26 ديسمبر، 2024 1:25 م

دائما ما نسمع بأن فلانا عصبي وسريع الغضب بل يقال عنه بأنه كتلة من أعصاب يصعب التفاهم معه!، والعصبية قد تظل في آحايين كثيرة ملازمة لصاحبها طيلة حياته وحتى الى مماته، ولذا قيل في أمثالنا الشعبية( الطبع اللي بالبدن ميغيرة ألأ الجفن). حفظكم الله من كل سوء وأطال الله أعماركم.
والعصبية طبيعة تدخل ضمن ما يكتسبه الأنسان من طبائع وصفات كثيرة من والديه جسدية كانت أم نفسية أم عقلية وحتى صحية، والبعض يرى العصبية بأنها مرض حالها حال الكثير من الأمراض، بل لربما اكثر خطرا!،
لكونها تورث لصاحبها الكثير من المصاعب والمهالك والمصائب وتوقعه في الكثير من المواقف المحرجة. ولكن دائما ما يكون الشخص العصبي طيبا في داخله وسرعان ما يندم على ما صدر منه من أنفعالات لحظة الغضب لذا يوصف العراقييون بالطيبة رغم سرعة غضبهم وعصبيتهم المفرطة.
والشخص العصبي طالما يضيع حقه حتى لو كان هو صاحب الحق!، والعصبية تورث صاحبها الندم وهي نقيض الحلم ولذا يوصي الأمام علي (ع) في أحد أقواله على ضرورة التحلي بالحلم بالقول(أن لم تكن حليما فتحلم) أي تعلم الحلم.
ومن الطبيعي أن حياة الأنسان اليومية والبيئة التي يعيش بها والناس الذين يتعامل معهم والمجتمع بشكل عام له أثر كبير في جعل الشخص عصبي المزاج ثائرا حتى على أتفه الأسباب أو بالعكس من ذلك تجعل منه أنسانا هاديء الطباع،
فمثلا لاتوجد مقارنة بين الشخص الدنماركي أو النرويجي أو السويدي وبين العراقي من ناحية الشخصية والطباع فأثر الحياة والبيئة يظهر واضحا على كلا الشخصيتين ، وكثير ما نسمع عبارة(هنيالة شكد بارد) بشيء من التعجب، وهي تأكيد على عصبية العراقيين، لكونها صفة تلازم غالبيتهم.
أما الشعوب في المجتمعات والدول الأوربية المتمدنة والمتحضرة نراهم هادئي الطباع والأعصاب والمزاج لكون حياتهم أساسا هادئة وغير معقدة وأمور معيشتهم اليومية منظمة ومرتبة وتسير كالساعة كما يقال،ولكونهم لا يعيشون حالة من الخوف والقلق من غدهم وما يخبأه لهم!.
فكل شيء يحيط بهم يتسم بالهدوء والأستقرار والسكينة والجمال من مساحات خضراء وحدائق غناء ومتنزهات جميلة ونافورات المياه وملاعب ونوادي ونظافة مستمرة حتى لا تجد عود ثقاب أو عقب سيكارة مرمي على الأرض،
أضافة الى البشر الذين تطفح وجوههم بالبشر والجمال وأناقة الملبس ولا تفارق وجوههم الأبتسامة والأهم لا يوجد لديهم سياسيون وصحف وفضائيات تستفزهم وتثير أعصابهم ليل نهار كما موجود عندنا، والأهم من كل ذلك تقودهم حكومات وطنية نزيهة وسياسيين شرفاء!!.
وكثير ما نسمع عبارة(يا اخي أتعوذ من الشيطان وأذكر الله وهدي أعصابك شوية) في الأسواق في الشارع في وسائط النقل،
ولكن بربكم كيف تهدأ أعصابنا وكيف تهدأ نفوسنا وسط أنقطاع الماء والكهرباء في عز الصيف العراقي اللاهب أضافة الى فوضى الحياة وأضطرابها وصخبها منذ خروجنا من البيت لتبدأ فوضى الشارع وكراجات النقل وزعيق السواقين وهوستهم
أضافة الى مطبات الشوارع وكثرة الحفريات وزحام المرور وكثرة السيطرات غير المجدية ومنظر الأزبال المكدسة أينما ولينا وجوهنا وروائح المجاري الطافحة التي تزكم الأنوف وخاصة في هزيع الليل.
حتى تصل الى مكان عملك لترى نفس وجوه المنافقين والمتملقين والفاسدين يمرحون ويسرحون، وهم من يتسيدون مفاصل العمل ولهم كلمتهم المسموعة لدى رئيس العمل لأنهم الأقرب له وعنده بسبب نفاقهم وفسادهم ولأنه هو يقف على رأس الفساد والفاسدين!!.
ناهيك عن أجواء الرعب والخوف والقلق الذي صار جزء من حياتنا اليومية منذ الحرب العراقية الأيرانية في ثمانينات القرن الماضي ولحد الآن.
أضافة الى أخبار الفضائيات المملة والمقرفة وتصريحات المسؤولين والسياسيين الكاذبة التي تزرع في نفوسنا اليأس والأحباط والخوف والترقب بأن قادم الأيام لا يحمل أية بشائر للخير!.
ومن الطبيعي أن الحكومة والسياسيين في أي بلد لهم دورهم الكبير والمؤثر في جعل حياة شعوبهم جحيما لا تطاق أو ربيعا دائما!،
وقد يتفق معي الغالبية العظمى من العراقيين أن حكومتنا و ساستنا هم أساس بلائنا وبلوانا وما نحن فيه من عيشة وحياة مضنية قلقة مضطربه منذ عام 2003 تحديدا، فالحكومات وسياسيوا البلد هم الذين يصنعون الحياة الحلوة والسعيدة والمستقرة لشعوبهم،
فلا تلوموا أنفسكم أن فقدتم أعصابكم في لحظة، ولا تلومونني أن فقدتها أنا أيضا في لحظة قهر وألم وأضطراب نفسي بسبب صخب الحياة اليومية التي نحياها والتي أعبرعنها في بعض الأحيان عند كتابتي لهذا المقال او غيره!.
فما مر بنا من ظروف سياسية وأمنية وأجتماعية وأقتصادية وحروب وحصار(بدأت منذ ثمانينات القرن الماضي، الحرب العراقية الأيرانية )، وما نمر به(من عام 2003 تحديدا والى الآن) من وضع لا نحسد عليه وما ينتظرنا من مجهول في قادم الأيام قد يدفع البعض منا الى الجنون هذا أذا ما دفعتنا مثل هذه الظروف الى الأنتحار للخلاص من هذه الحياة التعيسة! ،(أزدادت نسبة الأنتحار في العراق في السنوات الأخيرة ومن بعد عام 2003 وتحديدا محافظات الوسط والجنوب وأقليم كردستان بشكل ملفت للأنتباه وحسب البيانات الصادرة من الجهات المختصة، فلن يمر شهر ألا وتسمع خبر عن حالة أنتحار!).
ثم جاء موضوع العقوبات الأمريكية على أيران ليضغط على أعصابنا ومشاعرنا وأحاسيسنا، ويزيد من قلقنا أكثر!، بسبب الوجود الأيراني القوي في العراق وسيطرتها وتدخلها وتغلغلها في جميع شؤون الحياة العراقية السياسية والأمنية والعسكرية والأجتماعية والأقتصادية والدينية، وبشكل واضح ومعلوم ليس لدى العراقيين فحسب بل لدى العالم أجمع !.، حتى شعر البعض بأن العقوبات الأقتصادية الأمريكية على أيران والتي بدأ تنفيذها يوم 8/8/2018 ستكون تداعياتها وأنعكاسها على العراق أخطر وأكبر وأكثر حتى من أيران نفسها!.
سأل أحد الصحفيين امبراطور اليابان( أوكوهيتو يوهارا) عن سبب تقدم اليابان في هذا الوقت القصير( المقصود منذ أنتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 ) فأجاب: لقد اتخذنا الكتاب صديقا بدلا من السلاح وجعلنا العلم والأخلاق قوتنا وسندنا وأعطينا المعلم راتب وزير وحصانة دبلوماسي وجلالة أمبراطور.
واخيرا نقول: بهكذا سياسيين وبهذه العقول الجبارة والنفوس الطيبة والروح الوطنية العالية تبنى وتسعد الأمم والشعوب. فأين سياسيينا وحكامنا من هؤلاء!. اللهم أنزل سكينتك علينا وهديء من روعنا وأعصابنا وأرحمنا مما نحن فيه فأنت أرحم الراحمين.

أحدث المقالات

أحدث المقالات