لن ينخدع الشعب بالمؤتمرات ولا بلجان التحقيق التي تشكلونها بين مدة وأخرى ، ولن تفيدكم التصريحات الرنانة بمحاربة الفساد والقبض على الفاسدين أو إستعادة الأموال المهربة ، فنحن نعلم أن هذا كله هو هواء في شبك ، لأن العملية برمتها مبنية على
توزيع الحصص والغنائم بين الشركاء وليست عملية بناء سياسي جديد كما يصفها البعض أو يحبذ تسميتها .
فمنذ ثمان عشر سنة والبلاد في فوضى والإرهاب يتزايد والفساد يتفاقم والأرض العراقية تموج باللاعبين الدوليين و الأقليميين الذين حولوا العراق إلى مجرد سوق لمنتجاتهم أو ساحة لأجنداتهم ، فيما تحولت كثير من القوى العراقية إلى قوى منفذة للأوامر الخارجية وبعيدا
عن أي عمل يخدم الوطن والمواطن .
ومع وجود بناة النفوذ العائلي والحزبي والعشائري تحول العراق إلى إقطاعات سياسية وأقاليم عائلية ليس للمواطن فيها أدنى كرامة أو قيمة ، أما تنفيذ مشاريع الإعمار والخدمات فلم يعد مبنيا على خطط تضمن المساواة والعدالة بل على إرادة و نشاط هذا الزعيم أو ذاك أو
على مفاضلته بين أخذ المال لنفسه أو صرفه على الإعمار والخدمات إن وجد أن ذلك مهما أو يخدم تطلعاته ، هذا فضلا عن التأثيرات الأخرى كالفساد العام والفشل السياسي وتقديم المصالح الخاصة على المصالح العامة .
وفي واقع كهذا علينا نحن المواطنين العاديين أن نسأل أنفسنا : ماذا علينا أن نفعل ؟ هل نتركهم يسرقون أموالنا وأحلامنا في غد أفضل ؟ هل نسكت عن هدر حقوقنا وخداعنا بالمشاريع الوهمية أو السطحية ؟ أم علينا أن نواجههم ونقول لهم كفى لم يعد بمقدورنا أن
نتحمل تجاهلكم لحقوقنا وإستهانتكم بإنسانيتنا ، فهذا البلد ليس بلدكم وحدكم حتى تتحكموا لوحدكم بمصيره ، وهذه الأموال ليست أموالكم الخاصة حتى تصادروها أو تصرفوها كما تشاؤون ، بل هي أموال الجميع وللجميع حق فيها .