8 أبريل، 2024 11:30 ص
Search
Close this search box.

أضواء على أخلاقية الثورة الحسينية الليلة الأخيرة قبل الأستشهاد

Facebook
Twitter
LinkedIn

شدة كربلاء على مرارتها اليوم تواجه شدة اصعب منها في التنفيذ .البارحة أستشهد الحسين (ع) ومن معه بهدىً رباني لمقاومة ظلم الظالمين، وقبله ابوه علي أمير المؤمنين لكن شدة العراقيين اليوم التي خلفتها كربلاء والكوفة اكبر من شدته وقت التنفيذ.فقد استشهد الحسين واسدل الستار على حركته في عهد الامويين والعباسيين،ولم تبقَ منها الا المبادىء الحية تتعايش مع المؤمنين . لكن أتباعه اليوم قد أحيوا شدته بواقع مرير اصبح عالة على اهداف الحسين في الوطن والحقوق والتحرير؟ لانهم هم من احفاد من قتل الحسين وابوه في كربلاء والكوفة واليوم يدعون بهما كذبا وزورا مثل كل مزوري التاريخ الذين طمسوا الحقيقة على مر الزمن في شعب جاهل لا زال يصدقهم … والتاريخ بوقائعه المسلجلة يكذبهم بنص رصين. وانا واثق لو ان الحسين يعلم انه سيترك تركة لاحفاد قتلته من الوارثين لتدمير الوطن والوطنيين، لما اقدم عليها البته ،لانه مع الخير والحق العميم للناس اجمعين لا مع استمرار ظلم الظالمين..

هذا المعنى التاريخي هو الذي يعطي قصة عاشوراء عمقا وقوة ، وفي المعنى قولا وتطبيقاً ، حين تحولت لأول مرة المبادىء الى تشريعات حقيقية في التاريخ، مضحية بالنفس في سبيل الاخرين.لا ان نبقى نجتر الذكريات على مر السنين لنولد ظلما اكبر من ظلم يزيد الامويين ، فلا تغلفوا عقول الناس يا اتباع الحسين بالدين بالعادات والتقاليد التي مللنا منها ورفع شعار (يا لثارات الحسين) ولا ندري من مَن يريدون ان يأخذوها بعد ان مات القتلة ودرست حتى قبورهمم،الم تكن تلك أكذوبة يردون بها تفرقة العراقيين لتكون ايران هي الحاضرة دون الأخرين ؟، فهو أنتم احفاد من قتله وشعراتكم وحزنكم الكاذب عليه اليوم ،لا يبرر ظلمكم ،لا بل فيه موتكم الاكيد، فقد جاء الحسين واهل البيت العظام من اجل التغيير الحقيقي في التاريخ وليس من اجل الظلم وتدمير المجتمع والدين كما تمارسونه اليوم انتم بالعادات والتقاليد البويهية التي ما حصدنا منها الا الفرقة وضياع الوطن والتدمير..

كل الثوار اهدوا ثمرات ثوارتهم للشعوب كل الشعوب ويقف محمد (ص) على رأسهم ، وماوسيتونغ وهوشي منه وجيفارا وكاستروا ، وكان الحسين في مقدمتهم عندما قال وسط اتباعه المخلصين :”والله ما جئت اقاتل يزيد على الخلافة ،بل جئت أقاتل ظلم يزيد على الناس” لكن أتباع الحسين اليوم جعلوها لهم وكأنهم الوارثون ،وهم يعلمون ان الحسين ما كان عراقيا بل عربيا لكل العرب والمسلمين الأخرين ،لكن أمل العيلاميين ظل يراودهم بتدمير الوطن الحبيب الذي اخذ منهم عنوة بعد التحرير الكبير في فتوحات العرب المسلمين الخاطئة في التوجه والتنفيذ .

2

من يتابع ملحمة كربلاء بحق وحقيقة لا يدانيه شك بأنه لايمكن لامة ان تنهض فقط بقوتها البشرية وما تملكه من قوة ومال وقائد ،اذا لم تملك قضية محركة وقيم معينة تلعب دور الدافع والمثير لقناعة المجتمع بها ،وهنا يكمن سبب فشل العراقيين الحاليين.

يقول ماوتسي تونج زعيم الصين : ان الصين ما تقدمت بشعبها الكُثر ، بل تقدمت بالقوة المحركة له، القوة التي تؤجج بين ابنائها احساسا مشتركاً لتبني لها قاعدة مجتمعية تساندها في التنفيذ . تنفذ الى العقول والقلوب بشعارات مثخنة بالايديولوجيا المميزة بين عصر الماضي والحاضر ، فكانت التوجهات وكانت المنطلقات، وكانت نهضة الحسين تمتلك تلك القوة والمنهجية والمنطلقات الدافعة لتصبح عقيدة لكل المخلصين . اذن لابد ان تكون لهذه العقيدة شخصيات كريزماتية تشد الناس اليها ، لذا فقد كانت شخصية الحسين في ذلك الظرف المضطرب وخطوته العظيمة والجريئة نحو استعادة الامة لدورها الرسالي هي الشخصية الكريزماتية المنتظرة للامة ، الا ان الامويين كانوا يواجهون مشكلة لاتعرف لها حلا،ولم تواجهها دولة ملكية من قبل ، وهي حاجتها الى التعايش مع دستور شرعي لا يعترف بشرعيتها ،لذا عدت ظهور الحسين موتاً لها فقاومته حتى النهاية.

وهذا ما نفتقده في زماننا اليوم بعد ان خلت ساحتنا من المنظرين.

هنا نرى ان القيم والاحاسيس العميقة العظيمة تخترق الاختلافات الثقافية والدينية في العالم الاسلامي كله دون تفريق حتى لم يعد بمقدور احد اليوم وبغض النظر عن معتقداته ان يصَد َعن هذا التاريخ العظيم،لذا فأعداء الحسين يستميتون الان من اجل ان لا تتحول العقيدة الى تطبيق، لذا وظفت السلفية والفارسية العنصرية كل طاقاتها المادية والمعنوية لتشوية الثورة الحسينية ونظريتها البناءة في التطبيق ،فلو طبقت لأنقلب العالم الاسلامي كله ضدهم وأضاعوا المحاصيل .فوجدوا ضالتهم في النفوس الشيعية الضعيفة التي ترى المال والسلطة افضل من المبادىء والمفاهيم كما نراهم اليوم.

واليوم نرى بوادرها الان واضحة في أقطار اخرى بعيدة عن العراقيين، ففي مصر اليوم تعقد المؤتمرات الضخمة من اجل ان لا يتمدد الفكر الحسيني الصحيح اليهم بعد ان اصبح خطرا حقيقيا على الاخوان المسلمين ،فهو يملك الفكر والايديولوجيا وهم لا يملكون سوى جعجعة المقلدين، لذا فهي تجند كل امكانياتها وطاقاتها لقتل الحركة وروادها قبل ان يعيها الغافلون بها اليوم . بعد ان اصبح حتى العالم المسيحي مقتنع بها، وها هم كتاب المسيحية بدؤا يتحسسون القضية ويكتبون بها ،جورج جرداق مثالا..

وتقف الكاتب الهولندية المعروفة (ليزي هازلتون في كتابها الموسوم ما بعد النبي على رأسهم) . فقصة الحسين تتشابه مع قصة السيد المسيح الذي ارادت اليهود قتله فرفعه الله الى السماء لتخليصه من المصير المحتوم، ففيهما من المعاني الانسانية التي يراها اتباع الحسين وتراها المسيحية في الجانب الانساني منهما متشابهة ومتكاملة دون تفريق ،وخاصة في احتكار السلطة والثروة والمعرفة والسلاح. وسيثبت التاريخ ان فكرة المتطرفين من الاتباع اليوم الذين نقلوا النظرية الى عادات وتقاليد ميتة لم يكونوا سوى أعراب أميين

3

مدفوعين بنظريات العيلاميين الذين لا يحسنون قراءة التاريخ حين عدوا النظرية تقليدا فساد ت نظرية ضبابية المبادىء على أيديهم ، وما دروا ان من يخرج عليها فليس له في الحسين من نصيب،

يقول غاندي زعيم الهند :

لقد تعلمنا من الحسين كيف نكون مظلومين حتى نحقق النصر.

ان الكاتبه الهولندية تتسائل اليوم وبكل صراحة ،هل كان لمحمدٍ رسول الاسلام صاحب الامة الواحدة والرب الواحد تصورا انه سيترك خلفه هذا الانقسام المأساوي والدموي الرهيب بين المهاجرين والانصار وبلا نهاية؟ ونحن نقول :لا ، أن عقداً وعهدا وميثاقا قد كتب لهم لا يجوز التجاوز عليه هو عهد المؤاخاة بين المهاجرين والانصار، وكان رسول الله (ص) شهيدا عليهم واول شروط الشاهد ان يكون حاضرا ؟هذا سؤال يجب ان نجيب عليه قبل ان ندعي الخلافات بين اتباع محمد الامين(ص)، وهل العقد الذي تم في المدينة فيه من نقصٍ أو تغليب ؟، فتغلبت روح القبيلة على روح المؤاخاة فحل التدمير؟ فزادوها اليوم مع الاكراد ايضاً،وكأن المسلمين قبائل لا أمة واحدة من سنين . فهل يعلمون ان

. الحسين كان الراية الكبرى للموحدين .

لو كانت النظرية الحسينية مطبقة اليوم بحق وحقيقة ،لما شاهدنا

الاقتتال بعد تدمير المرقدين الشريفين في سامراء، لان مراقد أهل البيت هي للجميع التابعين وسدنتها منهما وليست للمفرد من الاخرين ،لكنها كانت من صنع القاصدين .فأخرجوها لنا بمخرج هندي دون ان يعرضوا لنا المتهمين ، اذن من عملها ؟ الفاعلون يعلمون باليقين ،وهم الفاعلون…؟.

اذا امعنت النظر في أخلاقية النظرية الحسينية مليا ترى ان اصحابها يعيشون قصة تجمع المضادات:الولاء ضد الخيانة ، والحب ضد الكراهية ، والنبل ضد الفساد ، والاخلاق ضد السياسة ،وهل نحن نتعايش معها الان ؟ وهل من حق احد ان يعفي شيعيا من الاعوجاج وسرقة المال العام وتدمير المفاهيم لانه شيعي ؟ كما يحصل اليوم بأسدال الستار على خونة الشيعة والسُنة في دولة العراقيين ،وهل من حق احد من أهل السُنة والجماعة ان يناصب العداء لعاشوراء ومبادىء الحسين لانه سُني؟ كما هم يتبرأون ،وهم يعلمون ان لا خلاف ولا اختلاف بين السنُة والشيعة وهي أصلا بدعة أبتدعها الفقهاء من وعاظ السلاطين خدمة للملوك والامراء المستبدين وليس لها من اصل في القرآن الكريم ،فاذا كان ذلك واقعا فكيف يعتبرون القرآن دستور المسلمين فأصبحت مع الاسف عند الناس قانون.،

لكن الحقيقة كانت مكسبا عند المستفيدين..فالحسين ما جاء شيعيا ولا سنياً بل كان مسلما موحدا للجميع في وقت انه لم يكن عراقيا بل كان عربيا حجازياً . فعلى الشيعة ومرجعياتهم ان لا تحتكر مقام الحسين الكبير لمكاسب سياسية ضيقة بين العراقيين .

فهل يجوز السكوت على المقصرين ؟ .

4

أيها المسلمون ..

عليكم ان تعيدوا بناء وتعمير كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء اولا قبل الخلاف المستعصي بينكم وفق الصياغات الحضارية العالمية الجديدة لتكون قبلة للزائرين ، يتفاخر بهما كل العراقيين ومصدرا للأستثمار المالي والسياسي ، فهي ثروة تعادل ثروة النفطيين، وان تكون موارد العتبات المقدسة الهائلة تحت اشراف الأمناء المختصين لا للسدنة المستغلين، لنعيدها جديدة اليوم في مبانيها وشوارعها وخدماتها وتنظيماتها الادارية لتليق بالأئمة الأطهار ومقامهم الشريف ،حتى لا تصبح هذه الموارد الضخمة للمتبطرين ، كما عمرت مكة والمدينة واصبحتا من مدن العالميين يتفاخر بها السعودي ودولة السعوديين.

وكربلاء والنجف والكاظمية وسامراء كما شاهدتها اليوم لازالت على حالها من سنين بأستثناء العتبات المقدسة ولا غير،أهذا هو الولاء لعلي والحسين وحركة العلويين؟

فما زالت الشيعة بحاجة ماسة جدا لمناقشة الحدث في كربلاء الحسين ،ولكن لااحد منا يعرف الى الان لماذا حدث الحدث؟ نعرفه حربا بين الحسين ويزيد لا اكثر ولا اقل كما ارادها لنا المستشرقون، ووعاظ السلاطين،اما لماذا حدث الحدث ؟ فذاك لازال في المجهول عند الغالبية من محبي الحسين واهل بيته الكباربعد ان استغلت الذكرى لصالح المنتفعين . الم يكن قتل مسلم بن عقيل وصلبه في الكوفة نذيرا للحسين بالتوقف عن اصراره مع القادمين؟هل كان حسين المسلمين مجرد مغامرا ام كان مؤمنا بنظرية تقلب التاريخ لصالح العالمين؟،هل كان حسين المسلمين مجبراً او مخيرا في هذا المصيرليقتل اولاده والمرافقين،بينما اولاد الحاكمين اليوم في أوربا وامريكا والعالمين يستهترون باموال العراقيين المظاليم_كلهم دون استثناء-؟ فلماذا لم يكن اتباعه على هداهُ اليوم يسيرون ومن الباطل والمال الحرام يبتعدون؟ هنا يجب ان يكون الحوار علميا لا عاطفيا لنبني نظرية الحسين بمنهج دراسي جديد حتى نحولها الى عقول الطلبة كتطبيق؟ فهل من مخلصين ؟ بعد ان استطاعت البابوية تحويل المسيحية الى دساتير وعدالة وقوانين ؟.

أو تريدون كما قال ستالين زعيم الشيوعية : أقتلوا كربلاء فهي مصنع تفريخ رجال القيم والمثل العليا والمؤمنين.

يقول بعض الفقهاء ويقف ابن تيمية على رأسهم ان تحرك الحسين امام الكارثة المحتملة في كربلاء ،كان فقدانا للمؤهلات في التقييم ، لذا ما كان عليه ان يُجابه من هو يفوقه عددا وعدة في حرب خاسرة مضحيا بالنفس والاهل والاحفاد، كان عليه ان يعترف بالتاريخ ويخضع له وهذا هو رأي ابن تيمية في ثورة الحسين حين يقول:( ان الامام الحسين قتل بسيف الحاكم الشرعي) ويقصد يزيد،ونسي هذا الفقيه المتفيهق ان يزيداً كان يحكم في ملك عضوض لايتمتع بشرعية المسلمين ،والحسين لا يؤمن بنظرية ( الضرورات تبيح المحظورات) على رأي الأمام الغزالي، حين كان يعتقد ان الحسين بلا دولة ومن لايملك الدولة ليس باستطاعته تحقيق الشرعية للمسلمين .

5

رأي قاصرمن ابن تيمية والغزالي حين نسوا ان مسيرة الحسين هي ضد سياسة خليفة كان ينوي ان يصفي خصومه السياسيين ليبني امبراطورية على غرار امبراطورية بيزنطة،والقرآن يقول :ان اسقاط بيزنطة فريضة واجبة على المسلمين.

لقد أخطأ ابن تيميه في نظريته،والغزالي في مقولته ،فأن الحسين ما جاء ليقاتل دولة او حاكما كما يصوره البعض من المؤرخين القاصرين بأهداف الثورة الحسينية ،لكنه جاء ليقاتل ظلم الدولة والحاكم معاً على المستضعفين، في وقت خلا الزمان من المعارضين .

،من هنا فنحن نهتم لعامل الزمان ،دون أهمال التاريخ ، ونحن نهتم لحركة تاريخنا ضمن تاريخ الانسانية في التجديد. فأهمية التجديد تكمن على مستوى الرؤية التاريخية وجديتها في النظر والعمل قابلة للفعل في ظروف العصر الرهيب.وهذا هو المهم،وهذه هي النظرية التي يجب ان تطبق اليوم،لا البكاء والعويل وركضة طوريج لكسب عواطف العامة بمسيرات مليونية تبلد العقول والتفكير ليبقوهم على حالهم دون تغيير،هذه سياسة يزيد لا سياسة الحسينيين. . لذا فليس المهم ان يكون الحاكم علينا اليوم شيعيا او سُنيا ، كرديا او تركمانياً ،وأنما المهم ان يكون عادلا مطبقا لنص التشريع دون تمييزوهذا ما نفتقده اليوم بين الحاكمين، فالنظرية الحسينية ترفض العنصرية والطائفية والتوافقية والأقليمية المبنية على المصالح الذاتية لانها تهدم وحدة الدولة وتقرير المصير؟

هذه هي نظرية الحسين، فمن يؤيد الباطل هو ويزيد قاتل الحسين في كفة الميزان قرين.

من هنا لنا الفخر باننا نملك المثل الاعلى والنموذج والنظرية والتطبيق .فبهذه الرؤية ،وبهذا المنهج،نحن نملك مشروعا له المنطلق والمنهج والتجديد،وهي بكل تأكيد لو أتبعت تحدث تغييرا في مستوى النظر والعمل معا وفي رؤية التاريخ .

اذا بقيت مبادىء الثورة الحسينية مع معتنقيها دون تطبيق، سنبقى معها على طرفي نقيض.

الليلة الاخيرة قبل استشهاده

حين اشتدت الليلة الاخيرة على الحسين واهل بيته الكرام في عشرة عاشوراء وضيق جيش يزيد عليهم الخناق ،توجه الحسين لاصحابه عارضاً عليهم تركه ممن لايرغب منهم في القتال،قائلاً لهم يا أخوة العقيدة والدين، لكم الخيار في البقاء او الهروب ونحن امام الموت لمنَ الملاقين، وجاءت كلمة (الهروب) على لسانه الطاهر( تقصدية ) ليُعلِمُهم كم هي المبادىء ثمينة عند المخلصين في الشدائد والمحن،لأن الحسين كان واحدا من الذين يركن اليهم عند الشدة والمبدأ وهذه هي صفات المؤمنين، فلا أغراه مال ولا أغرته سلطة كما هم اليوم حكام العراق من الخائنين له وللشعب والمبادىء الحسينية العظيمة.،فردَ الأحرارعليه مخلصين بصوت واحد قائلين :

يا ابا عبدالله كلنا فداء لك وللاسلام.لقد صدقوا ما وعدوا الله به فماتوا معه مؤمنين .

6

هنا ولد الرمز الحسيني العظيم ، أو قل الرمز الاسلامي العظيم الذي يجب علينا ان نقاتل اليوم من اجله لا على الحسين وهذا ما تخلى عنه الاتباع اليوم فلا تسمعهم انهم كاذبون…؟، فلا خرق علني لمبادىء الاسلام في انظمة الحكم للحاكمين ،لان الاعلان عن انتهاء نظام النبوة هو الأيذان بأن الأنسانية قد بلغت سن الرشد وسُلمت للقادمين لتحمل محلها مرحلة تحمل الأعباء. فمحمدا كان كلمة السماء الخاتمة الى الانسانية الراشدة،وكان العقل بعد ذلك ، وبفضله صار حراً يتوجه بهدي القرآن ويتأسى بالتطبيق الرسولي ، والعقل دوما يعرف بفعاله لأنه مضطر لقبول الحق لمواجهة تفاعلات المستقبل .هذا هو الدرس الذي تعلمه الامام علي (ع) من محمد (ص) ليسلمه لابنه الحسين (ع) قولا وتطبيقاً فكانت نهضة الحسين واقعا لهذا التطبيق. وهذا هو الذي لم تعرفه قيادات الشيعة والسُنة من المسلمين الى اليوم بل عرفوه خصاما على السلطة بين الحسين ويزيد.بعد ان لعب الفقهاء في تفكير الناس يمينا وشمالا دون تفكير،حين اصبح الأسلام نفسه يعيش في لغة الناس وليس في واقعهم كما هو اليوم.

نعم كان الحسين رمز الاحتفال بالحياة على الموت، وبالنصر على الهزيمة ، وبالحق على الباطل، وبالمبدأ على الأدعاء ، حتى يصفها المسيحيون بأن ليلة الحسين الاخيرة تساوي عندهم ليلة العشاء الاخير للسيد المسيح.

نعم ان قمة المأساة الحسينية ليست حينما استشهد الحسين (ع) وأنما لحظة القبول بالموت واتباعه الميامين من اجل العدالة المطلقة في الاسلام وهل يوجد أغلى من الروح والبنين في الحياة حين استرخصها الحسين واصحابه اليوم يهربون اولادهم خشية المصير لان حكمهم باطلا لا ينتمي لمبادىء الحسين من اولهم الى اخرهم بعد ان اصبحت السلطة السائبة والمال السائب عقيدتهم في التنفيذ.حتى قال احد المؤرخين الغربيين في الحسين واتباعه :(لوكان الحسين بن علي فينا لحملناه في تابوت ودرنا به العالم ليصبح فخرا وتاريخا لنا عند كل المؤرخين ).فهل وعى العراقيون اليوم هذا النص وادخلوه منهجا في التدريس..؟

أم سنبقى نلطم على الحسين دون تطبيق لنظريته الحياتية الى أبد الأبدين تابعين المقلدين ؟ وهل كان من واجب دعاة التغيير ان يقبلوا بغير نظرية الحسين بعد التغيير وهم منها كما يدعون ؟، وهل اجاز لهم الحسين غير ذلك ؟ ،لقد كان بمقدور الحسين ان يقبل ما يعرضه عليه يزيد دون عناء من المصيرفيعيش مثلما عاش يزيد واتباعه وكل اتباعه الحاضرين والامام موسى بن جعفر (ع) من العباسيين؟ ولكن ألم يرفض جده الرسول كل أغراءات قريش من اجل دعوته الربانية العظيمة رغم الاغراء بالمال والسلطة والجنس والملك الكبيرحين قال لزعامات قريش:.

“والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى يحققه الله او أهلك دونه،انظر ابن اسحاق في السيرة”.

7

فذكراك ياحسين يا شهيد الطف في كربلاء تستنهض الهمم عند المسلمين المخلصين من ابناء العراق الحبيب ،وستبقى يا ابا عبد الله انت الراية الكبرى عندنا دون الاخرين،

وخلاصة القول على الحاكمين اليوم ان يتجاوزا المعرفة الجزئية والفردية ليكتشفوا القوانين الكلية والحقائق الشاملة للكون كله ليعيش الناس في امان الاسلام ونظريته العادلة ابد السنين ، ونعتبر استشهاد الحسين عبرة لنا عن تفاصيل مكونات التاريخ والذي ادخل فينا مساحة الايمان الصحيح والعشق والمحبة والتضحية لمن وصفهم القرآن الكريم بأنهم اهل البيت المطهرين من كل رجس أثيم (ألآية 33 من سورة لأحزاب). والذي قال فيهم المؤرخ الطبري:) ان اهل البيت كانوا في صدور الناس أهيب من الاسد(. فهل نحن على مبادئهم مطبقين ؟.

اذن من هنا يحق لنا ان نقول: لماذا الحسين دون الاخرين؟ وما هي أخلاقية النظرية الحسينية في العالمين؟

لقد جاء الحسين لاحياء نظرية القوة العادلة ضد نظرية الاستبداد والضعف التي حلت بالمسلمين بعد الراشدين ، جاء ليوحد لا ليفرق ، ليقوي لا ليضعف ، ليبني لاليهدم ، خطان لا يلتقيان ،الاول مُساند آلهيا وانسانياً ، والثاني مرفوضا آلهيا وبشريا ، هذه النظرية تولدت من النخبة الممنهجة ربانيا لا تتغير ، فلا هوى يغريها ، ولا قوة ترهبها ، ولا مال يفسدها، ولا سلطة تجبرها ، ولا دنيا تتكالب عليها ، ألم يكن سوار الذهب في السودان وعبد الكريم قاسم في العراق منهم ؟ وكما قال امير المؤمنين علي (ع) :لا تخف أخي المسلم مهما قسى عليك الزمن ان كنت على الحق :

(فأن صوتاً واحداً شجاعاً اكثرية).

ان الموقف الحسيني في كربلاء اخرج العقيدة من المفهوم الضيق الى المفهوم المطلق حين استوعب ابعاد الزمان والمكان ، وحين حرص على معرفة آفاق الحاضر استمرارا لتاريخه الناصع وتاريخ بني الانسان القادم، فأراد للحضارة والثقافة وحقوق الناس ان تنبعث من هذه الأبعاد من جديد . نعم ان نظرية الحسين هي النظرية الازلية بين نوح واصحاب السفينة وبين قومه الخارجين عليه وعلى السفينة.

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب