23 ديسمبر، 2024 11:23 ص

أصوات البطانيات وأصوات الكرامة

أصوات البطانيات وأصوات الكرامة

ما زال البعض ممن نالهم رضا السياسي الذي يمثلهم سواء كان وزيرا او برلمانيا او حتى رئيس حكومة ( ومع الأسف ) يشعرون بالأمتنان الكبير لممثلهم ذاك ، خصوصا بعد كرمه وعطفه وسخائه وتفضله وتلطفه بتعيين ابن لهم بدرجة ( فراش) في مدرسة هنا او مصلحة حكومية هناك ، أو أخا لهم كـ شرطي في شرطتنا الأتحادية أو جندي في قواتنا المسلحة .. فقد اصبح ( باج ) الحكومة الشخصي هو قمة طموح اولائك المساكين من أجل العيش ببعض من الطمأنينة وسط غابة السيطرات التي تعم شوارع مدننا .. أو الخروج بسلام من حملات الدهم والتفتيش المستمرة لمدننا المبتلية وبيوت عوائلنا الآمنة التي ضاع امنها بين ارهاب المجاميع المسلحة الباغية على مختلف الوانها وبين ارهاب الحكومة .. وربما سعادة اولائك المساكين قد تأخذ أقصى مداها عندما يعزز ممثلهم السياسي كرمه ذاك ببعض من بطانيات وصوبات نفطية وحتى صناديق زيت الطعام أو اكياس لحم الغنم المذبوح .

ونسي او تناسى اولائك المساكين المغيبين عن الحقيقة أن جيوبهم مهما امتلئت بفلوس عطايا السياسيين فأن كرامتهم ستهان في اول سيطرة طريق يعبرون منها .. وما أكثرها .. وان تلك الفلوس ستخرج من جيوبهم باضعاف مضاعفة عند اول تهمة كيدية لأحد ابنائهم المساكين .. وايضا فأن فلوس السحت الحرام تلك لن يكون بها بركة وستصرف ايضا وفوكاها عوازة عند مراجعة أي دائرة رسمية من دوائر حكومتنا العتيدة لأنجاز معاملة ما .. بل ان أهم ما تناسوا عنه هو مستقبل أبنائهم والأجيال القادمة وكيف ستكون صورته وهم يرسموه بمذلة بواسطة تلك العطايا البائسة .

من العجب العجاب كيف ان بعض من بطانيات ومدافيء مستوردة .. وبعض من درجات وظيفية معدودة منحت للسائرين بخط ( السلطان ) .. ما زالت تؤثر على رسم المشهد السياسي لحاضر العراق ومستقبله .. وكأن تاريخ هذا البلد العريق وثراته ومكانته الأقليمية والدولية وأصالة وبطولات و ( ذكاء ) شعبه ، قد اختزلت أمام القوة ( الخفيـّة ) لتلك البطانيات .. خسأ كل من اشتراها ووزعها واستلمها وتغطى بها .

التغيير الحقيقي الذي ينشده الآن وليس غدا ، ابن البصرة وكربلاء والرمادي وبابل وصلاح الدين وكل مدن العراق واهلها ، يستوجب حملة فورية لتوعية اولائك (( المغيبين )) عن تاريخ وبطولات وكرامة ورقي اجدادهم وعشائرهم ، وارتضوا بفتات الفتات من أناس لا يهمهم حتى أن يستولوا على بيوت الله ويحولوها الى مزارع خاصة لهم ولأبنائهم ولزوجاتهم ( الصغيرات ) .. كما يستوجب الأمر بعض قطرات من ( قطرة ) الوطنية تغسل بها أعينهم وتزال الغشاوة عنها لكي تكون اصواتهم للكرامة وعزة واستقلال وطنهم وأهلهم ، وليس للبطانيات أو صناديق زيت الطعام .