18 نوفمبر، 2024 12:42 ص
Search
Close this search box.

أغلق للتحسينات

لاشك انك قرأت هذه العبارة على محل او مطعم، او حتى سوق شعبي او “سوبر ماركت” ، وربما عبارة أخرى على شارع أو جسر، لكنها تعطي المعنى نفسه :”اغلق للتحسينات”، لكن اتحداك ان قرأت يوما لافتة من هذا النوع على مركز شرطة، او مستشفى ، او وزارة ، او وطن.
ربما اتهم بالشطط ، او لعل بعض اصحاب النيات الحسنة يحاول ان يجد لي مسوغات في ما اقول: يقصد بناية المركز، او المستشفى، او الوزارة، لكنه سوف يقف حتماً مذهولاً ازاء مفردة الـ “وطن”، فهو لا يجد لها مرادفات او معان اخرى، الا اذا اعاد تنظيم افكاره، تبعا، لمفهوم السلطة التي يمثلها رجل الامن، لتختزل كل خزينه المعرفي لمعنى الوطن، بالحاكم  والرئيس والقائد المفدى.
غير ان المعنى ليس كذلك ، وان كان الوطن .. الارض والجغرافية والتأريخ، والماضي والحاضر، يعيش ازمة سياسة ، وانعكاساتها بالتأكيد على الحاكم والرئيس والقائد المفدى .. وانما ما نعنيه حقيقة اننا بحاجة الى ان نرفع لافتة :”اغلق الوطن للتحسينات” لتدارك استقلال قرارنا السياسي والاقتصادي .. والحفاظ على سيادتنا الوطنية ، الى جانب تقليص الهوة التي تفصلنا عن العالم المتقدم، ناهيك عن المنطومة الاقليمية التي باتت تسبقنا بمراحل.
قد يرى بعضهم هذا الطرح “جنونا”، على مقتضى رؤيته، او يستجيب للفكرة، لكن ليدحضها، ويؤصل لاستحالة تنفيذها على الواقع ، حتى يبتعد عن المعنى المقصود، فيظن، ويبني على هذا الظن رؤيته، ليخلص بالنتيجة الى ان اغلاق الحدود غير ممكن، وكل الميزانيات الانفجارية، لا تستوعب بناء جدارعال حول الوطن لنضع عليه لافتة :”اغلق للتحسينات”.
لا ليس هذا المقصود ، مثلما لا ادعي انني اكتب عمودا “فنتازيا” ، غير اني احاول ان اقترب من الفكرة من خلال اثارة من هذا النوع، والا لو قصدت الاغلاق بذلك المعنى الذي يشبه جدار الصين العظيم، فاننا سوف نموت من الجوع، وهذه حقيقة يدركها اي مواطن يتسوق من أي “بقال”، مثلما سنحرم من كل الصناعات والتكنولوجيا بعد ان توقفت مصانعنا وسرح عمالها.
الاغلاق ، الذي نرجوه للتحسينات، ان يترك لنا تحديد خياراتنا ، وسياساتنا، من دون تدخلات شرقية اوغربية، وأن لانسمح لقوة صديقة ان ترتب أمننا الداخلي، مثلما لا ندع القرارالاقليمي او الدولي يتحكم في شكل نظامنا السياسي، ويحدد هوية الحكام ، خارج أطر العملية الديمقراطية واللعبة الإنتخابية وصناديق الإقتراع التي تحسن عملية الغش والإختفاء.
الاغلاق ، ان نعيد استقلالية القرار العراقي، ونحفظ سيادة الوطن، ولا نسمع النصائح التي تأتي بصيغة الأمر والنهي.
الاغلاق، الا ندخل في صراعات اقليمية ولا نحشر انوفنا بمشاكل خارج حدودنا، ولا نحاول ان نكون “قطب رحى” في ما يدور في محيطنا الاقليمي، كما لا نحاول ان نمثل دور قوة مؤثرة في المنطقة ماليا او عسكريا.
الاغلاق ، يعني بصراحة ، ان يعيش الوطن، مثل بقية الاوطان، (لا داعي ولا مندعي)، يبني ويعمر، وينعم اهله بثرواته ، ويعم الأمن والطمأنينة ارجاءه، ويحيى من على ارضه على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات.

أحدث المقالات