عندما يفقد شخص أحد أطرافه لأي سبب كان، فأول ما يتبادر الى ذهنه سيكون تعويض هذا النقص، والقيام بتركيب طرف صناعي.. وغالبا هذا الطرف لن يستطيع ان يعوض الطرف الأصلي الذي فقده، لكن لا حل بديل للتعويض عما فقده، ويعتبر هذا التصرف طبيعيا، لأي شخص يتعامل مع واقعه الجديد.
لو قام شخص كامل البنية، لا ينقصه شيء، بقطع طرف من اطرافه من اجل ان يركب طرفا اصطناعي، حتما سيكون تصرفه غير عقلانيا، وسيعتبر الجميع ما قام به جنونا.
ان ما يمر به بلدنا، يشبه الحالة الثانية تماما، فبالرغم من توفر كافة مقومات النجاح لهذا البلد، من موارد بشرية وطبيعية، تجد هناك من يحاول ان يجعل منا شعبا معوقا.. فيأتي ويربط لنا أطرافا إصطناعية، ويصنع لنا الفكر الذي يخدم مشروعه، وبذلك يضمن بقاءنا منشغلين بأنفسنا وما نعانيه من عوق من ناحية، وبقاء البلد مستندا عليه، ليستطيع إبتزازنا بين الحين والأخر، من خلال تلويحه برفع اليد عنا إن خالفناه من ناحية اخرى.
ربما البعض ذهب ابعد في محاولة اقناعنا بأنا معوقين ولا نستطيع المشي من دونه، وأننا سنسقط متى ما رفع يده عنا، ليحاول ان يجعل منا معوقين فكريا.
يعتقد البعض انا نتحدث عن دول، لكن الحقيقة انا نتحدث عن أحزاب وحركات داخل العراق، استغلت مظلومية شعب، فأخذت ترقص على تلك المظلومية، فراحت تدق إسفين التفرقة مرة من خلال استخدام البعد الطائفي، وأخرى القومي، وثالثة الديني، حتى تحولت غولا، وأمست مافيات وعصابات تقتل كل من تعتقده خطرا عليها.
أصبح لهذه العصابات القدرة بأيهام العراقيين ان اطرافهم مقطعة، ولا سبيل لهم سوى الاعتماد عليهم, لمنع افتراسهم من الوحش الوهمي الذي رسموه لهم, بالرغم من ان للعراق اطرافا قوية وثابتة لن يستطيع احد قطعها.
ما يحتاجه العراقيون وجود شخص يريهم بأن تلك العصابات فاسدة، ويعمل على أبعادهم عنها، ثم يقول لهم أنظروا أنتم تقفون على قدميكم من دون هؤلاء الفاسدين، فأطرافكم سالمة.
نعتقد ان رئيس الوزراء يستطيع ان يلعب هذا الدور, بالخصوص أنه اعطي الضوء الأخضر من المرجعية ولو سكوتا دالا على الرضا.. والكتل السياسية لن يكون امامها سوى الرضوخ والقبول, بتقديم الفاسدين للمحاكمة, لتبيض صفحتها السوداء, إلى أن تعيد ترتيب أمورها مرة أخرى.
هل يفعلها رئيس الوزراء, ام يضيعها كما فعل سابقه, عندما طلب منه الضرب بيدا من حديد؟
٢٠١٨٠١٠٥_١٢٣١٢٨.jpg