مسألة(9 ) :إذا اختلف المجتهدون بالفتوى وجب الرجوع إلى الأعلم ومع التساوي بالعلم يتخيّر. والاحوط أن يعمل باحوط القولين ولا عِبرة بكون أحدهما أعدل.
——————————————–
في هذه المسألة يتّضح أنَّ وجوب الرجوع إلى الأعلم يكون بشرط الاختلاف بالفتوى بين المجتهدين، وبالتالي يكون الاختلاف بالفتوى موضوعاً لوجوب الرجوع للأعلم..
وقد عرفنا فيما سبق من خلال مسألة (6) شرائط مرجع التقليد، وقد ذكر السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) (شرط الأعلمية) وهذه المسألة أستطيع أن أقول أنها تطبيق لذلك الشرط..
والذي يتحصل من هذه المسألة أن الحجّة الشرعية لا تكون إلا لفتوى واحدة، وهي فتوى الأعلم.
وقد تتصف فتويان بالحجّية في حال التساوي بالعلمية، وهذا ما دلّت عليه كلمة (يتخيّر) أي يعمل بأحد الفتويين مادام المجتهدَينِ متساويَينِ بالعلميةِ…
والمراد هنا يختار الرجوع إلى أحد المجتهِدَين المُتَساويَين بالعلمية، يعني أن العامّي مُخَيَّر أن يُقلِّد هذا المجتهد أو ذاك، ما داما مُتساويَين بالعلمية، ولكن يجب أن يكونا هما الأعلم، وقد مرّت علينا نفس هذه الفكرة في مسألة (6)، لكن الفرق هناك هو التساوي في جميع الشرائط..
أمّا هنا التساوي في العلمية والنتيجة واحدة؛ لأن التساوي بالعلمية غير كافٍ ما لم يتساويا في جميع الشرائط الأخرى، لأن التقليد لابد أن يكون للمجتهد الجامع للشرائط..
كيف يحصل التساوي بالعلم؟
فقد أجاب السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) عن هذا السؤال بما مضمونه أنَّ أهل الخبرة يشهدون بالتساوي…
وأيضاً يقول السيد الشهيد (قدس سره) أن التساوي بالعلم نادر الحصول. ولكن على فرض حصوله، فإن كِلا الفتويين تتصفان بالحجّية بالرغم من الاختلاف، والمحصلة هي جواز تقليد أحدهما، وهو معنى يتخيّر .
بقي الإشارة إلى أنَّ الاحتياط في هذه المسألة هو احتياط استحبابي؛ لأنه مسبوق بالفتوى (يتخيّر). وقد شرحنا فيما سبق معنى احوط القولين…
أمّا ما ذكره السيد محمد الصدر (قدس سره) : ((ولا عبرة بكون أحدهما أعدل)) فهذا يؤكد ما ذكرته في مسألة (6) إن الفقهاء يختلفون في هذه المسألة أو الفرع ـ أقصد التساوي بالعلمية والاختلاف بالفتوى ـ والسيد يختار فتوى التخيير.
وهناك من الفقهاء مَنْ يختار فتوى الترجيح بالعدالة أو الورع؛ يعني مَنْ كان أورع أو أعدل أو أتقى هو الذي يجب الرجوع إليه.
وربما يوجد مِنَ الفقهاء مَنْ يذهب إلى الاحتياط الوجوبي بالعمل بأحوط القولين.. بمعنى أنه يعمل باحوط القولين في المسائل التي تكون محل خلاف بينهما..
أمّا المسائل الاتفاقية بينهما فهي بمنزلة السالبة بانتفاء الموضوع بالنسبة للعمل بأحوط القولين؛ لأنه لا يُوجد قولان، بل هو قول واحد متّفق عليه بينهما.
وللحديث بقية اذا بقيت الحباة….