17 نوفمبر، 2024 9:30 ص
Search
Close this search box.

أضاءة .. لقول السيد المسيح ” أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ “

أضاءة .. لقول السيد المسيح ” أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ “

الموضوع : يقول السيد المسيح ” قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ . فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ ، وَلكِنْ ثِقُوا : أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ ” / أنجيل يوحنا 16: 33 “. وأود أن أقدم مجرد أضاءة للآية ، بعيدا عن التفاسير اللاهوتية ، ولكن لا بد لنا أولا أن نعطي لمحة عقائدية للآية ، فقد جاء في موقع ” تفاسير ارثوذكسي ” التالي (( حينما يرى التلاميذ أن كلام المسيح هنا قد تحقق يزداد إيمانهم به فيكون لهم سلام . لكم فيَّ سلام = ولم يقل لكم سلام فقط ( السلام ليس في حل مشكلتي بل في وجود المسيح في حياتي ) فلا سلام حقيقي سوى في المسيح إذا آمنا به ( لا تبحث عن السلام في العالم وملذاته بل إطلبه في الإتحاد بالمسيح وفي شخص المسيح ) . هذا الذي غلب على الصليب مستعد أن يغلب فينا عدونا المهزوم إن نحن أعطيناه قلبًا مفتوحًا وإرادة خاضعة ، إذًا جهادنا نتيجته مضمونة . المسيح غلب الموت وغلب الخطية والشيطان فلماذا الخوف . وهذا المسيح الغالب يحل في قلوبنا بالإيمان ، فلا بد وسنغلب ، فنحن نخطئ لو تذمرنا في الضيق ونخطئ إذا لم نجد سلامًا في الداخل . فالمسيح الذي يهب السلام وهو مقبل على الصليب هو قادر أن يعطيه دائمًا للمؤمنين الثابتين فيه . المسيح غلب العالم والشيطان بناسوته وكان هذا لحسابنا ، لكي يغلب بنا وفينا . لذلك رأيناه وقد ” خرج غالبًا ولكي يغلب ” هو غلب على الصليب ومازال يغلب فينا . )) .
أضاءة : سأترك ما قالته التفاسير اللاهوتية المسيحية جانبا – حول الآية أعلاه ، والتي في معظمها تركز ، من كون المسيح قد غلب الموت / بحادثة صلبه وقيامته ، وسأبين وجهة نظري الشخصية أزائها ، مركزا على فحوى المقولة ” أنا قد غلبت العالم ” ، مع مقارنات من السيرة المحمدية ، لأبين كيف غلب السيد المسيح العالم ، دون غيره ! :
1 . أن مقولة ” أني قد غلبت العالم ” ، لا بد لها أن تترجم بواقع أعظم وأكبر مما نتصوره نحن كبشر ، فكيف لأنسان أن يغلب العالم بمفرده ، وهل هذه الغلبة هي من جراء أنتصار المسيح بمعركة أو بقتال فردي أو بمجابهة جدلية ! ، أذن لا بد للمتلقي أن يقتنع بما قام به السيد المسيح من عمل أو فعل محدد بذاته ، حتى نتأكد من أنه قد غلب العالم . شخصيا أنا وضعت حوادث معينة تدل / وفق رأي على أقل تقدير أنه قد غلب العالم ، وهي أن المسيح ، وهو على الصليب خاطب الله / أباه السماوي ، قائلا : ( يَاأَبَتَاهُ ، اغْفِرْ لَهُمْ ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ / أنجيل لوقا 23 – 34 ) ، أي أنه يغفر لصالبيه ، وهي أحدى القمم العالية في الغفران والمحبة والتسامح تجاه الأخرين ، التي لا يمكن لبشر أن يصل أليها ، وكان المتوقع / لو كان شخصا غير المسيح – في هذا الموقف ، أن يقول : يا ألهي أنتقم منهم ، عذبهم ، أصلبهم ، ولكن المسيح غفر لهم . أن هذا الفعل ليس فعلا طبيعيا – يصدر من أنسان عادي ، بل لأنسان سموه يفوق علوا كل القيم الأنسانية ! .
* في المقابل نرى ، رسول الأسلام محمد ، ينهج نهجا بعيد كل البعد – بل لا يمت بما ذكرنا في أعلاه من صلة ، فلا يوجد أي نوع من التشابه أو التلاقي بما ينهجه المسيح ! .. هنا محمد يقتل من هجاه أو أذاه ، لا غفران ولا تسامح ولا عفو ، وسوف أورد حاثتين تؤكد ذلك : (1) القتل الشنيع لأم قرفة ، لأنها مجرد قد هجته ( أم قرفة وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر وكانت عند مالك بن حذيفة بن بدر عجوزا كبيرة وبنتا لها وعبدالله بن مسعدة فأمر زيد بن حارثة أن يقتل أم قرفة فقتلها قتلا عنيفا ربط برجليها حبلين ثم ربطهما إلى بعيرين حتى شقاها / نقل من موقع المكتبة الحديثة الشاملة – تاريخ الطبري/ الجزء 2 – الصفحة 127 و ذكرت أيضاً في نفس الجزء صفحة 265 . و في الطبقات الكبرى الجزء 2 – صفحة 90 . و في تاريخ اليعقوبي الجزء 2 – الصفحة 71 ” ) . (2) وقتله لأبي رافع اليهودي / لأنه كان يؤذي الرسول ( ونص رواية البخاري -: عن البراء بن عازب قال : وقال زكريا بن أبي زائدة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : بعث رسول الله رهطا من الأنصار إلى أبي رافع ، فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلا فقتله وهو نائم .. / نقل من موقع أسلام ويب ) .
2 . في هذا المحور ، حيث يقول السيد المسيح للجمع حول عقاب الزانية ” من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولا بحجر ” ، والواقعة ( 3 وقدم اليه الكتبة والفريسيون امرأة أمسكت في زنا . ولما اقاموها في الوسط 4 قالوا له يا معلّم هذه المرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل . 5 وموسى في الناموس اوصانا ان مثل هذه ترجم . فماذا تقول انت . 6 قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه . واما يسوع فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض . 7 ولما استمروا يسألونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر .. 10 فلما انتصب يسوع ولم ينظر احدا سوى المرأة قال لها يا امرأة اين هم اولئك المشتكون عليك . أما دانك احد . 11 قالت لا احد يا سيد .فقال لها يسوع ولا انا ادينك . اذهبي ولا تخطئي ايضا” / يوحنا 8 : 3 – 11 ) . هنا السيد المسيح لم يتبع ناموس موسى / برجم الزانية ، بل عالج القضية من منظور أخر ، فلو وافق على رجم المرآة / الزانية ، لأنتهى الأمر بقتل المرآة ، ولكن أتبع الغفران والسماح من أجل الخلاص ، مع الاخذ بنظر الأعتبار ، أن الجمع كله خاطئ ، لذا عندما قال لهم ” من كان منكم بلا .. ” ، الكل أنصرف ، والمسيح لم ينهي الموقف ألا بدعوتها بعدم الوقوع في الخطيئة مرة ثانية .. فبعدم رجمها ، وبتوبتها منح المسيح الزانية حياة ثانية . فهنا المسيح غلب ناموس موسى / الداعي لرجم الزانية ، وغلب كل التقاليد المتعارف عليه بشأن الرجم ، وأنتصر للحياة .
* ولكن رسول الأسلام محمد ، نهج عكس ذلك تماما ، فرجم الزانية / بعد ولادة وليدها ، بالرغم من أنها ، أتت أليه معترفة بذنبها ( وَعَنْ أبي نُجَيْد عِمْرانَ بْنِ الحُصيْنِ الخُزاعيِّ أَنَّ امْرأَةً مِنْ جُهينةَ أَتَت رَسُولَ الله وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا ، فقَالَتْ : يَا رسول الله أَصَبْتُ حَدّاً فأَقِمْهُ عَلَيَّ ، فَدَعَا نَبِيُّ الله وَليَّهَا فَقَالَ : أَحْسِنْ إِليْهَا ، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ ، فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُها ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فرُجِمتْ ، ثُمَّ صلَّى عَلَيْهَا . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ ، قَالَ : قَدْ تَابَتْ تَوْبةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْن سبْعِينَ مِنْ أَهْلِ المدِينَةِ لوسعتهُمْ وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنفْسهَا للَّهِ ؟ رواه مسلم / نقل من موقع أين باز ) . وهنا الرسول رجمها ، غير مباليا بمن يعتني برضيعها بعد الرجم ! . من جانب أخر ، يقول لعمر مثنيا عليها ، أنه صلى عليها بعد الرجم لأنها أجادت بنفسها لله ، التساؤل : هل الله يريد في سماواته نساءا قد رجمت . ويظهر من سير الأحداث ، من أن محمدا كان يتبع ناموس موسى في رجم الزانية . والتقاطع الاخير ، أن المسيح منح الحياة للزانية بعد التوبة ، بينما محمد رجمها بالرغم من أعترافها بذنبها ! .
3 . وأختم مقالي ، بملحمة الموعظة على الجبل ، التي غلب بها المسيح كل الأعراف التي كانت سائدة / ولا زالت سائدة في العالم ، والتي من أجل أتباع هداها ، قتلوا كل تلامذته – عدا يوحنا ، وهذه العظة تمثل سيرة ونهجا ليس من اليسير أتباعها ، سوى للذين نذروا حياتهم فقط للمسيح – دون غيره ، وسأسرد فقط مقتطفات منها ( طوبى لصانعي السلام . لانهم ابناء الله يدعون . انتم ملح الارض . ولكن ان فسد الملح فبماذا يملح . قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل . ومن قتل يكون مستوجب الحكم . واما انا فاقول لكم ان كل من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم . سمعتم انه قيل عين بعين وسن بسن . واما انا فاقول لكم لا تقاوموا الشر . بل من لطمك على خدك الايمن فحوّل له الآخر ايضا . ومن اراد ان يخاصمك وياخذ ثوبك فاترك له الرداء ايضا . ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين . من سألك فاعطه . ومن اراد ان يقترض منك فلا ترده . سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك . واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم . باركوا لاعنيكم . احسنوا الى مبغضيكم . وصلّوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم .. / نقلت بأختصار من موقع الأنبا تكلا هيمانوت ) .
* بينما نرى الأحاديث النبوية تنهج طرقا لا يمكن أن تلتقي مع ما نهج السيد المسيح ، منها : ( وعَن ابن عُمَر ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ مُتفقٌ عليه. / نقل من موقع الامام بن باز ) و ( ” جَعَل رِزْقي تحتَ ظِلِّ رُمحي ” الراوي : عبدالله بن عمر ، المحدث : الألباني ، المصدر : تخريج مشكلة الفقر / نقل من موقع الدرر السنية ) و ( ما رواه البخاري ومسلم ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : ” قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ ، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى بِلِقَاحٍ ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا ، فَانْطَلَقُوا ، فَلَمَّا صَحُّوا ، قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ ، فَجَاءَ الخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسُمِّرَتْ أَعْيُنُهُمْ ، وَأُلْقُوا فِي الحَرَّةِ ، يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ / نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب).
خاتمة : (1) مما سبق يتأكد لنا ، أن رسول الأسلام بسيرته ، أوجد صناعة حداثوية للعنف ، ولم يوجد أي عرفا أو تقليدا من التسامح من أجل قبول الأخر ، لذا المنظمات الأرهابية الأسلامية ، التي تأسست معتمدة على الموروث الأسلامي الدموي ، كانت تذبح المخالف ، وتكبر : ألله أكبر ، فمحمد خلق مفهوما ل ” ثقافة القتل والموت ” . (2) بينما السيد المسيح ، بكل سيرته ونهجه وعظاته / كعقيدة ، خلق مفهوما أخرا للحياة ، هذا المفهوم أولد قوة جعلت منه أن ” يغلب العالم ” ، بكل مفاهيمه ، بل أن المسيح أوجد ثقافة جديدة للحياة ، عنوانها المحبة ، وقوامها التسامح والغفران والأخاء .

أحدث المقالات