19 ديسمبر، 2024 8:24 م

أصول الإرهاب في التاريخ العربي

أصول الإرهاب في التاريخ العربي

لم يأتي الإرهاب الذي تعاني منه الساحة العربية والإسلامية من فراغ بل له أصول في تاريخنا العربي الطويل وليس الإسلامي ، لأن الإسلام كدين يرفض كل أنواع الإرهاب وكذلك الفساد وما يحملا هذين العنوانين في طياتهما من عناوين فرعية كثيرة ، ولكن من قام بهذا الإرهاب قد صبغ إجرامه بصبغة دينية حتى تنطلي على عامة الناس ، لهذا فجميع هذه الجرائم التي قامت بها أسماء ذات مكانة كبيرة في التاريخ الإسلامي فأن دوافعها دنيوية بحته وأغلبها إذا لم يكن جلها من أجل السلطة والملك ، لهذا أبعدنا الإسلام من العنوان الرئيسي للمقال لأنه بريء من هذه الجرائم كبراءة الذئب من دم يوسف ، وأول هذه الأعمال الإرهابية قام بها خالد بن الوليد عندما رمى أبناء قبيلة بني أسد بعد تكتيفهم من أعالي الجبال وهم أحياء أو حرقهم بالنار أو قتلهم وهم مكتوفي الأيدي وغيرها من الجرائم …( 1)، وقام خالد بن الوليد ايضاً بقطع رأس مالك بن نويرة ورفاقه وجعلها أثفية (مساند) للقدور …( 2) ومن ثم أكل من طعام هذه القدور وأفعال خالد جميعها بسبب رفض هذه القبائل لخلافة أبي بكر ، ولنفس السبب قام زياد بن لبيد بقتل سبعمائة رجل من كندة صبراً بعد أن خدعهم ودخل الحصن الذي كانوا محاصرين فيه وتركهم بدون دفن وترك جثثهم للسباع …..(3) ، قيام الخليفة أبو بكر بحرق فجاءة ومن ثم الندم على فعلته حيث قال في آخر أيامه ( أما إني لا آسى على شيء إلا على ثلاثة فعلتهن ، و ثلاث لم أفعلهن ، وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : وددت أني لم أكشف بيت فاطمة …….. ووددت أني يوم أتيت بالفجاءة السلمي لم أكن حرقته وقتلته أو أطقته نجيحا …) …(4) ، قيام معاوية بقتل حجر بن عدي ورفاقه صبراً وهم مكتوفي الأيدي بسبب رفضهم سب الإمام علي (ع) ….(5)،
وفي زمن معاوية أيضاً قام زياد بن أبيه بقطع رأس عمرو بن الحمق الخزاعي وحمله من الموصل الى دمشق وقذفه في حضن زوجته التي سجنها معاوية انتقاما من زوجها (6)، وقد كان زياد بن ابيه يدفن معارضيه وهم أحياء ويفقأ عيونهم ويحرقهم على نار هادئة ثم يجز رؤوسهم (7)، قيام جيش يزيد بقطع رأس الإمام الحسين (ع) وكذلك رؤوس أهل بيته وأصحابه وحملها على الرماح من كربلاء ( العراق) الى دمشق الشام ، قيام يوسف بن عمر الثقفي بنبش قبر زيد بن علي (ع) وقطع رأسه وهو ميت وأرسال برأسه الى هشام بن عبد الملك وأمر هشام بصلب زيد عرياناً على جذع نخلة واستمر الصلب أربع سنوات الى حكم الوليد بن يزيد الذي أمر بإنزال جثته وإحراقها ….(8) ، قيام مسلم بن عقبة بأستباحت المدينة المنورة خلال ولاية يزيد بن معاوية لثلاثة أيام نهباً وغصباً وقطعاً للرؤوس …( 9)، قيام الحجاج بن يوسف الثقفي بقتل وحرق وصلب وذبح ما يتجاوز مائة ألف وعشرين إنساناً…(10) ،
وقد أباح هشام بن عبد الملك الحرق واستكثر منه بالإضافة الى قطع الأطراف مثلما فعل مع غيلان الدمشقي … (11) أو كما فعل عامله على العراق خالد القسري مع الجعد بن درهم حيث تم ذبحه وحرقه ….( 12) وهو المصير ذاته الذي حل بالمغيرة بن سعيد وأتباعه …..( 13) وكذلك الحارث بن سريج وأنصاره…. ( 14)، قيام أبو مسلم الخرساني بقتل الآلاف وكذلك ابو جعفر المنصور قد أوغل بالقتل وقد كان يدفن معارضيه أحياء حتى الموت ، وهكذا استمرت سُنة أغلب الخلفاء الذي سيطروا على الحكم بالقتل والتعذيب والإجرام لتثبيت حكمهم وملكهم ، وهذه الطرق الإجرامية الإرهابية أصبحت سنة لجميع المجاميع المتخذة من هؤلاء القادة قدوة يجب أن تتبع ويحتذى بها ، مما أدى الى تفشي هذه الأساليب ما بين الشباب المتطرف دينياً بعد أن غلفت بأغلفة دينية تجمل الفعل الإجرامي وتقدسه وتجعله طريقاً لرضا الرب ومن ثم دخول الجنان ، وبهذا ضاعت الأمة مابين سلاطين مجرمين وشباب تائهين فوقهم يجلس وعاظ السلاطين .

(1) فتوح البلدان – البلاذري ج1 ص117(2) البداية والنهاية – أبن كثير ج6 ص354، تاريخ الرسل والملوك – الطبري ج2 ص 502(3) فتوح البلدان – البلاذري ج1 ص124(4) تاريخ الإسلام – الذهبي ج3ص117(5) تاريخ مدينة دمشق-ابن عساكر ج49ص264، شرح الأخبار – القاضي النعمان المغربي ج2ص169(6) شرح الأخبار – القاضي النعمان المغربي ج2ص32 ، الغدير – الشيخ الأميني ج11ص44(7) الإحتجاج – الشيخ الطوسي ج2ص17، بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج44ص125(8) مروج الذهب للمسعودي ج3ص251 ، البداية والنهاية – ابن كثير ج9ص331(9) الطرائف في معرفة مذاهب الطزائف – السيد بن طاووس ص166(10) توضيح المقاصد ( المجموعة) – الشيخ البهائي العاملي ص22(11) دراسات في الحديث والمحدثين – هاشم معروف الحسني ص342، كتاب المجروحين – أبن حبان ج2 هامش ص200(12) فتح الباري – أبن حجر ج12ص239 ، تهدذيب التهذيب – أبن حجر ج3ص88(13) الأعلام – خير الدين الزركلي ج7ص276(14) البداية والنهاية – أبن كثير ج10ص28

أحدث المقالات

أحدث المقالات