كم كان متألماً و هو يقص لي حكايته مع عالم الادوية و الاطباء حيث أن أختصاصه الكيميائي جعل منه خبيراً بهذه التركيبات و المصطلحات و اسماء الشركات و تأثير الادوية الجانبية على جسم المريض و هذا ما دعى صديقه يعرض عليه العمل كمندوب لأحدى شركات الادوية الالمانية الرصينة مقابل راتب شهري مغري فوافق على الفور و أختار أول طبيب ليعرض عليه بضاعته وكان طبيباً معروفاً و مراجعيه يحجزون قبل ايام فأخذ منه موعداً للقاء و عرض عليه بضاعته مرفقة بعروض مغرية اذا صرف منها كمية جيدة العرض الاول مجموعة من أجهزة الموبايل الحديثة و الثاني سفرة ترفيهية الى أنطاليا في تركيا و الثالثة سيارة حديثة ، فقال الطبيب : زوجتي ليس لديها موبايل .. ( أبشر ) …
طلب الطبيب من صديقي عبوتين كاملتين ففرح كثيرا فلم يتوقع ان يشتري منه اول زبون هذه الكمية و لكن يبدو ان العروض كانت مغرية أما تصريفها فهي مشكلة الطبيب و قد عرف انه يبيع العلبة الواحدة بسعر 14000 الف دينار رغم انها تكلفه دولاراً و ربع فقط و لكن تبقى الاسعار خاضعة لضمير الطبيب !! .. يقول صديقي بعد ايام اتصل بي نفس الطبيب و طلب مني عبوات اخرى تفاجـأت بطلبه معقولة أستطاع تصريف الكمية عنده !! أحضرت له الكمية فطلب مني العرض الثاني الذي هو سفرة الى تركيا و كان له ما اراد ….
يكمل صاحبي حكايته .. بعد فترة من العمل الناجح في هذا المجال رغم انه لم يكن كل الاطباء مثل صاحبنا الاول ، وفي أحد الايام وجدت أمي متوعكة و تعاني من الآم شديدة في عظامها فاستفسرت منها عن حالتها و قد كانت تراجع نفس الطبيب (صاحبنا ) لأنه الاشهر في مجاله فتبين أنه أعطاها نفس الدواء الذي بعته له رغم انها لديها هشاشة في العظام و هذا الدواء يؤذي حالتها فصرخت كيف يعطيكِ هذا الدواء الا يعلم بضرره على العظام !! و لكني تذكرت العروض و علمت ان طبيبنا الهمام كان يصرف هذا الدواء لكل من يراجعه بغض النظر عن حاجة المريض له من عدمها و كانت أمي أحدى الضحايا . بعد هذه الحادثة أتخذ صديقي قراراً بالتوقف عن العمل في هذا المجال الذي يقتل فيه الابرياء من أجل أن يتمتع الاطباء ( شعب الله المختار) و عوائلهم في تركياو غيرها أما (المكاريد) فعلاوة على الامراض التي تترصد بهم عليهم دفع ثمن هذه المتع و الوقوع ضحية لثقة و أمانة لا يستحقها الكثيرون ممن جردت الانسانية من قلوبهم و باتوا وحوشاً بلباس ملائكة ، و دمتم سالمين .