18 ديسمبر، 2024 11:05 م

أضاءة في موضوعة “الأحاديث النبوية “

أضاءة في موضوعة “الأحاديث النبوية “

بداية ، لا يمكن أن يشمل مقالا مقتضبا لموضوع الأحاديث ، كل ما يلم ويخص بالأحاديث النبوية ، وذلك لأنه موضوع مسهب ومعقد وشائك ، وله مصادر متعددة ، وبعضها متضارب ، بل متناقض .. ومن ثم ، سأسرد مجرد أضاءة ، بوجهة نظر شخصية وعقلانية .

الموضوع :                                                                                                                                   1 . هناك تصنيفات متعددة للأحاديث النبوية ، منها من تصنف الأحاديث على أساس : ما هو صحيح أو حسن أو ضعيف . وهناك تقسيمات أخرى للأحاديث منها : أحاديث التواتر ( المنقولة بالتواتر من جماعة عن جماعة عن جماعة .. عن الرسول ) ، أما أحاديث الآحاد – خبر الآحاد : فهي ( المنقولة عن فرد ..عن جماعة .. عن فرد .. عن الرسول – أو –  فرد عن فرد .. عن فرد .. عن الرسول ) . ويقسم حديث الآحاد الى : الحديث العزيز . الحديث الغريب . الحديث المشهور . ووفق موقع / موضوع ، يبين حول مدى قبول حديث الآحاد ( أجمع معظم علماء الفقه وأهل العلم الشرعي على أن ” أخبار الآحاد ” المروية من الثّقات والعدول على قبوله وأنه حُجّةٌ يجِبُ العلمُ والعملُ به ، وذلك إن لم يأتِ حديثٌ متواتر آخر أو أثرُ أو إجماع يخالفه ) . علما أن هذا الأجماع عند البعض غير ملزم .                                                                                                                                       2 . ومن أشهر كتب الأحاديث ، هو صحيح البخاري – أنقل ملخصا عنه ( كتاب الجامع الصحيح المسند للإمام البخاري ، وقد اتفق جمهور العلماء على أنه أصح الكتب بعد كتاب الله / أي القرآن ، وقد جمعه البخاري في 16 سنة ، وكان لا يثبت حديثاً فيه مع توفر شروط الصحة فيه إلا اغتسل قبل ذلك وصلى ركعتين ، واستغفر الله تعالى ، وتيقن صحته . وقد قال : خرجته من نحو 600 ألف حديث .. وأما عدد أحاديثه 7275 ، إلا أن ابن حجر تعقبهما ، وتتبع البخاري بابا بابا وحديثا حديثا .. والخالص من ذلك بلا تكرار 2602 حديثا . وإذا أضيف إلى ذلك المتون المعلقة المرفوعة وهي 159 حديثا ، فمجموع الأحاديث تصبح : ” 2761 حديثا ” .. / نقل بأختصار من موقع أسلام ويب ) .

3 . وللأسترسال بالموضوع قليلا ، نود أن نبين أن أحاديث التواتر ، يختلف عددها ، بأختلاف الفقهاء والأئمة والمصادر :                     أ – ( أكثر ما جمع العلماء من الأحاديث التي قيل عنها متواترة هو زهاء 300 حديث ، جمعها العلامة المحدث المغربي الشهير محمد بن جعفر الكتاني في كتابه : ” نظم المتناثر من الحديث المتواتر ” وبالطبع فليس كل ما جمعه بمتواتر! ، وأيضا الإمام السيوطي في كتابه ” الازهار المتناثرة في الاحاديث المتواترة ” جمع فقط ما يزيد على 100 حديث متواتر ، وبعض العلماء المدققين قالوا بأن المتواتر لا يزيد على 30 الثلاثين حديثاً لا غير ، وهذا يعني أن كل ماليس بمتواتر فهو آحاد ، ومن المعلوم أن ثبوت أحاديث الآحاد ظني حتى لو كان متفقا عليه في الصحيحين ، فيبقى ثبوت مثل هذه الاحاديث غير قطعي ولا جازم . الـنتيجـة أن 99% أحاديث ظنية : وعلى هذا فلو أخذنا على العدد المتوسط من المتواتر وهو حوالي (100) حديث على رأي الامام السيوطي في كتابه ” الازهار المتناثرة .. ” مقارنة بما ورد من الأحاديث كلها دون المكرر وهي زهاء (11000) ، يتبين لدينا أن نسبة المتواتر من الحديث لا تجاوز 1% فقط وأن نسبة الاحاديث الآحاد الظنية حوالي 99% .. ) وفق هذا المصدر ، أن عدد الأحاديث يغاير عما ذكر في صحيح البخاري ، التي حددت ب 2761 حديثا.                                                                                                                          ب موقع أخر يقول قولا أخرا ( أن عدد الأحاديث المتواترة عديدة وكثيرة ولم يتمكن العلماء من حصرها بشكل كامل فبعض العلماء قال إن عدد الأحاديث المتواترة ومنها اللفظية 80 حديثا ، بينما قال بعض العلماء أن عدد الأحاديث المتواترة اللفظي وصل الى 320 حديثاً وذلك على اكثر الاحوال / نقل من موقع حديث شريف ) . بينما في موقع / المحيط ، يشير خلاف ذلك( في صحيح البخاري ومسلم يضم 110 حديث متواتر ، ومن أشهر كتب أحاديث التواتر كتاب الأمام السيوطي ).  

القراءة الأولية :                                                                                                                                أولا – بداية من الضروري أن نبين ، أن محمدا رسول الأسلام قد توفى سنة 11 هج ، بينما الأمام البخاري قد توفى سنة 256 هج ، أي هناك بينهما حقبة زمنية ، تمتد لحوالي قرنين ونيف ! ، وهذا يجعل من نقل الخبر ، شبه مستحيل ، أذا لم يكن مستحيلا ، وذلك لتغير الظروف المجتمعية والزمكانية ، وقد توفى خلال هذه الحقبة بين الرسول والبخاري ، كلمن حفظ أحاديث الرسول ، من الصحابة والتابعين وأحفاد .. أحفاد التابعين ! . فمن أي مصدر نقل البخاري الخبر ! .                                                                ثانيا – أما قضية أن البخاري قد غربل أحاديثه من 600 ألف حديثا ، فهذا الرقم خيالي ، لما يحتاجه من الوقت المستغرق في القراءة والفرز ! ، أما قضية ” وكان لا يثبت حديثاً فيه مع توفر شروط الصحة فيه إلا اغتسل قبل ذلك وصلى ركعتين ، واستغفر الله تعالى ، وتيقن صحته ” ، فهذا فيض من المخيال عند البخاري ، لما يحتاجه من جهد ، والقضية الأخرى هي” الأغتسال ” فهي أمرا يستحيل تصديقه ، لأن الوضع يعتمد في حالة توفر الماء من عدمه ، في بيئة تفتقر أصلا للماء .                               ثالثا – وقد وجهت الكثير من النقد الى صحيح البخاري منها ، وفق موقع / ويكي شيعة ، أنقل بعضا منها ( 1 . وجّه علماء الشيعة النقد للبخاري ؛ لأنَّه لم ينقل الأحاديث عن أئمة الشيعة وأبنائهم في صحيحه ، مع أنه عاصر على الأقل اثنين منهم كالإمام الهادي والإمام الحسن العسكريّ ، إلاّ إنه ذكر بعض الأحاديث عن أمير المؤمنين علي والإمام الحسن المجتبي والإمام الباقر . 2 . تعارض بعض أحاديث صحيح البخاري مع آيات القرآن / كحديث ” لن ينجي أحداً منكم عمله ” وقالوا : أنه يدل على الجبر الذي نفاه القرآن . 3 . معارضة بعض أحاديث صحيح البخاري للعقل /  كحديث سحر النبي وحديث كلام الذئب والبقرة.. ) .  

القراءة العقلانية :                                                                                                                         * لقد قيل الكثير مدحا وقدحا في صحيح البخاري ، فمنهم من صنف ” الصحيح ” ، بأنه أصح كتاب بعد القرآن ، ومنهم من فند وأنتقد ودلس وكذب مضمونه . الذي يشغلني هو التالي : من 600 ألف حديث ، فرز البخاري ، ما مجموعه 7275 حديثا ، وبتتبع وفرز أبن حجر خلص الى 2761 حديثا . الملاحظة الأولى ، هو الأنخفاض الحاد في هذا الفرز – من 600 ألف الى 2761  حديث ، فهذا وضعا يثير الأنتباه والشك ! . وتساؤل موضوعي أخر يطرح نفسه ، عن مقدار أختلاق الأحاديث عن الرسول التي وصلت الى 600 ألف حديث ! . ومن جانب أخر / فيما يتعلق بفرز الأحاديث ، من يفتي بأن ما فرز أليه من الأحاديثمؤخرا ، كان هو الصحيح ! ، ومن يقول بأن ما أهمل من الأحاديثكان هو الخطأ ! .                                                        * الأمر الأعقد والأكثر تساؤلا ، هو عدد أحاديث التواتر ، التي لم يتفق على عددها ، والتي من المنطق أن تكون هي الاحاديث الأصح في البخاري ! . وعددها يترواح من 320 الى 30 حديثا / حسب أختلاف الروايات ، وهذه أشكالية كارثية . وبالرغم من ترقيع الأئمة والفقهاء ، بوجوب أتباع أحاديث الأحاد ، وفق محددات ( أجمع معظم علماء الفقه .. واهل العلم الشرعي على أن ” أخبار الآحاد ” المروية من الثّقات والعدول على قبوله وأنه حُجّةٌ يجِبُ العلمُ والعملُ به ، وذلك إن لم يأتِ حديثٌ متواتر آخر أو أثرُ أو إجماع يخالفه ) . ولكن المنطق يقول أن أخبار الأحاد غير واجبة الألتزام بها ، من جانب أخر ، ووفق الأمام السيوطي أشار ، بأنه في صحيح البخاري ومسلم يضم 110 حديث متواتر ، وهذا يشكل أمرا كارثيا أخرا ، يدلل بأن من مجموع أحاديث البخاري البالغة / 2761 حديثا ، هناك فقط 110 حديثا منها ، يمكن القول بأنها منسوبة للرسول / هذا على سبيل الجدل ، وما خلا ذلك بأجمعه هي أحاديث ظنية ! .                                                                                                       * نقطة أخرى ، عجبا هل يستحق هذا الكتاب صحيح البخاري ، كل هذا الأهتمام ، علما أنه لا توجد أي نسخة منه بخط يد البخاري ذاته ! ، وقد جاء في موقع اليوم السابع / مقال لعبدالرحمن حبيب ، يشير به لنسخة جامعة برمنجهام ( وتعود المخطوطة إلى القرن الرابع الهجري ، أي بعد عشرات السنين من وفاة البخاري الذى توفي عام 256 هجرية ، وهي نسخة الإمام محمد بن أحمد المروزي ، الذي ولد سنة 301 هجرية وتوفي سنة 371 هجرية ، وقد سمع صحيح البخاري من شيخه الفربري عام 318 هـجرية ، وسمع الفربري الصحيح من البخاري سنة 252 هجرية ) . فهنا أيضا سوف نرجع الى أحاديث الآحاد ، حيث أن النسخة ذات العلاقة ، منقولة من المروزي – ثم الفربري ، وسمع الأخير من البخاري ، أي أيضا من فرد الى فرد .. ثم البخاري ، وليس من تواتر في الأمر . أذن ليس من مصداقية في ” نسخة أحاديث البخاري ” لأنها نقلت كما تنقل أحاديث الآحاد .. والذي يزيد في موضوع الشك في مصداقية البخاري هو مجهولية أصلهونسبه ودين أجداده ، فبخصوص نسبه وأصله ( حيث أختلف المؤرخون في أصله ، فمنهم من قال أنه عربي ، ومنهم من قال فارسيا وأخرين قالوا أنه تركيا ) . أما دين أجداده “ جدّه الأكبر بردزبه كان فارسي الأصل ، الذي عاش ومات مجوسيّاً / هذا منقول وفق رواية أبي أحمد بن عدي الجرجاني في كتاب الكامل ” .

أضاءة :                                                                                                                                   1 . أضافة لكل ما سبق ذكره ، هناك بعض الأئمة تنفي وجود حتى الأحاديث المتواترة ، وهذا الأمر يقودنا الى الأعتقاد أن كل أحاديث الرسول ، هي أحاديث أحاد . ففي صحيح بن حبان / الإمام أبو حاتم بن حبان البستي المتوفى سنة٣٥٤هـ ، يبين أن كل أحاديث الرسول ، هي أحاديث أحاد ( .. فأما الأخبار : فإنها كلها أخبار أحاد ، لأنه ليس يوجد عن النبي خبر ، من رواية عدلين ، روى أحدهما عن عدلين ، وكل واحد منهما عن عدلين ، حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله ، فلما استحال هذا وبطل ، ثبت أن الأخبار كلها أخبار آحاد ، وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد ، فقد عمد إلى ترك السنن كلها ، لعدم وجود السنن إلا منرواية الآحاد / نقل من موقع جامع الكتب الأسلامية ) .                                                                    * وهذا يعني أن كل ما نقل من أحاديث عن الرسول ، كلها ظنية ومشكوك فيها ، لأنها أحاديث أحاد ! .. وهذا الأمر من جانب أخر ، يبرز أشكالية معقدة في صحة الموروث الأسلامي ، المنقول ألينا عبر حقب زمنية متعاقبة ! .

2 . خلاصة الأمر ، ماذا قدم لنا صحيح البخاري ، بعد حوالي 12 قرنا ، من الأطلاع على صحيحه ، هذا أن صح حقيقة وجوده ! . هل قلل من عنف وأرهاب آيات السيف ، هل ألغى عددا من آيات الجهاد ، هل حجب بأحاديثه من موضوعة السبي والجزية ، هل شجع على قبول الأخر .. كل هذه التساؤلات وغيرها أجابتها هي : بالتأكيد ” لا ” . ومن جانب أخر ، هل منح صحيح البخاري ، وجها حضاريا للأسلام ، كل هذه المواضيع والتساؤلات وغيرها ، من الضروري محاولة الأجابة عليها ، من قبل فقهاء وأئمة وشيوخ المسلمين ، لنتيقن أين نقف نحن / مسلمين وغير مسلمين ، من العقيدة الأسلامية ! .