22 نوفمبر، 2024 8:50 ص
Search
Close this search box.

أضاءة في النقد الديني

أضاءة في النقد الديني

أستهلال :
هذا المقال ، أو البحث المختصر متجاوز لبعض الخطوط الحمراء ، وحساس بنفس الوقت ، لأنه يمس بعض الثوابت ، ولكن لا بد من تناوله وذلك للأهمية النقدية التي تتطلبها حقائق الأمور ، ولكي يرتقي الفكر الأنساني ، أرى أن يخضع الموروث الأسلامي / بالتحديد ، للنقد .. لأجله أقتضى التنويه !! .

الموضوع :
بداية لو تحددنا بالتوراة والأنجيل كتمهيد ، فان ” التوراة كتبت من قبل موسى عدا الأصحاح الاخير فقد كتبه تلميذه أيشوع ، والذي يسجل فيه خبر وفاة موسى وأضافه لسفر التثنية / نقل من موقع الأنبا تكلا هيمانوت ” ، ولكن النقد العلمي يرى غير ذلك ، فقد بين البروفيسور الطبيب جان أستروك / 1684 – 1766 والذي لعبَ دورًا أساسيًا في أصول التحليل النصي الناقد لأعمال الكتاب المُقدس ، ما يلي ” بأن التوراة لم يكتبها شخص واحد وإنما عدة أشخاص ، وذلك بسبب أربعة مميزات في نصوص سفر التكوين والأسفار الأخرى ، وهي : تكرار لا حاجة له ، تناقضات داخلية ، اختلافات في الأسلوب واللغة ، اختلافات إيمانية وفكرية ” . أما اللغة التي كتب موسى بها التوراة فيرى ” د. عبد الحميد زايد أنها كتبت باللغة المصرية القديمة ، فموسى عاش وتوفي قبل أن توجد العبرية ويعرفها الإسرائيليون … بينما رأى البعض الآخر ، مثل دكتور ” نافل ” ومستر ” سايس ” والكولونيل ” كوندر ” أن موسى النبي كتب التوراة بالخط المسماري على ألواح من الأجر / / نقل من موقع سانت تكلا ” . أذن كان هناك مساحة من البحث العلمي في التأكد من لغة التوراة ومن كتبها ، ولم يقتصر الأمر على أراء محددة من قبل المؤسسة الدينية اليهودية فقط ! .
كذلك الأناجيل ، فأن المعترف بها كنسيا هي أربعة : انجيل متى ، انجيل مرقس ، انجيل لوقا ، انجيل يوحنا ، وتقدم الأناجيل صورة أكثر إكتمالاً عن المسيح. في حين أن كل الكتاب هو موحى به من الله ( تيموثاوس الثانية 16:3 ) ، ” فقد إستخدم الله أشخاص لهم خلفيات وشخصيات مختلفة لتحقيق أهدافه من خلال كتاباتهم . كان لكل ممن كتبوا الأناجيل هدف مميز من الإنجيل الذي كتبه ، وللوصول إلى ذلك الهدف قام كل منهم بالتركيز على جوانب مختلفة في شخصية وخدمة الرب يسوع المسيح / نقل من موقع got question ” ، وبنفس الوقت عرف الكثير من الأناجيل المنحولة ، لم تخفيها بل بينتها الكنيسة من مبدأ الوضوح العقائدي ، وهي ” نصوصٌ دينية تروي حياة يسوع ، كُتِبَ معظمُها انطلاقًا من منتصف القرن الثاني ، وحكم عليها المسيحيون الأوائل بكونها غير موثوقة من الناحية التاريخية وبالعموم غير موحاة من الله . أمّا فحواها فيتضمن في معظم الأحيان مفاهيم هرطوقية / نقل من aleteia.org/ar ” . أما بالنسبة للغة التي كتبت بها الأناجيل فهي اليونانية ، فقد جاء في موقع الويكيبيديا التالي ” إن مخطوطات العهد الجديد ، والتي أنشئت في كثير من اللغات ليست كتابًا واحدًا بخط المؤلف نفسه بل هي نسخ أو نسخ النسخ للكتب الأصلية التي فقدت اليوم ، إن أقدم النصوص المتوافرة للعهد الجديد ترقى إلى القرن الثالث وقد كتبت باللغة اليونانية على الرق ” . من جانب أخر تعرضت بعض نصوص الأنجيل للنقد منها ، مثلا النص التالي : لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ . مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا / انجيل متى 10 : 34 ) ، كما أن المؤسسة الكنسية بذاتها تعرضت أيضا للكثير من النقد في حقبة محاكم التفتيش ، وهي ( ديوان أو محكمة كاثوليكية نشطت خاصة في القرنين 15 و 16 ، مهمتها اكتشاف مخالفي الكنيسة ومعاقبتهم . ان محاكم التفتيش هي ” سلطة قضائية كنسيه استثنائية ” التي وضعها البابا غريغوري التاسع لقمع ، في جميع أنحاء العالم المسيحي ، جرائم البدع والردة ، وأعمال السحر ، من القرن 13 و 16 / نقل من الويكيبيديا ) . مما سبق مسيحيا لم يغلق باب النقد الديني ، حيث لم تخفي الكنيسة مثلا وجود عشرات الأناجيل المنحولة ، كما أن أحتجاج مارتن لوثر 1843 – 1546 ( راهب ألماني ، وقسيس ، وأستاذ للاهوت ، ومُطلق عصر الإصلاح في أوروبا ، بعد اعتراضه على صكوك الغفران) ، نشر في عام 1517 رسالته الشهيرة المؤلفة من خمس وتسعين نقطة تتعلق أغلبها بلاهوت التحرير وسلطة البابا في الحل من ” العقاب الزمني للخطيئة ” ، وهذا أكبر دليل على وجود مساحة من الحرية في النقد .

القراءة :
العرض السابق / وهو غيض من فيض ، يبين أنك تستطيع أن تنتقد أو أن تشكك ببعض المفاهيم والثوابت أو بعض النصوص ، ولا ارى شخصيا أي ضرر من هذا النقد ، ما دام علميا ويستند على وقائع معينة ، ولا يؤثر على أيمان المؤمنين ، ما دامت العقيدة الدينية ثابتة راسخة في أيمان التابعين . ولكن الأمر يأخذ منحنيا أخر في الأسلام ” الرسول والقرأن والأحاديث والسنن – بل كل الموروث الأسلامي ! ” ، فالنقد محرم ، وذلك لأنه يمس الثوابت ، ويمكن أن يتعرض الناقد لأبشع وأقسى الأتهامات ، وفي البلاد الأسلامية ممكن أن يتعرض للقتل ! كمقتل المفكر المصري فرج فودة ، وقتل الكثير حتى في أوربا / كما حدث مع محرري جريدة شارلي أيبدو الفرنسية .. أن الأمر مختلف أذا مس الأمر محمد ، فأنت لا تستطيع أن تنقد ، مثلا : من هو رب محمد ! ولم يختلف عن الرب في اليهودية والصابئة والمسيحية ! ، ولم رب محمد دمويا ” إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) / سورة النساء ” ، ولم نزل القرأن على 7 أحرف ، ولم لم ينزل القرأن كاملا محركا مضبوطا منقطا ما دام القرأن كان عند الله في اللوح المحفوظ ! ﴿ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ / سورة البروج 22 ﴾ ، وماذا كان يعبد محمد قبل البعثة ! هل كان مسيحيا حقا ! ، وما حقيقة قصة الأسراء والمعراج ! ، ولم هذا التغيير في نهج النصوص من اللين والود الى التكفير والألغاء ! ” لتجدن أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ/ سورة المائدة (82)” ، ثم يحدث تغيير في منهج الرسول ، جعله أن يقول ، الحديث التالي ( وعَن ابن عُمَر ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكاة َ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ / مُتفقٌ عليه ) ، أما هلوسة ” حور العين في الجنة ” فيجب التوقف عندها لأنها تمثل أشكالية جنسية في رواق الجنة ، ( عن أنس عن النبي قال : ” يُعْطَى الْمُؤْمِنُ فِي الْجَنَّةِ قُوَّةَ كَذَا وَكَذَا مِنْ الْجِمَاعِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ يُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ ” رواه الترمذي برقم 2459 وقال : صحيح غريب ) . هذه شواهد فقط ، وما خفي كان أعظم ، أذن لا بد من البحث في حيثيات تاموروث الأسلامي ككل بعين الناقد المجرد ! .

أضاءة : من الضروري ان تتخلخل موازين الأيمان العمياء ، وذلك من أجل تفكير عقلاني ، فالمطلق في روايات الخرافات والهلوسات يجب تحطيمه ، وذلك في سبيل الأرتقاء بالتفكير البشري وأخراجه من السجن المأبون بأشكاليات الحكايات ، وبنفس الوقت يجب الأبتعاد عن المقدس والايقونات ، فالرسول نفسه غير مقدس ، وفق الأية التالية ” قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)سورة الكهف ” ، لذا أرى من الضروري وضع الكل تحت مجهر النقد البناء ، كما يجب ألغاء مبدأ التسليم التام للأفكار اللاعقلية ، مع أتباع المبدأ الديكارتي / مبدأ الشك كوسيلة للوصول الى اليقين ، للوصول لحقيقة أي واقعة أو حدث ، والعمل على رمي مقولة ” رجاحة المنطق المشبوه وفصاحة اللسان المعسول ” للشيوخ ورجال الدين والدعاة في سلة المهملات ، لأنها تعمل على تحجيم الفكر الأنساني ! ، فحقبة المحذور والممنوع ، في صحيح البخاري مثلا ، زمن قد ولى ، والمقابر لا تبعث منها الحياة لأن المدفونين فيها موتى ، والموتى لا يمنحون الحياة للأخرين ! ، وأن التأخر في كشف الحقيقة أفضل من هلوسة التخبط بالخيال القبلي في زمن الدعوة المحمدية المسكون ” معظمه ” بالجهالة السحيقة والتخلف الفكري ! .

أحدث المقالات