية ودولية معقدة تتطلب حكومة واعية وناضجة وقادرة على العطاء ، وتلبية حاجات الناس فليس معقولا أن تستمر الأمور على حالها الراهن برغم كل هذه المعاناة والسنين والهدر في الأموال فلم نستطع تجاوز أزماتنا حتى اللحظة ، ولم نكن قادرين على تلبية مطالب شعبنا المشروعة في الكرامة والعيش اللائق المحترم .
والسؤال المشروع أين نحن من بقية العالم الذي يتقدمنا بسنين ضوئية كبيرة ، حتى أن البعض يقول إن اليابان تعيش في العام 3018 وليس في 2018 ، ولو قارننا بين اليابان والعراق فأعتقد إن العراق يعيش اليوم في وضع ربما كان السومريون والأكديون والآشوريون في حال أحسن منه بكثير ، خاصة وإنهم إكتشفوا العربة والورق والكتابة والرياضيات وبنوا القلاع والأبراج ، وأسسوا لمنظومات ري حديثة وطرق نقل ممتازة في حينه وسلحوا جيوشهم على أتم حال .
العراق اليوم متأخر جدا ويعيش أزمة خانقة ، وسط تردي في واقعه السياسي وغياب الإلهام عن سياسييه الذين يتحدثون في التجارة أكثر من حديثهم في السياسة ، وهم كالباعة المتجولين الذين يبحثون عن الربح السريع وتسويق بضاعتهم بأي طريقة كانت دون النظر في العواقب والنتائج وإنعكاسات ذلك على الواقع المعاشي وما يتحمله الناس من عذابات وبلاءات ، فلا توجد طرق حديثة ولا منظومات صرف صحي متطورة ولا كهرباء ولا مياه شرب صحية ولا مستشفيات ولا منظومة إتصالات مهنية ولا مدارس تربوية حقيقية ، ونحن رهن للشركات الفاسدة والمقاولين والمصارف الربحية التي تنهب المال العام ، ونحن نعاني من الأوبئة والأمراض ، وتنعدم الزراعة والصناعة ونعتمد في طعامنا وشرابنا على المستورد من المزروعات من الخضر والفواكه ، ونعاني من تدخلات دول الجوار التي تريد للعراق أن يكون سوقا لبضاعتها وساحة لمعاركها فهل يفهم سياسيونا اللعبة .
فليس معقولا أن تستمر الأمور على حالها الراهن برغم كل هذه المعاناة والسنين والهدر في الأموال ، وحتما لم نستطع تجاوز أزماتنا بسبب أفعال شياطين السياسة في العراق .