22 ديسمبر، 2024 1:07 م

أضاءة .. للآية 18 من سورة الحج

أضاءة .. للآية 18 من سورة الحج

الموضوع : وددت أن ألقي أضاءة مقتضبة حول الآية 18 سورة الحج ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ : أولا – أود أن أبين أن معنى ” يسجد له : يخضع وينقاد لإرادته تعالى ” ، و معنى ” حق عليه : ثبت ووجب عليه ” ، ثانيا – أما تفسير الآية ، فأنقله بأختصار من موقع / القرآن الكريم ( التفسير : ألم تعلم – أيها النبي – أن الله سبحانه يسجد له خاضعًا منقادًا مَن في السموات من الملائكة ومَن في الأرض من المخلوقات والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب ؟ ولله يسجد طاعة واختيارًا كثير من الناس ، وهم المؤمنون ، وكثير من الناس حق عليه العذاب فهو مهين ، وأيُّ إنسان يهنه الله فليس له أحد يكرمه . إن الله يفعل في خلقه ما يشاء وَفْقَ حكمته .. ثم ختم سبحانه الآية بما يدل على نفاذ قدرته ومشيئته : وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ . إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ. و« من » شرطية ، وجوابها : « فما له من مكرم » ومكرم اسم فاعل من أكرم . أى : ومن يهنه الله ويخزه ، فما له من مكرم يكرمه ، أو منقذ ينقذه مما هو فيه من شقاء ، إن الله يفعل ما يشاء فعله بدون حسيب يحاسبه ، أو معقب يعقب على حكمه .قال تعالى : وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ . ثم ساق سبحانه بعد ذلك صورة فيها ما فيها من وجوه المقارنات بين مصير الكافرين ومصير المؤمنين . لكي ينحاز كل ذي عقل سليم إلى فريق الإيمان لا الكفر . ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض هذه رؤية القلب ؛ أي ألم تر بقلبك وعقلك ) ، ثالثا – وفيما يلي قراءتي العقلانية للآية ، بعيدا عن تفسير المفسرين / ألا أذا أقتضى الأمر .

القراءة : * ما ذكر في الآية أعلاه ، من سجود لله ، يمكن أن يقبل / حتى وأن كان بعضا من فقراتها بعيدة عن المنطق ، فمثلا أن الله هو في السماوات فكيف لها أن تسجد له – وهو بها . كذلك أن القمر والشمس والنجوم هم أصلا في السماوات ، فلم ذكرا ، وكذلك الجبال التي هي في الأرض ، كيف تسجد له والله فيها . وتأكيدا لهذا الأمر ، ورد في الآية التالية أن الله في السماوات والأرض ( وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ۖ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ / 3 سورة الأنعام ) .. ولكن الذي لفت أنتباهي ليس ما ذكرت بل : هو سجود الدواب لله ! ، فكيف للدابة أن تسجد لله ! ، فهل من منطق فيما ذكر . وأذا قبلنا ذلك جدلا ، لم الآية لم تذكر الطيور والأسماك ” قياسا على ما يدب على الأرض ، وما يطير في السماء ، وما يغوص في المياه ” ! .
* ما يثير أيضا ، ويدعو للتعجب ، هو المقطع التالي من الآية ” وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ . إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ ” وشرحه وفق المفسرين – ( ومن يهنه الله ويخزه ، فما له من مكرم يكرمه ) . والتساؤل هنا : هل الله يهين ويخزي عباده ، والله هو الرحيم الغفار والرؤوف – وفق الآية التالية ﴿ ٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ / 98 سورة المائدة ﴾ ، وهل من أسماء الله الحسنى : ” المهين ” و ” المخزي ” ! . أني أرى هذا المقطع شذ عن المنطق .
* أما بالنسبة لسجود الناس / غير ما ذكر في أعلاه ، فهناك بالعموم ، أناس مؤمنين ساجدين لله – وهم أتباع الديانات السماوية ، وهناك اللادينيين / وينضوي تحت سقف مفهومها اللاأدرية والملحدين والربوبية واللاأكتراثية ، وهناك البوذية والهندوس .. والقائمة تطول / والموضوع نحن ليس بصدده .
* أخيرا : أرى وجود عدم أتساق في البنية النصية للآية أعلاه ، حيث أن الآية تنص على ” أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ ” ، وهذا يعني ، كل من على سطح الأرض ومن في السماوات يسجد لله ، أذن ليس من لزوم أن تعدد الآية ما يلي ” وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ” ، لأنها ضمنا موجودة في السماوات والأرض . أي كان من المنطق أن يكتفي القرآن بالمقطع الأول ، دون ذكر تعداد من تضم ! .
خاتمة : كاتب القرآن ، يكتب النصوص دون مراجعة ما كتب ، هذا الذي يجعل من بنية النص . أن يفتقر في كثير من الأحيان الى المنطق ، هذا من جانب ، ومن جانب أخر ، هناك الكثير من النصوص ، بها حشو في الفقرات ، التي لا تشكل للنص ، أي أضافة معلوماتية ، لأنها فقط تكرار لذات المضمون .