مسألة (9): إذا اختلف المجتهدون بالفتوى وجب الرجوع إلى الأعلم ومع التساوي بالعلم يتخيّر. والاحوط أن يعمل باحوط القولين ولا عِبرة بكون أحدهما أعدل.
——————————————————————–
وبعد أن تم شرح هذه المسألة، أوَّد تسليط الضوء على المسألة من ناحية علمية، للفائدة وتنمية المَلَكَة على حدِ تعبير شهيد الجمعة (قدس سره) وليِكُن على شكل أسئلة:
السؤال الأول: ما المقصود بالمجتهدين؟ هل هو مطلق المجتهدين؟ أم خصوص الأحياء منهم؟
السؤال الثاني: هل المُراد من الاختلاف بالفتوى الاختلاف التفصيلي أم الإجمالي؟
السؤال الثالث: ما الفرق بين الرجوع والتقليد؟ وهل هما مترادفان؟
السؤال الرابع: ما هو دليل الرجوع إلى الأعلم؟ وما هو دليل شرط الأعلمية؟
السؤال الخامس: هل الاختلاف في الفتوى في هذه المسألة المُراد منه الاختلاف الثبوتي أم الاختلاف الإثباتي؟
السؤال السادس: هل لهذه المسألة مفهوم بمعنى عدم وجوب الرجوع الى الأعلم في حال عدم اختلاف المجتهدين بالفتوى؟
السؤال السابع: ما هو سبب حجّية الفتوى في حال عدم إختلاف المجتهدون بالفتوى؟
************************
السؤال الأول ما المقصود بالمجتهدين؟
هنا احتمالان:
الأول:ـ الإطلاق يعني مطلق المجتهدين الأحياء والأموات والذكر والأنثى والمسلم وغير المسلم…الخ، يعني مجرد الاختلاف في الفتوى يكون سبباً لوجوب الرجوع إلى الأعلم.
الثاني:ـ المُراد من المجتهدين في هذه المسلة خصوص مَنْ اتصف بالشرائط التي ذكرها السيد محمد الصدر (قدس سره) في مسألة (6)، لأن ترجيح تقليد الأعلم من بينهم في حال اختلافهم بالفتوى، وهذا يعني جعل مسألة (6) قيداً على لفظ المجتهدين..
وهذا الاحتمال هو الأقرب لمُراد السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره)، فعلى سبيل المثال لو لم يكن إلاّ مجتهداً واحداً على قيد الحياة، فإنَّ الواجب هو تقليده ابتداءاً، بغض النظر عن فتوى المجتهدين الأموات، وحتى لو كان يُوجد أكثر من مجتهد حي ولكنَّ أغلبهم فاقدي الشرائط، فإنَّ فتواهم ليس لها أثر أو لا تتصف بالحجّية. وكذلك الأمر لو كان هناك مجتهدين جامعَين للشرائط بما فيها شرط الحياة ولم يختلفا بالفتوى، فإن اختلافهما بالفتوى مع غيرهِما من الأحياء أو الأموات ليس له أثر؛ لأن غيرهما فاقدين للشرائط. إذن المقصود من المجتهدين، هو ليس مطلق المجتهدين، بل خصوص المجتهدين بتقييد مسألة (6) لمسألة (9).
السؤال الثاني هل الاختلاف بالتفصيل أو الجملة؟
————————————————-
ج/ الاختلاف المُراد منه هنا هو الإجمالي، يعني حصول اختلاف بالفتوى في بعض المسائل يكون شرطاً في وجوب الرجوع إلى الأعلم. لأنَّ المُراد من الفتوى هنا ليس فتوى واحدة ، لأن الرجوع إلى الأعلم في هذه المسألة لأجل تقليده في جميع العبادات والمعاملات وسائر الأفعال والتروك، هذا إذا كان التقليد ابتداءاً أو عدولاً من الميت إلى الحي، أمّا إذا كان التقليد بقائي فإن الرجوع إلى الأعلم يكون لأجل تقليده في جواز البقاء ومستحدثات المسائل…الخ
و في الحقيقة أنَّ هذا الشرط ـ الاختلاف في الفتوى ـ متحقق إجمالاً، وبالتالي فإنَّ وجوب الرجوع إلى الأعلم يكون فعلياَ ومتحققا دائماً؛ لأنَّ الاجتهاد (عملية الاستنباط) دائماً وأبداً محلاً للاختلاف بالفتوى بين المجتهدين.
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة….