كانت الزيارة الاربعينية منذ زمن النظام السابق محطة من محطات الاسى بالنسبة لمن يقع في ايدي رجال النظام البعثي وكان الضحايا في كل عام تزداد عاما بعد عام فمنهم من يلقى حتفه ومنهم من يتلقى التعذيب ثم السجن ولا يخرج احد دون ان ينال نصيبه من الاذى .
وبعد انقضاء تلك الايام السوداء من الظلم البعثي جاءت بشائر التغيير بمزيد من الانفتاح في الذهاب الى كربلاء وكان العجب ان يبقى الذهاب الى الزيارة له نفس الضريبة السابقة.
وقد شهدت الزيارة تطورا على كل المستويات منذ الزيارة الاولى التي حصلت بعد التغيير مباشرة الى ان وصلت الحال الى هذه السنة الجديدة التي تشهد حضورا منقطع النظير .
وكان الاختلاط الذي يحصل في هذه المناسبات محط انظار الفقهاء من الناحية الشرعية كما ان الوضع الذي عليه الزوار يكون منظورا ايضا من ناحية الارشادات الشرعية .
ومن الطبيعي ان تصدر في كل عام بيانات من قبل المراجع تخص التجمعات البشرية في هذه الزيارة العالمية تتضمن عدد من الامور الخاصة بمثل هذه الاوضاع ولم يكن هناك ما يدعو لاكثر من ذلك .
وعندما حصل التلاقح الفكري بين القنوات الفضائية صار هناك تاثر مفاجيء من الطرفين لم يكن محسوبا ولا متوقعا وكان الحجم الاكبر من التاثير في الجانب الاخر حتى ان لعنة الفضائيات كانت تلاحقهم في كل مكان حتى ان المتعصبين من ابناء بلاد الحرمين عندما يسمعوا بطرح ضد الشيعة يحجموا عن اطالة الكلام وعندما يسالون يقولوا ان العلماء الشيعة لم يتركوا لنا يقينا نعتمد عليه في حديثنا معهم فقد افسدوا ديننا بشبهاتهم ولم يتركوا لنا شيئا نستند عليه.
واصبح الشيعة هم الرابح الاكبر من هذا الانفتاح فقد حاول المغرضون ان يستروا الحقيقة عن الجميع الا ان الاعلام الشيعي بدد ظلام المدلسين .
ولكن كان هناك بعض الشيعة الذين تاثروا بطريقة سلبية فصار همهم ان يظهروا انفسهم ابرياء من كل ما يحصل من اخطاء بشرية اثناء تجمع الزائرين مع ان الامر لا يختلف كثيرا عما يحصل في اي تجمع انساني كالحج وغيره من التجمعات البشرية , وعندما بدات قنوات الفتنة بالحديث عما يقع من اخطاء مفترات على التشيع كان هناك من يسمع لهذا الخطاب ويريد ان يبدو بمظهر البريء من كل هذا الطرح المريض …
وفي العام الماضي وبينما كنت اسير في طريق كربلاء توقفت سيارة ونزل منها عدد من الاشخاص وقالوا انهم يريدون ان يسجلوا معي مقابلة ومن خلال الاسئلة التي طرحت علي تبين لي بصورة واضحة انهم سلفية بثياب الشيعة فقد كانوا يريدون ان يثبتوا كل الاتهامات السلفية للشيعة في هذه الزيارة فقد كان واضحا كيف ان السائل كان يريد اعترافا مني بان الحجاب ليس بالمستوى المقبول وان الانضباط ليس كذلك وان الصلاة لا تصلى في وقتها وهكذا ….
الا ان المنصف يرى بوضوح ان النساء اثناء الزيارة يلتزمن بلبس النقاب بالرغم من عدم كونهن من المنقبات وهذه احدى الظواهر المهمة في هذه الزيارة والمواكب تنادي بالالتزام بالحجاب تذكيرا وبالصلاة وبالنظافة ,كما ان عددا من الشباب تطوعوا للقيام بتنظيف الشوارع التي تنالها اثار المرور واستعمال الاماكن لتناول الطعام مع ان هذا يحصل في كل بقاع العالم وتكون هناك فرق خاصة بازالة اثار الاحتفالات والمهرجانات مع ان هذا هو عمل الدولة وليس عمل الافراد.
وصار دور المتاثرين من الشيعة كدور السلفية في تاكيد القضايا الوهمية وتصويرها بغير حالها اللائق بها , ومع الاسف ان ينزلق خطاب التشيع الى هذا المستوى الذي اسس له الدليمي في قناته وردده معه مغفلونا فصاروا اعداء لانفسهم من حيث لا يشعرون …