22 نوفمبر، 2024 2:54 م
Search
Close this search box.

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد(80)

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد(80)

مسألة (22)يثبت الاجتهاد والعلمية أيضاً بالعلم والاطمئنان والوثوق والبينة وبخبر الثقة أو العدل مع حصول الوثوق الشخصي بقوله.
————————————————
هذه المسألة تشبه المسألة السابقة (مسألة 21) عدا الأمر الرابع لأنه يختص بالعدالة.
وقلت فيما سبق أن هذه طرق الإثبات الوجداني والإحراز التعبدي المعتمدة في الشريعة. إن هذه المسألة تؤكد ما قلته فيما سبق بأن شرائط مرجع التقليد ينبغي إحرازها من قبل العامي.
وحيث أن الشريعة شريعة ميسرة فلم تقتصر في الإحراز على القطع بل توسعت إلى أكثر من ذلك وهذا ما عبرّ عنه الأصوليون بالإحراز التعبدي (الحجة الشرعية).
فالاجتهاد والأعلمية هما أيضاً من شرائط مرجع التقليد بحيث تتوقف صحة الأعمال عليهما كما سمعنا من المسائل السابقة.
والمحصلة، أن الاجتهاد والأعلمية تُحرز بالعلم والاطمئنان والوثوق والبينة وبخبر الثقة
أو العدل مع حصول الاطمئنان الشخصي بقوله وهي نفس الأمور الثلاثة في المسألة السابقة فلا حاجة إلى تكرار ما قلته. ولكن، يمكن جعل المسألة السابقة قرينة على هذه المسألة وكما يلي:
أولاً: العلم والاطمئنان والوثوق ويمكن تحصيلها بالاختبار أو التواتر أو الشياع والشهرة. وهنا ينقدح سؤال من هو الذي يختبر؟ وعلى أي أساس يحصل التواتر والشياع؟
بطبيعة الحال أن الذي يقوم بالاختبار لا بد أن يكون من أهل العلم والخبرة بالاجتهاد والاستنباط.
وليس أي شخصٍ وهذا لا يحتاج إلى نقاش, والقدر المتيقن من أهل الخبرة هم المجتهدون وكذلك يمكن أن يندرج تحت هذا العنوان الفضلاء القريبون من الاجتهاد يعني في طريقهم إلى نيل الاجتهاد.
إن الاختبار لابد أن يشمل جميع الفقهاء المجتهدين المتصدين للمرجعية.
فإن حصل العلم فقد ثبتت الأعلمية والاجتهاد لهذا الشخص الذي قام بالاختبار وكذلك إذا حصل الاطمئنان بل، حتى الوثوق.
وقد يحصل للفرد العامي أيضاً علم أو اطمئنان أو وثوق بدون اختبار بل من خلال تواتر الأخبار من أهل العلم أو الشياع و الشهرة..
لأن تعارض البينة يكون سبباً لتساقطها. فإن حصل الاطمئنان كان حجة على صاحبه وكفاية الاطمئنان بعد سقوط البينة بسبب تعارضها. هذا ما يذهب إليه السيد محمد الصدر ((قدس))
فالمهم هو حصول العلم أو الاطمئنان أو الوثوق سواء كان بالاختبار أو غيره فعلى سبيل المثال أن الذي يلاحظ تفرد السيد محمد الصدر ((قدس)) في مستعصيات الفقه يحصل له علم أو اطمئنان بأعلميته حتى قول السيد محمد الصدر وشهادته بأنه هو الأعلم إذا أوجبت الاطمئنان كانت كافية في ذلك.
إن مسألة اجتهاد وأعلمية السيد محمد الصدر ((قدس)) مسألة غير خافية لكل منصف يخشى يوم الحساب الأمر الذي جعل الحي الجامع للشرائط يصرّح بحق السيد محمد الصدر في ذكرى استشهاده حيث قال: السيد الحائري((دام ظله
)):(أن السيد محمد الصدر مجتهداً جامعاً للشرائط ) .
ونحن نعلم أن السيد الحائري يشترط الأعلمية في مرجع التقليد وتحليلاً لكلامه فإنه يقول: أن السيد محمد الصدر هو الأعلم وهذه الشهادة لوحدها كافية لوجوب البقاء على تقليده.
ثانياً: البينة : في هذه المسألة السيد محمد الصدر ((قدس)) ذكر مصطلح البينة.
أما في المسألة السابقة فقد قال هناك: (شهادة عدلين).
فالبينة هي شهادة عادلين وهذه نقطة قوة في أسلوب ومنهجية السيد محمد الصدر ((قدس)) في عرض المسائل.
فمثلاً لو قامت شهادة عادلين من أهل الخبرة فهي حجة على من يسمعها.
وينبغي أن يكون أهل الخبرة ممن اطلع على فقه وأصول المجتهدين المتصدين كأن يكون قد درس عندهما في البحث الخارج، أو اطلع على بحوثهما الاستدلالية في الفقه والأصول هذا في الأعلمية أما في الاجتهاد فأنه ينبغي أن يطلع على البحث الاستدلالي في الفقه والأصول أو يدرس عنده حتى تكون الشهادة بالاجتهاد عن علم أو حجة شرعية. وكذلك الأمر بالنسبة للأعلمية.
وكذلك ينبغي أن لا تعارض البينة بينة أخرى فإن النتيجة هي التساقط والشيء المهم في البينة هو عدالة الشاهد بمعنى أنه ليس فاسقاً ولا مجهول الحال .

ثالثاً: خبر الثقة أو خبر العدل مع حصول الشخصي بقوله بمعنى: أن يشهد العدل الواحد بالاجتهاد أو الأعلمية فيحصل وثوق شخصي بقوله. وكذلك الأمر بالنسبة لخبر الثقة أن أوجب الوثوق الشخصي كان حجة على من حصل له الوثوق دون غيره. وهذا الأمر هو تطبيق لما يذهب اليه مشهور المتأخرين من الأصولين بما فيهم الشهيد محمد الصدر (قدس), فهم يذهبون الى أن الشبهة الموضوعية تحرز بخبر الثقة الواحد ومسالة الإجتهاد والأعلمية تحرز بخبر الثقة لأنها شبهة موضوعية بمعنى أن أتصاف زيد من الناس بالاجتهاد والأعلمية هي شبهة موضوعية أما الشك بشرطية الأجتهاد أو الأعلمية فهي شبهة حكمية تواجه الفقيه المجتهد.
بقي الإشارة الى شئ في غاية الأهمية وهو أن مقتضى الإطلاق هو التعويل على شهادة العادلين أو العدل أو الثقة سواء كان من أهل الخبرة أم لا, ولا شك إن مقدمات الحكمة لهذا الإطلاق تامة وهي ثلاث مقدمات ( أن يكون المتكلم في مقام البيان وأن يستطيع التبيين وأن لا يقيّد كلامه) والسيد لم يقيد البينة (شهادة العدلين) بقيد أهل الخبرة وكذلك الحال في العدل الواحد لم يقيده بأهل الخبرة وبطبيعة الحال فإن السيد الشهيد محمد الصدر كان في كلامه يريد الأطلاق وليس التقييد بأهل الخبرة وهذا يمثل رأيه فهو يختلف مع الفقهاء في هذه المسألة…
ويؤيّد هذا الإطلاق ما جاء في تعليقة السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) على الفتاوى الواضحة /الجزء الأول/ التقليد/ صفحة 125/فقرة رقم (6) /الهامش /تعليقة رقم(2) حيث قال في التعليقة ما نصه :
( لا دخل للأجتهاد ولا للفضيلة في صحة الشهادة,بل كل عادلين إذا شهدا بالأعلمية بنحو الجزم فإنها تثبت. كل ما في الموضوع أن شهادة الأفاضل تكون بالحس, لأنهم عالمين بالمباشرة بمقدار علم الفقهاء, وأما غيرهم فتكون شهادتهم بالواسطة, إلا أن هذا كافٍ للعادل إذا حصّل العلم بالأعلمية وشهد به.) إنتهى
وهذا الكلام يؤيّد ويؤكّد الإطلاق في هذه المسألة بطبيعة الحال..
وللحديث بقية إذا بقيت الحياة…

أحدث المقالات