18 ديسمبر، 2024 8:33 م

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد(18)

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد(18)

مسألة (3) الأحوط ترك طريق الاحتياط في عموم المسائل والاختصاص بطريقي الاجتهاد والتقليد، لكن الاحتياط في بعض المسائل جائز سواء اقتضى التكرار أم لا لكن يلزم المكلف معرفة ما هو الأحوط شرعاً.
—————————————————————————-

وهنا لابد من تسليط الضوء على عدّة أمور:
الأمر الأول: بيان بعض المسائل التي يجوز فيها العمل بالاحتياط.

الأمر الثاني: بيان الأسباب التي دعت السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) في المنع عن العمل بطريق الاحتياط في عموم المسائل.

الأمر الثالث: بيان كيفية معرفة ما هو الأحوط شرعاً.
**********************
الأمر الأول: في بيان بعض المسائل التي يجوز فيها العمل بالاحتياط, وسأتكفل بذكر أربع موارد يكون فيها الاحتياط جائزاً ، وسيتضح من خلالها شكل ونوع هذا الجواز:

المورد الأول:
*********
مسألة (10) من نفس الكتاب، حيث جاء فيها ((….ويحتاط وجوباً في مدّة الفحص….)).
أن المكلف في مدة الفحص لا يجوز له التقليد وخاصة إذا كان التقليد لأول مرة، بمعنى أنه غير مسبوق بتقليد,
فالمكلّف العامّي لا يجوز له التقليد إلاّ بعد إتمام عملية الفحص، وتشخيص المجتهد الجامع للشرائط،
والعامّي لا يمكنه أن يعمل بطريق الاجتهاد، ففي هذه الحالة وخلال فترة الفحص يحتاط وجوباً ، أي أنه يعمل بطريق الاحتياط؛ لأنه الطريق الوحيد المفتوح أمامه،
وهنا يتضح إن الاحتياط جائز في بعض المسائل، وهذا الجواز على نحو الوجوب، وحتى لو كان لهذا العامّي مرجع تقليد ميت، فإن العمل بالاحتياط يكون على نحو الوجوب التخييري،
وسيأتي في مسألة (10) بيان وشرح هذه المسألة…

المورد الثاني:
**********
في مسألة (16) من نفس كتاب الاجتهاد والتقليد، حيث جاء فيها:
((إذا تردد المجتهد في الفتوى أو عدل عن الفتوى إلى التردد فإن الاحوط العمل بالاحتياط)) ومن المعلوم أن هذه الفتوى بالاحتياط بوجوب العمل بطرق الاحتياط في كل موارد التردد وهذا الأمر،
وهذا التردد معناه أن طريق لاجتهاد مُغلَق في هذه المسألة أو في كل مورد من موارد التردد، وبطبيعة الحال أن طريق التقليد يتأثر بطريق الاجتهاد، وبالتالي فإن طريقي الاجتهاد والتقليد لا يمكن العمل بهما في هذه الحالة (حالة التردد)،
ومن هنا ينفتح طريق الاحتياط بمعنى الجواز على نحو الاحتياط الوجوبي، وسيأتي في شرح هذه المسألة مسألة(16) تفصيل ذلك.

المورد الثالث:
*********
في حال تعذر معرفة فتوى المرجع من قبل مقلده ، فإن تكليفه هو العمل بالاحتياط ، وليس العمل بفتوى المجتهدين الآخرين، ويكون العمل بالاحتياط هنا جائز على نحو الوجوب.

المورد الرابع:
*********
وهذا المورد لا يلتفت إليه الكثير من أساتذة مادة الفقه، ولا أقصد بذلك الفقهاء المجتهدين..
وهو التكليف قبل فترة الفحص، بمعنى أن المكلّف على أي الشرائط يفحص، خصوصاً إن بعضها محل خلاف كالحياة والأعلمية، فهو تكليف ما قبل الفحص،
وهنا أيضاً ينفتح باب العمل بالاحتياط، فيكون تنجز الشرائط بسبب الاحتياط وليس التقليد أي تكون الكلمة الفصل في الشرائط الخلافية في فترة ما قبل التقليد هو أختيار الشرط على عدم الشرط بناءاً على أن في مورد دوران الأمر بين التخيير والتعيين فإن الإحتياط يقتضي العمل بالتعيين والإشتراط هو مصداق للتعيين وعدم الإشتراط هو مصداق للتخيير.

ومن خلال هذه الموارد الأربعة اتضح أن جواز الاحتياط في بعض المسائل كان على نحو الوجوب، وهذا يؤكد على أن المُراد من كلمة “جائز” هي بالمعنى الأعم أو قل أنه من الأمور التي إن جازت وجبت.
وللحدیث بقیة إذا بقيت الحياة….