18 ديسمبر، 2024 8:18 م

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(48)

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(48)

((مسألة 10)) إذا علم أن أحد الشخصين أعلم من الآخر . فإن لم يعلم الاختلاف بالفتوى بينهما تخير. وإن علم الاختلاف وجب الفحص عن الأعلم ويحتاط وجوباً في مدة الفحص وله أن يعمل خلالها بمن كان مقلداً له قبل وفاته ولو مع ثبوت كونه مفضولاً فإن عجز عن معرفة الأعلم فالأحوط وجوباً الأخذ بأحوط القولين مع الإمكان، ومع عدمه يختار أحدهما إلا إذا كان احتمال الأعلمية في أحدهما أكبر.
————————————————–

بعد ان عرفنا فيما سبق إن فتوى الأعلم هي التي تتصف بالحجية مطلقاً يعني في الاختلاف بالفتوى وعدم الاختلاف، والتقليد يجب أن يكون للمجتهد الأعلم الجامع للشرائط.. فلا بد للعامي أن يشخصّ الأعلم والتشخيص يكون بالعلم التفصيلي أو ما يقوم مقامه كالبينة (الشاهدان العادلان ) وخبر الثقة وتسمى الحجة الشرعية ( أقصد ما يقوم مقام العلم هو الذي يُسمى بالحجة الشرعية) وكذلك يُصطلح عليه بالعلمي.
وسيأتي الإشارة إلى ما يقوم مقام العلم من خلال المسائل القادمة إن شاء الله.
إنّ المكلّف العامي لا بد أن يحرز ويشخص الأعلم تفصيلاً لأن وجوب الرجوع للأعلم هو فرع معرفة الأعلم, وفي هذه المسألة بيان لحكم العلم الإجمالي يعني إن الفرد العامي لا يعلم تفصيلاً بالأعلم بل يعلمه إجمالاً..
حيث ذكر السيد الشهيد (قدس) في المسألة (( إذا علم أن أحد الشخصين أعلم من الآخر..)) وهذا هو العلم الإجمالي وقد ذكرتُ تعريف العلم الإجمالي في مقدمة هذا الكتاب (المدخل)…
فالعلم الإجمالي هو علم بالشيء غير محدد وعلم بنفي الشيء غير محدد.
لأن العلم (( التصديق )) إما علم بالشيء أو علم بنفي الشيء لأن النفي علم والإثبات علم ,والعلم الإجمالي هو علم مع شك بالأطراف وهذا الشك ليس شكاً ساذجاً (( بدوياً )) بل هو شك مقترن بالعلم الإجمالي.
وعرفنا فيما سبق أن موضوع الأصول العملية هو الشك وقد عرفت أن الشك على نوعين:
1 – شك ساذج (( بدوي أو ابتدائي )).
2 – شك مقترن بعلم إجمالي.
فالشك الساذج يكون موضوعاً للبراءة والاستصحاب ,أما الشك المقترن بالعلم الإجمالي فهو على الأغلب يكون موضوعاً للإحتياط والتخيير .
وهذه المقدمة تنفعنا في فهم المسألة بصورة علمية دقيقة.
في المسألة السابقة كان الاختلاف في الفتوى سبباً لوجوب الرجوع إلى الأعلم ..
وفي هذه المسألة، العامي لديه علم إجمالي بالأعلم مُردد بين شخصين ..
ومن ناحية منطقية ينبغي لهذا الفرد أن يحصّل العلم التفصيلي يعني ينبغي أن يعلم من هو  الأعلم تفصيلاً ولكن السيد الشهيد محمد الصدر (( قدس )) هنا ومن ناحية شرعية ذكر في نفس المسألة (( فإن لم يعلم الاختلاف بالفتوى يتخير …)) هنا في هذه الصورة لا يجب تحصيل العلم التفصيلي ويكون علم العامي الإجمالي نافعاً له ما دام لا يعلم الاختلاف بالفتوى بين الشخصين وبالتالي يتخير بينهما يعني يقلّد أحدهما..
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة….