23 ديسمبر، 2024 4:49 ص

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(22)

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(22)

مسألة (4): التقليد هو العمل إعتماداً على فتوى المجتهد، سواء إلتزم المقلِّد بذلك في نفسه أم لم يلتزم.
((التقليد هو العمل))
هنا يحدد السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) معنى التقليد، ويجعل من العمل معرِّفاً للتقليد..
وبهذا التعريف إفترق التقليد بالمعنى الأعم عن التقليد بالمعنى الأخص، لأن التقليد بالمعنى الأعم هو مجرد العلم بالشيء إعتماداً على علم العالم.
أمّا هنا فإن المهم ليس العلم فحسب بل لابد من العمل إعتماداً على هذا العلم الذي حصل للفرد عن تقليد.
فلو علِمَ المكلّف العامّي بوجوب السورة بعد الفاتحة، فهذا العلم هو تقليد بالمعنى الأعلم، ولكنه إذا عمِلَ إعتماداً على هذا العلم بحيث صلى وجاء بالسورة بعد الفاتحة، فهذا هو التقليد بالمعنى الأخص…
إن تعريف التقليد في هذه المسألة هو تعريف منطقي، يعني بالحد أو الرسم ، ولابد أن يكون التعريف مانعاً جامعاً، وهذا الأمر نجده منطبقاً مائة بالمائة على هذا التعريف الذي ذكره الشهيد محمد الصدر(قدس سره)، بل وفي كل تعريف يقدّمه لنا السيد محمد الصدر(قدس سره) وهذا ليس عنه ببعيد؛ وهو فخرالمحققين وقدوة العلماء المتبحرين جزاه الله خير جزاء المحسنين.
فالعمل إعتماداً على فتوى المجتهد تقليد، بغض النظر عن قصد العامل(المقلِّد) والتزامه النفسي، يعني أنه سواء عمل العامي بالفتوى عن إلتزام نفسي (النية أو العزم)، أو عمل العامي بالفتوى بدون إلتزام نفسي؛ فيكون هذا العمل تقليداً.
ونحن أمام ثلاثة صور وإحتمالات:-
1ـ عمل بالفتوى بدون إلتزام نفسي.
2ـ عمل بالفتوى مع الألتزام النفسي.
3ـ إلتزام نفسي بدون عمل بالفتوى(يعني العزم على العمل بالفتوى فقط،).
فأي من هذهِ الصور ينطبق عليها معنى التقليد؟
وعلى ضوء التعريف الذي أختاره الشهيد محمد الصدر(قدس سره) في هذه المسألة فإن معنى التقليد ينطبق على الصورتين الأولى والثانية.
فالتقليد عمل، سواء اقترن بإلتزام نفسي أم لم يقترن، وهذا محل إختلاف الفقهاء، لأن من الفقهاء من ذهبَ إلى ما ذهب إليه السيد محمد الصدر(قدس سره)، ومنهم مَنْ ذهب إلى أن التقليد هو مجرد العزم والالتزام النفسي.
إذن هناك إتجاهان في تعريف التقليد
أحدهما: التقليد هو العمل بالفتوى.
والآخر: التقليد هو الإلتزام النفسي يعني العزم على العمل بالفتوى.

إن الالتزام النفسي من قِبَل العامّي معناه القصد والنيّة والعزم على العمل..
فهل مجرد حصول هذا الالتزام في النفس كافٍ في تحقق التقليد؟
ج/ قد ذهب بعض الفقهاء بتحقق التقليد بمجرد الإلتزام النفسي بمعنى إشتغال ذمّة المجتهد بهذا الالتزام النفسي من قبل العامّي , ولكن الحال عند السيد محمد الصدر (قدس سره) مختلف؛ فهو لا يعتبر الالتزام النفسي محققاً للتقليد، بل إن التقليد يتحقق بالعمل سواء كان بإلتزام نفسي أم مجرداً عنه.
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة…