22 نوفمبر، 2024 6:41 م
Search
Close this search box.

أغنية جيناك بِهايَه وحكومة السرسرية

أغنية جيناك بِهايَه وحكومة السرسرية

أن تصل مشاهدات أغنية على اليوتيوب إلى 16,554,656 في فترة قياسية من إصدارها فإن هذه قضية جديرة بالدراسة والتحليل والوقوف عندها وخصوصا إذا كانت أغنية هابطة لا علاقة لها بالفن وأهله ، حيث إن الأغنية الناجحة تعتمد على محاور ثلاثة أساسية لا غيرها ، الكلمات واللحن ومن ثم الصوت ( صوت المغني ) ، وأغنيتنا المقصودة ( جيناك بهاي ) لنور الزين وغزوان الفهد لا تمتلك أي من المقومات الثلاثة المطلوبة ، فكلمات الأغنية بتقديري تشبه إلى حد كبير كلمات السيد وزير خارجيتنا الهمام الخطيب النحرير الذي حينما يتكلم ( يجيب من الطين للعجين ) ، وصاحب براءة اختراع في اكتشاف نظرية ( الجلاق والدولمة ) وتكييفها واستعمالها في الخطابات والتصريحات البلاغية التي يشتهر بها وزيرنا المبدع ، هذا يعني أن شعر وكلمات أغنيتنا تتوافق مع بحر جديد من بحور الشعر يطلق عليه ( بحر الخرط ) والذي يبرع به ساستنا الأفاضل وأصحاب المعالي والدولة والفخامة والضخامة بدون استثناء .

بعد فحص دقيق لكلمات الأغنية باعتبارها أكثر ما نبرع به نحن أصحاب الأقلام توصلت إلى إن كلمات الأغنية تحاكي الواقع العراقي المرير بكل دقة ولكن بصورة معكوسة وفكاهية فالأغنية تبدأ :

جيناك بهايَ : والحقيقة إننا والجميع لا نعرف ماهية ال ( هايَ ) التي يقصدها كاتب الكلمات وماذا يقصد بها تحديدا ، هل هي إشارة ماسونية أو طلسم من طلاسم شمس المعارف الكبرى أم إن الشاعر يقصد الرقصة والحركات المصاحبة للأغنية عندما تتوافق مع الكلمات وخصوصا إن احد المغنين أبدع بطريقة جديدة في الرقص بالاعتماد على الحركة الدورانية للجسم يصاحبها تحريك الكفين بطريقة لم يسبقه لها احد فتشكلت لوحة سريالية من الرقص تحاكي الوضع العراقي ( الذي لا نعرف له أساس من رأس ) ، لحد اللحظة ال ( هايَ ) مجهولة حالها حال مستقبل العراق الذي يقف على كف عفريت ، فداعش تقُتل أبنائنا والحكومة تسرقُ أموالنا والسماء تلعننا .

تسترسل الأغنية فتقول : اهلك وفاية ، هم الحجاية وهذا صحيح إلى حد بعيد فيما يتعلق ب( الحجي ) فقط فلم نقبض من حكومتنا الرشيدة سوى الكلمات ( والحجي الفارغ ) الذي لا قيمة له ، أما الأفعال فرجالات الحكومة قد أزالوا ( الفعل ) من قاموس لغتهم بحيث اقتصرت لغتهم على ( المصدر ) للسرقات من أموال العباد ، واعتمدوا على حروف ( إلى ومن ) فهم يسرقون ( مِن ) أموالنا ليرسلوا الأموال ( إلى ) أرصدتهم في بنوك الخارج ، واقتصر فعلهم على هذا . ثم تنتقل الاغنية إلى : يا هيبة ياهيبة يلبيك اهلك ياهيبة : وهنا كذب الشاعر والأغنية فلم نشهد احد من ساستنا الأفاضل هيبة لا من بعيد ولا من قريب فالذي على هرم السلطة يضطر إلى نزع رباط عنقه عند الذهاب إلى شخصيات تحرم ربطة العنق أو أن يتم تجاهل رفع علم البلاد خلفه ويبقى ساكت ( يثولها ) ، أو يتم تجاهله في المحافل الدولية بأسوء صورة فيضطر إلى النظر إلى ساعته الرولكس التي اشتراها من أموال المكاريد وولد الخايبة الذين يموتون يوميا حتى يبقى فلان وعلان على كرسي الحكم .

ثم يظهر بحر الخرط بقوة ووضوح في كلمات الأغنية حينما تقول : عيش وشوف بدنيانه ، هي تربحك خسرانه ، من ديانة لديانة ، فرحانة فرحانة ، الكل معيدة وفرحانة : وكأنه هنا يشرح الواقع الاقتصادي المزري وواقع الخدمات التي تقدمها مؤسسات الدولة وقطاعاتها فهي حسب الأغنية خسرانة ومن ديانة لديانة وهذا حال الموظفين الذين تأخرت رواتبهم لأكثر من ثلاثة أشهر ولكنهم فرحانين ومعيدين لأن الله وهبهم حكومة (ما بيها لولة والطايح إتجيلة ومعدلة الميلة )حسب كلمات الأغنية .

تقول كلمات الأغنية بعد ذلك : الغثك يا ويله ، عبرة نسويله ،العادانة عبرة نسويله ، بس أشر بيديك وشوف ، نجيبها الغثك مجتوف ، إحنا من الصاحب منعوف ، وهنا لا نستطيع أن نسقط كلمات الأغنية على حال ساسة العراق وقادته وضباطه الجبناء الذين تركوا أبنائنا ليتم ذبحهم بدم بارد في مجزرة سبايكر التي نبكيها بدل الدموع دما ، والتي سيلاحق عارها ساسة العراق وقياداته إلى يوم يُبعثون . فهم لم يتركوا الصاحب فقط وإنما باعوه إلى داعش الشر .

إحنا المابينا مخربط ، بينا اليندك يتورط ،إنيشن صح وما نغلط ، ما نغلط و بالكصة نحطها وما نغلط : وكأن عار سقوط الموصل وصلاح الدين الذي تتحمله القيادات العسكرية والأمنية الفاشلة التي نصبتها حكومة نوري المالكي سيئة الصيت سيلاحقهم أبد الدهر وستلعنهم ارض العراق ومائه وهو الدليل على أنهم كلهم ( مخربطين ) وكلهم أخطاء ، وعقلية الحكومة هي التي جعلت العراقيين يتورطون في حرب داعش التي أنتجتها العقلية الغبية للحكومة .

تقول الأغنية : نعجبك بالفزعة ، النطكة نوجعة ،نخزي يم ربعه ، ابشر بالهده ، مو النة الشرده ، العاداك شحده ، عينك للملكه وفوت ، وياك اللوح التابوت : هذه الكلمات تنطبق على رجال العراق الذين هبوا لاستعادة الأرض من شرور داعش ولكنها لا تمت بأي صلة لقادة الجيش الذي صُرف عليه مليارات الدولارات وترك أسلحته وعتاده وآلياته لداعش وانهزم بسبب قياداته الرعناء أمام ( هورنات ورماشات سيارات ) داعش الشر ، كما إننا لم نسمع عن سياسي واحد من لصوص المنطقة الخضراء قد أرسل ولده أو شارك بنفسه لقتال داعش مع الحشد الشعبي ، ولم نسمع أن قائد سياسي أو وزير أو مسئول قد جُرح أو استشهد دفاعا عن ارض العراق التي سلمتها عقلياتهم وإداراتهم السيئة لداعش .

تموز من الطك ثَلَج : تموز من الإلهة البابلية القديمة والتي تتميز عن بقية آلهة العراقيين الأخرى بأن قصة الحب الذي ربطته مع الآلهة عشتار على الأرض شكلت الربيع وبقية الفصول ، ولكن نهاية ديموزي أو تموز كانت كارثية حيث يقول عند إلقاء القبض عليه وحسب احد الرقم الطينية المكتشفة :

أقيمي المراثي ، أقيمي المراثي

أيتها المروج ، أقيمي المناحة ، أقيمي العزاء

وكأنه يخاطب ارض العراق لتقيم العزاء للموت الجماعي الذي يحيط بأبناء العراق ، وكأنه يحاول أن يرثي ولد الخايبة والمكاريد من أبناء ارض وادي الرافدين ، وتموز من الأشهر المعروفة بحرارتها الشديدة في العراق فهو هنا حقيقة حسب الأغنية (من الدم ثَلَج ) وليس من الطك فالطك ليس جديد على العراق والعراقيين .

ياغيرة يا غيرة بس اسمك كافي : وهنا أتصور أن هذا هو الذروة في كلمات الأغنية ، فإذا جزمنا إن الكلمات تخاطب العراق ، فأسم العراق كافي ولا نَزيد . ولكن إن كان المخاطَب هم القادة والسياسيون فهذا اكذب الكذب لأنه ( ما بيهم واحد هيبة ) شلع قلع .

تعود كلمات الأغنية إلى بحر الخرط مرة أخرى لتقول : أفتحلك ساحة ، إملاجة فلاحة ، الينطك بالراحة ، وهنا شرح لحالة البوك والفرهود التي تحدث في العراق فالعراق عبارة عن ساحة ، الجماعة ( السياسيين وأعضاء الحكومة ) أخذوه ( فلاحة ملاجة ) وكأن مقولة سليمان بن عبد الملك بن مروان ( السواد بستان لقريش ) انطبقت بحذافيرها فالعراق بستان لساسة الاحتلال يعطوه لمن يشاءون ويسرقون منه ما يريدون ، فأمواله حل لهم وسكانه عبيد لهم ( يطكون ) منهم من يشاءون ، ويغتالون الكفاءات ويهجرونهم بألف طريق وطريقة ، ليولوا أغبيائهم في مواطن القرار ليستمر مسلسل الدمار والخراب الذي يعم العراق .

المَسك بسلاحه ، إنكصله جناحه ، وضَم راسه الجان يعوعي : ولكن الحقيقة إن ( الجان يعوعي ) لازال يعوعي بسبب أو بدون سبب ، ويحاول أن يؤجج الطائفية في عراق مابين النهرين ليقضي على ما تبقى من عراقيين فلتوا من الموت الذي كان يرسمه ويتحالف معه ساسة العراق .

العراق سينتصر رغما عن جميع قوى الشر والظلام ، وعن الأصوات النشاز ، وداعش ستندحر والسُراق سينتهون ، ( وأَثاري الليل مهما يطول ، لابد ما تجي الغبشة ) .

[email protected]

أحدث المقالات