17 نوفمبر، 2024 11:37 ص
Search
Close this search box.

أضاءة .. للتاريخ المفترى عليه

أضاءة .. للتاريخ المفترى عليه

 

القراءة الأولى : هذه مجرد أضاءات عامة حول مقولة من يكتب التاريخ : * تاريخ الحروب والغزوات / في الموروث الأسلامي ، يكتبه المنتصر ، ومن قبل حاشية الحاكم ، غافلا ما قام به قواد الحاكم من فظائع – من ونهب وسلب وسبي واعتداء على حرمات البلد المهزوم ، والكتبة يظهرون القائد المنتصر ، بأن حربه كانت أنتصارا لكلمة الله وللأسلام ولنبيه .
* أما سرد التقدم والزهو العلمي والأدبي والثقافي في الدول الأسلامية / منذ الخلافة الراشدة مرورا بالدولة الأموية فالعباسية وما بعدها .. ، فيسرده / يكتبه ، وعاظ السلاطين ، معتبرين أن عهد الحاكم ، هو عهد العلم والمعرفة ، التي قضت على عصر التخلف والجهل ، علما أن الجهل المجتمعي لا زال منتشرا بين الشعب .
* أما حالة ووضع المجتمع ، فكتبة الحاكم للتاريخ ، يجعلون / يصورون ، من أن عصر الحاكم ، هو عصر العدالة والأنصاف والمساواة ، غافلين مظلومية المجتمع ، منوهين – أيهاما للأخرين ، أنه لا فقير ولا محتاج بين عامة الشعب .

القراءة الثانية : التالي هي بعض الأضاءات الخاصة لكتابة التاريخ ، ممكن أجمال بعضها بمايلي : * الكثير من كتبة التاريخ ، عدا ما ذكرت ، يكتبوه بعد حقب زمنية طويلة ، وهنا تكون الوقائع والأحداث والأخبار ..لا تستند الى أي وثائق أو قرائن أو شواهد ، لذا تكون كتابة التاريخ ، غير حقيقية ، وأكبر مثال على ذلك : السيرة النبوية لأبن هشام المتوفى سنة 218 هج / التي نقلت عن أبن أسحق – والنسخة الأصلية مفقودة ، وكذلك صحيح البخاري ، المتوفى سنة 256 هج ..علما ان رسول الأسلام قد توفى 11 هج . فكيف تكون مدى صحة ما كتب في الحالتين ، والفجوة الزمنية بالسيرة لأكثر من قرنين ، وفي الأحاديث لأكثر من قرنين ونيف ، لهذا كانت المصداقية مهلهلة في السيرة والأحاديث معا .
* وأكثر تزوير حدث – يمكن تأشيره كان في الموروث الأسلامي / الغزوات كأنموذج ، فمثلا خالد بن الوليد ، الذي قتل مالك بن نويرة وتزوج أرملته ، فالتاريخ يعظمه بأعتباره سيف الله المسلول ، وفق حديث الرسول ( عن أنس : أن النبي نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيدٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ جَعفَرٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ ابنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ ” وَعَينَاهُ تَذرِفَانِ ” حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيفٌ مِن سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيهِم / رواه البخاري – نقل من موقع المكتبة الشاملة ) ، بينما المصادر الأخرى تقول عنه ، أنه كان قاتل ومغتصب ( انّ خالد بن الوليد ادّعى أنّ مالك بن نويرة ارتدّ بكلام بلغه عنه فأنكر مالك ذلك وقال : أنا على الإسلام ما غيّرت ولا بدّلت ، وشهد له أبو قتادة وعبدالله ابن عمر ، فقدّمه خالد وأمر ضرار بن الأزور الأسدي فضرب عنقه ، وقبض خالد امرأته أم متمّم فتزوّجها. فبلغ عمر قتله لمالك بن نويرة وتزوّجه امرأته فقال لأبي بكر : انّه قد زنا فارجمه . فقال أبوبكر : ما كنت لأرجمه ، تأويل فأخطأ. وقال : أنّه قد قتل مسلماً فاقتله قال : ما كنت لأقتله ، تأوّل فأخطأ قال : فاعزله. قال : ما كنت لأشيم سيفاً سله الله عليهم أبداً. إبن سعد ) هكذا هو التاريخ المزور يرقع الفظائع لقادة الحروب ، فقط لأنهم يحققون مأرب الخلفاء حتى وأن ظلموا. * الأسلاميون ، ومنهم الأخوان المسلمين والمنظمات الأرهابية الأسلامية / القاعدة وداعش .. وغيرهم ، يحاربون العالم ، ويرهبون المجتمعات ، وذلك من أجل أرجاع زمن الخلافة الأسلامية الغابرة ، وسوف أسرد فقط واقعتين / من حقبة الدولة العباسية كمثال ، عن مدى الفسق والمجون والترف الذي كانت تتميز به الخلافة الأسلامية أنذاك : 1 . الخليفة محمد الأمين – وهو أبن هارون الرشيد / سادس الخلفاء العباسيين ، تولى الخلافة بين عامي 193 إلى 198 للهجرة ، هذا الخليفة كان لوطيا ! ، وكتبة التاريخ وصفوه بالكثير من الصفات الخارقة ، ” كقتله أسدا بيديه ” ويقول عنه ( جلال السيوطي : له فصاحة وبلاغة وأدب وفضيلة ، بجانب درايته بالشعر والأدب ، وكان الأمين عاشقاً للشطرنج .. وحسبما روى الطبري في ” تاريخ الأمم والملوك “. كان الأمين عازفاً عن الدنيا ، ومشغولاً بحب كوثر ، ونظم فيه الشعر . يذكر الأصفهاني في موسوعته ” الأغاني ” أنه في إحدى الليالي ، كانا يتمددان على بساط نرجس ، فطلع البدر عليهما ، فما كان من الأمين إلا أن قال في غلامه : ” وَصَفَ البدرُ حُسنَ وَجهِكَ حتى – خِلتُ أَنّي أّراهُ لَستُ أراكا ” / نقل من مقال لأمجد كرارة منشور في رصيف 22 ) . ومن موقع / المعرفة ، أنقل بأختصار بعضا من حياته الجنسية المنحرفة ، وبأختصار ( امتنع الخليفة الأمين ظل الله في الارض عن معاشرة النساء سواء الأحرار أو الجواري . وأبتاع لنفسه عددا كبيرا من الغلمان الحسان وجعلهم لخلوته في ليله ونهاره . زبيدة بنت جعفر احدى اشهر نساء العصر العباسي ، ووالدة الخليفة الامين حاولت تحبيب النساء لابنها . حيث قامت بإلباس الجواري الحسان لباس الغلمان وأمرت كل جارية أن تقص شعرها على شاكلة الذكور ، كما قامت بتسميتهن بالغلاميات .كان بين غلمان الخليفة غلام وسيم اسمه كوثر ، استطاع أسر قلب الأمين ، إذ هام شوقا وهياما به ، طار له عقله وتعلق به فؤاده ) . هذا أنموذج واحد والنماذج كثر في الخلافة الأسلامية . 2 . الخليفة المستعصم بالله / 609 – 656 هج ، وهو أخر خليفة عباسي ، هذا الخليفة سقطت بغداد على يده ، لأنه كان ماجنا ، ولم يهتم بجيشه ، وأنقل التالي حول عدد النساء التي كانت بقصره – وقت سقوط بغداد 1258 م / وفق مقال للدكتور أحمد صبحي منصور ( المؤرخ الهمذاني يروى ذلك اللقاء بين هولاكو والخليفة المستعصم فى قصر الخلافة فيقول : ” إن هولاكو أمر بأحصاء نساء الخليفة فبلغن سبعمائة زوجة وسرية و ألف خادمة .. وتضرع له الخليفة قائلا : مُنّ علىّ بأهل حرمي اللائي لم تطلع عليهن الشمس و القمر ..” ، أى تضرع له أن يترك له نساءه اللواتى حبسهن فى قصوره بحيث لم تكن تراهن الشمس ولا يراهن القمر . وبالطبع فقد فرقهن هولاكو على جنده وقادته ، بعد ان أمر جنوده بقتل الخليفة المستعصم رفسا بالأقدام .!! لأنه عندهم أحقر من أن يقتلوه بالسيف كما يقتلون الرجال ) . فبغداد سقطت ، وخليفة المسلمين مشغول بسلامة زوجاته وملكات اليمين وخادماته .. تاركا جيشه ورجال حكمه للقتل والتنكيل ، من قبل هولاكو ، هكذا كانت تدار الخلافة الأسلامية ! .
خاتمة : التاريخ ، لا يصدق ” دوما ” في أحداثه وفي وقائعه ، لأن كتبة التاريخ / يزورون الحقائق ، فهم يجعلون من الظالم مظلوما ، ومن المظلوم ظالما ، ويصورون الكاذب صادقا ، والصادق كاذبا .. المهم أن يكون الحاكم راضيا عن أعوانه وعن بطانته ، حتى وأن كذبوا . ومن جانب أخر ، كتبة التاريخ يعملون على أيهام الشعب ، بأن الحاكم هو ظل الله على الأرض / يجب أطاعته وأرضائه من قبل الشعب . ومن كثر تملق الحاشية والأعوان للحاكم ، أورد رواية يصور بها الشعراء للحاكم ، بأنه حتى في الكوارث هي ضربا من ضروب رضى الحاكم ( عندما ضرب زلزال عنيف مصر في عهد السلطان كافور / ” 905 – 968 م ، وكان من رقيق الحبشة ، وأصبح رابع حكام الدولة الإخشيدية في مصر والشام ، وكان الحاكم الفعلي لمصر منذ 946 م ” دخل أحد الشُعراء على السلطان وقال : ” ما زُلزلت مِصرُ من كَيدٍ ألمَّ بها … بل رقصت من عَدلِكم طَرَبا ” ) ..
أخيرا : قد نشهد يوما ما ، نشر وثائق تاريخية – وظهورها للعلن ، التي ستجعل من كل ما كنا نؤمن به ، كان مجرد خرافات وتدليس – مجموعة أكاذيب ، حشرها كتبة التاريخ في الكتب والمصادر التي كنا نقرأها ، أو في الكتب المدرسية التي كنا ندرسها ، في مؤسساتنا التعليمية ، وهناك ستكون الطامة الكبرى ! .

 

أحدث المقالات