19 ديسمبر، 2024 1:15 ص

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد – 74

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد – 74

مسألة (18) : إذا قلّد مجتهد وعمل على رأيه ثم مات ذلك المجتهد فعدل إلى المجتهد الحي، فهل يجب عليه إعادة الأعمال الماضية مع وجود الخلاف بينهما؟ فيه تفصيل: فإن كان الميت هو الأعلم لم يجب شيء من القضاء والإعادة. وإن كان الحي أعلم وكان المكلف قد قلّد غير الأعلم غفلة وجبت عليه الإعادة في الوقت وأما القضاء فإن كان الإخلال بالجزء جهلاً موجباً للبطلان وجب وإلا فلا.
———————————————————————
في مسألة (12) مرّ علينا أنه في حال كون المجتهد فاقد للشرائط يجب العدول إلى من هو جامع للشرائط وأما الأعمال السابقة فإن عرف كيفيتها رجع بالاجتزاء بها إلى المجتهد الجامع للشرائط.
في هذه المسألة تفصيل لرأي السيد محمد الصدر((قدس)) في مصير الأعمال السابقة.
هنا يطرح السيد محمد الصدر((قدس)) سؤال:
(فهل يجب عليه إعادة الأعمال الماضية مع وجود الخلاف بينهما؟…) الأعمال الماضية كانت طبقاً لفتوى المجتهد الميت، فإن كان المجتهد الميت لا يخالف الحي الجامع للشرائط فب الفتوى يكون هذا السؤال بمنزلة السالبة بانتفاء الموضوع.
ولذلك نجد أن السيد الشهيد محمد الصدر((قدس)) قيّد السؤال بعبارة ( مع وجود الخلاف بينهما ) وهنا يعرض السيد صورتين:
الصورة الأولى: كون المجتهد الميت أعلم. وقد يخطر في البال سؤال كيف يجوز العدول من الميت الأعلم إلى الحي الجامع للشرائط؟
الجواب: أن السيد الشهيد محمد الصدر((قدس)) يفتي بجواز العدول من الميت الأعلم إلى الحي الجامع للشرائط. وإن كان البقاء أحوط استحباباً ..
أما المشهور فإنه لا يرى جواز العدول من المجتهد الميت الأعلم إلى الحي الجامع للشرائط، لأن المشهور يُفتي بوجوب البقاء على تقليد الميت الأعلم على اﻷحوط وجوبا.
فهذه الصورة مبنية على ما يذهب إليه السيد محمد الصدر((قدس)).
الصورة الثانية: كون المجتهد الميت غير أعلم وقد قلّده المكلف عن غفلة.
أما في الصورة الأولى فإن السيد يُذكر في هذه المسألة ما نصه
(؟ فيه تفصيل: فإن كان الميت هو الأعلم لم يجب شيء من القضاء والإعادة.) يعني أن الأعمال الماضية صحيحة لأنها مطابقة لفتوى الأعلم فهي مطابقة للحجة الشرعية.
أما في الصورة الثانية فهي التي تحتاج إلى شرح وتوضيح حيث ذكر السيد الشهيد محمد الصدر((قدس)) في نفس المسألة ما نصه(وإن كان الحي أعلم وكان المكلف قد قلّد غير الأعلم غفلة وجبت عليه الإعادة في الوقت وأما القضاء فإن كان الإخلال بالجزء جهلاً موجباً للبطلان وجب وإلا فلا.)
وقبل الخوض في الشرح أود توضيح المراد من الإعادة والقضاء:
الإعادة: هو إعادة العبادة في الوقت.
والقضاء: هو إعادة العبادة في خارج الوقت.
هنا في هذه الصورة يوجد أكثر من حكم:
1ـ حكم وجوب إعادة العمل في الوقت. ومثاله لو أنه مثلاً صلى صلاة الظهرين ثم مات المجتهد فعدل إلى الحي الجامع للشرائط وقد تبين إن المجتهد الميت غير أعلم ففي حال الخلاف بينهما يجب عليه إعادة صلاتي الظهرين في الوقت وعلى هذا المنوال نقيس على سائر العبادات وهو نادر الابتلاء والحدوث.
2ـ عدم وجوب القضاء إذا كان الإخلال جهلاً بالجزء لا يوجب البطلان. لأن هذه العبادة التي استندت إلى تقليد المجتهد الفاقد للشرائط تكون مخالفة لفتوى الأعلم فهي بمنزلة الجهل لأنها مخالفة للحجة الشرعية .
فمثلاً لو كان الميت غير الأعلم يُفتي بعدم وجوب السورة بعد الفاتحة والحي الأعلم يُفتي بوجوب السورة بعد الفاتحة وكان هذا المكلف يترك قراءة السورة بعد الفاتحة اعتماداً على فتوى المجتهد الميت ففي هذه الحالة يصدق عنوان الإخلال بالجزء جهلاً فإن أوجب الجهل بهذا الجزء البطلان وجب القضاء. وإلا فلا يجب القضاء.
والإخلال بالجزء جهلاً في حالات يُوجب البطلان وفي حالات أخرى لا يوجب البطلان وهنا لا بد من الرجوع إلى الحي الجامع للشرائط في ذلك فعلى سبيل المثال أن الجهل بوجوب الجهر في قراءة الفاتحة والسورة في صلاة الصبح والمغرب والعشاء لا يوجب البطلان فالذي لا يجهربالقراءة جهلا بالحكم تكون صلاته صحيحة….أما لو كان الإخلال جهلا في تكبيرة الأحرام فإنه يوجب البطلان….
3ـ وجوب القضاء: فيما سبق فإن وجوب القضاء منوط بالإخلال بالجزء الذي يُوجب البطلان فعندئذٍ يجب القضاء. وهذا يعتمد كما قلنا على مراجعة الحي الجامع للشرائط ولو من خلال الاطلاع على رسالته العملية .
وهنا من خلال هذه المسألة يتأكد أن العمل المطابق لفتوى الأعلم يكون محكوم عليه بالصحة وهو تقليد للأعلم ولكن بدون إلتزام نفسي وقصد وهذا مطابق لمسألة ( 4 ) التي مفادها تحقق التقليد بمجرد العمل.
ومن خلال هذه المسألة يتضح أن الغافل لا تنفعه غفلته إذا قلّد غير الأعلم.
وهذا خير دليل على أهمية تقليد الأعلم الجامع للشرائط .
وللحديث بقية إذا بقيت الحياة….