مخطط التقسيم كان يسير بوتيرة متصاعدة, فسار بخطين متناغمين, الأول نمو مخيف لخلايا داعش, في المناطق السنية بالتحديد, مع تواجد حكومة ضعيفة, وفساد ينخر جسدها, مما يعني قرب إعلان ساعة الصفر, فانطلق المولود الجديد (داعش) من حواضنه, وتخاذل الجيش نتيجة خيانة قادته, وفساد التسليح, فسقطت الموصل وتكريت بزمن قياسي, نتيجة تكامل نمو داعش في حواضنه, وكاد يتجه الإرهاب لابتلاع بغداد, لولا فتوى المرجعية الصالحة, بإعلان الجهاد الكفائي, فهب الحشد الشعبي يلبي نداء المرجعية, التي أوقفت المد البربري.
بعد تحرير تكريت, أحدى أهم قلاع الدواعش في العراق, ظهرت بعدها عاصفة شرسة, محملة بغيوم غريبة, تنذر بانقلاب الصورة.
شن تنظيم داعش الإرهابي أخيرا, هجوميين, الأول على مصفى بيجي, وتسبب بإحداث فزع كبير بعد انجاز التحرير, والأخر على منطقة البو ألفراج, بعمليات قتل وبالجملة لأفراد العشيرة, في ظل تساؤلات حول دور وإجراءات طيران التحالف الدولي, في صد الهجوميين, بحيث أصبح عناصر التنظيم المجرم, يقاتلون من الشوارع المجاورة للمقار الرئيسية, للقوات الأمنية والدوائر الحكومية الأخرى في الرمادي, فماذا الذي يحصل, وإلى أين تتجه الإحداث؟
نجد أن الإحداث المفاجئة, جاءت مع توقيت زيارة ألعبادي لواشنطن, مما يدفعنا للاعتقاد بوجود عامل سياسي دولي وإقليمي, يدفع بالأمور للتطور السلبي, للتأثير على ألعبادي وما يحمل من أوراق تفاوضية, خصوصا إن تسريبات سبقت ألعبادي, من انه سيناور بالورقة الإيرانية, بحثا عن تسليح وتدريب, وكما هو معروف إن خيوط داعش بيد أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية, بالإضافة لتحريك الدمى المحلية من ساسة منافقين, ضد الحشد الشعبي, وصولا إلى تحييد دورهم بعد الانتصار, فكانت النتيجة عودة هجمات الدواعش.
عودة هجمات داعش باعثها أمر مهم, إلا وهو الترويج لفكرة خبيثة, مؤداها إن الانتصار الدائمي لا يتحقق, إلا بوجود التحالف الدولي, الذي تقوده واشنطن, فيتحول الرأي العام, من الإشادة بالقدرات العراقية التي حققت انتصارات كبيرة بظرف قياسي, عجز عن تحقيقها التحالف منذ أشهر,إلى نظرة تشاؤمية, لذلك جاءت الفرصة للتشكيك بالعراقيين, ودورهم الأخير, عبر التخطيط والتمويل والدفع بالدواعش, لتحقيق شيء على الأرض, ينسف انتصارات الأمس المدوية.
أمريكا تخطط إلى البعيد, حيث معركة الفلوجة والموصل, فهي من ألان تضغط كي تكون المعركتين لها, لتضع عليها بصمتها, فهي راغبة جدا بتحقيق نصر ما على الأرض, فتعمل على تهميش كل الانتصارات التي حصلت من دون مشاركتها, خصوصا إن الانتصارات السابقة, كانت ببصمة إيرانية, نتيجة جهودها في المشورة والدعم الكبير, والذي تكلل بنجاح مشهود, مما اثأر حفيظة الإدارة الأمريكية.
الطموح الأمريكي لا ينتهي إلا بتدمير المنطقة, وتحويلها لكيانات ضعيفة, وهذه حلقة من حلقات تحقيق طموح الأمريكي الشاذ.