مسألة (7) ((إذا قلّدَ مجتهداً فمات جاز له البقاء على تقليده فيما عَمِلَ به من المسائل. ويتعيّن عليه الرجوع في سائر الأحكام إلى الحي الجامع للشرائط الذي قلّده في جواز البقاء على تقليد الميت. ولكن البقاء المُشار إليه هو الاحوط استحباباً إذا كان الميت أعلم من الحي أو كانت فتاواه أقرب إلى الاحتياط، أمّا إذا كان الحي أعلم أو كانت فتاواه احوط، فالأحوط وجوباً العدول إليه.))
—————————————————————
الأمر الخامس:ـ ما هو تكليف مقلّدي السيد الشهيد محمد بعد استشهاده (قدس الله سره الشريف)؟
عرفنا أنه لا يجوز لهم العمل بهذه المسألة ـ مسألة (7) ـ يعني أنهم غير معنيّين بفتوى السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره)، بل يلزمهم الرجوع إلى الحي الجامع للشرائط, وبغض النظر عن الحي الجامع للشرائط مَنْ يكون، يعني سواء كان الشخص الذي حدّده السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) وهو سماحة السيد كاظم الحائري(دام ظله) أو كان غيره ـ ولو من باب التنزّل ـ !
فإن النتيجة واحدة والمحصلّة واحدة، وهي أنَّ البقاء على تقليد الميت الأعلم هو الأحوط وجوباً في مطلق المسائل، ويحتاج الأمر إلى التفصيل توخياً للفائدة وغلق الطريق أمام الجهلاء وأنصاف المتفقهين الذين يصطادون في الماء العكر مع شديد الأسف.
فأقول بعد التوكل على الله:ـ
إن الرجوع إلى الحي الجامع للشرائط في مسألة جواز البقاء على تقليد السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) هو بحد ذاته تقليد للحي في هذه الفتوى، ومن المعلوم أن الفتوى والحكم لا تُصبح مسألة إلاّ بعد إحراز الصغرى والكبرى، وأقصد بالكبرى هي فتوى الجواز, فإن الأحياء يفتون بجواز البقاء على تقليد الميت؛ إذا كان الميت أعلم من الحي.
أمّا الصغرى فهي إحراز الأعلمية، وهذه الصغرى ليست حكم، ولا يصح التقليد في غير الأحكام والفتاوى، وإنما هي من الموضوعات.
وحيث أنَّ مقلّدي السيد محمد الصدر (قدس سره) قد أحرزوا أعلمية السيد محمد الصدر (قدس سره) من جميع الأحياء بما فيهم أعلم الأحياء، ينتج من ذلك وجوب البقاء على تقليد السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) في مطلق الأحكام على الاحوط وجوباً، بل يحرم عليهم العدول إلى الحي الجامع للشرائط ما داموا يعتقدون بأعلمية السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره).
إنَّ العدول من تقليد السيد محمد الصدر (قدس سره) مخالف للاحتياط الوجوبي، وهو غير جائز، فلماذا لا يتقي الله بعض أنصاف المتعلمين حينما يستنكرون على مقلّدي السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) بقاؤهم على تقليده (قدس سره)؟!
ولماذا يأمرون بالمنكر ؟
أليس العدول مخالف للاحتياط الوجوبي شأنه شأن حرمة حلق اللحية والكثير من الأحكام التي هي من باب الاحتياط الوجوبي؟
وحتى لو كان البقاء على الأحوط استحباباً فهو:
أولاً:ـ مشروع.
ثانياً:ـ انقياد، وفي الانقياد ثواب.
وقد اتضح للجميع وحتى لو تنزلنا عن وصية السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) بالرجوع في التقليد إلى السيد كاظم الحائري (دام عزه) فإن البقاء على تقليد السيد محمد الصدر (قدس سره) أحوط وجوباً في كل الأحكام والمسائل, ولا حاجة للتنزل عن وصية السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره).
ولحسن الحظ أنَّ أغلب الأحياء يتفقون في مقدار البقاء، وهوالبقاء على تقليد الميت الأعلم في مطلق الأحكام.
وكذلك أيضاً لحُسن الحظ أن فقه المستحدثات يدخل ضمن هذا المقدار؛ لأن السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) هو المجتهد الوحيد الذي قد تفرّد بفقه مستحدثات كامل، وحتى في حال ـ ولو بحسب الفرض ـ الابتلاء بمسألة مستحدثة، لا توجد فتوى للشهيد محمد الصدر(قدس سره)، فإن الرجوع يكون إلى الحي الجامع للشرائط ـ أقصد السيد الحائري ـ لأجل تقليده فيها، هذا على تقدير استنباطه لحكم هذه المستحدثة.
والطريف أنَّ مقلّدي المراجع الأحياء وخصوصاً المتورعين منهم، كثيراً ما يرجعون إلى فتاوى السيد محمد الصدر (قدس سره)؛ لأنهم لم يعثروا على فتوى لمراجعهم الأحياء، وخصوصاً في مستحدثات المسائل.!
والحق أن السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) ترَكَ لنا فقهاً متكاملاً فضلاً عن فقه المستحدثات، ولذلك لم تواجه مقلّدي السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) أي مسألة مستعصية بالرغم من معاناة مقلّدي الأحياء جميعاً في كثير من المسائل، أليس هذا لوحده دليلٌ دامغٌ وحجةٌ تامةٌ وبرهانٌ صارخٌ على أعلميةِ السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) المطلقة؟
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة…