مسألة (3) الأحوط ترك طريق الاحتياط في عموم المسائل والاختصاص بطريقي الاجتهاد والتقليد، لكن الاحتياط في بعض المسائل جائز سواء اقتضى التكرار أم لا لكن يلزم المكلف معرفة ما هو الأحوط شرعاً.
—————————————————-

وبعد أن اتضح أن كلمة “الاحوط” هي مغايرة في معناها لطريق الاحتياط في هذه المسألة، فقد آن الأوان لتسليط الضوء على كلمة “الاحوط”، بعد أن تمَّ الفراغُ من بيانِ طريقِ الاحتياطِ.
وسيكون الحديث من خلال بعض العناوين:

الاحتياط الوجوبي والاحتياط الاستحبابي
——————————————
عرفنا من خلال المدخل إن المجتهد يلجأ إلى الأصول العملية عند الشك بالحكم، فتارة يلجأ إلى الاستصحاب، وأخرى للبراءة، وأخرى للاحتياط، وتارةً أخرى للتخيير بعد أن يتعذر ويستحيل الاحتياط.
وفي هذه المسألة فإن السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) كان دليله هو الأصل العملي الذي هو إصالة الاحتياط.
وهنا ينبغي فتح بابَ الكلامِ عن نوعِ هذا الاحتياطِ ، فهل هذا الاحتياط وجوبي أم استحبابي؟
لمعرفة نوع هذا الاحتياط أهو وجوبي أم استحبابي فقد ذكر السيد الشهيد محمدالصدر(قدس سره) في مسألة (34) كيفية تمييز الاحتياط الوجوبي عن الاستحبابي، فقد جاء في هذه المسألة ما نصّه ((………أمّا الاحتياطات المذكورة فإن كانت مسبوقة بالفتوى أو ملحوقة بها فهي استحبابية يجوز تركها وإلا فهي وجوبية…))انتهى.
وحيث أن “الاحوط” في هذه المسألة غير مسبوق بالفتوى ولا ملحوق بالفتوى؛ فهو احتياط وجوبي بترك طريق الاحتياط.

س/ هل يجوز عصيان الاحتياط الوجوبي؟
ج/ لا يجوز مخالفة الاحتياط الوجوبي؛ لأن هذا النوع من الإحتياط واجب بسبب تعلّق حكم الوجوب به وترك الواجب معصية يستحق فاعلها العقاب.

س/ هل يجوز عصيان الاحتياط الاستحبابي؟
ج/ نعم يجوز ذلك، ولكن العمل طبقاً للاحتياط الاستحبابي فيه ثواب الانقياد.

س/ ما هو الاحتياط الاستحبابي؟
ج/ هو ما قامت الحجّة الشرعية على خلافه.
توضيح
عرفنا في ما سبق أن الاحتياط ينقاد نحو الوجوب المشكوك والحرمة المشكوكة، فإن الاحتياط هو التحفظ من مشكوك الوجوب أو مشكوك الحرمة، وقد يكون هذا التحفظ واجباً في حال عدم قيام الحجّة الشرعية على الأصول العملية الأخرى النافية للتكليف الإلزامي (كالبراءة وبعض حالات الاستصحاب والتخيير).
وقد يكون التحفظ مستحباً بمعنى قيام الحجّة الشرعية على أحد الأصول العملية الأخرى النافية للتحفظ، كالبراءة أو قيام الحجّة الشرعية على دليل مُحرز ظني (الإمارة) يكون مدلوله نافياً للوجوب أو الحرمة، وهذا هو معنى قيام الحجّة الشرعية على خلاف الاحتياط، فالحجّة الشرعية عندما تقوم على نفي التكليف الالزامي، فهذا يعني أن التحفظ والاحتياط يكون استحبابياً، والاستحباب يكمن في الانقياد للوجوب المحتمل أو الحرمة المحتملة مع وجود الرخصة في عدم التحفظ والاحتياط وقيام الحجّة الشرعية على هذه الرخصة.

س/ما هو الإحتياط الوجوبي؟
ج / ومن خلال الجواب عن سؤال ما هو الإحتياط الإستحبابي, نستطيع أن نفهم معنى الاحتياط الوجوبي، لأن سبب وجوب الاحتياط أصبح واضحاً ، وهو عدم قيام الحجّة الشرعية على خلافه، يعني أن السبب في وجوبه عدم وجود أصل عملي نافي للوجوب أو الحرمة، وكذلك عدم وجود إمارة (دليل محرز ظني) نافية للوجوب أو الحرمة، مع اكتساب الأصل العملي النافي للحجية والرجحان.

أنواع الإحتياط الوجوبي
————————-
إن للإحتياط الوجوبي نوعين:
الأول:ـ الفتوى بالاحتياط.
الثاني:ـ الاحتياط في الفتوى.
إن الكثير من الاحتياطات الوجوبية في الرسائل العملية هي من النوع الأول ((الفتوى بالاحتياط))(المصدر:ما وراء الفقه ج1ق1)وتبقى بعض الاحتياطات الوجوبية تُمثل النوع الثاني ((الاحتياط في الفتوى)).
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة…