23 ديسمبر، 2024 5:20 ص

أسوأ وأخطر وأفسد السياسيين

أسوأ وأخطر وأفسد السياسيين

السياسيون أنواع، هاوون وطارئون ودخلاء متكلسي الافكار، دخلوا عالم السياسة، بسهولة أو بشكل عفوي أو بالصدفة أو نتيجة لصلة قرابة معينة، ليلهوا ويعبثوا في أزقتها وهم لايعرفون الثوابت الشاخصة في أبجديات علم السياسة. يكررون الخطايا سيراً على مبدأ في الإعادة إفادة، ويمنحون المال لأناس كثيرين لتلميع صورتهم. لا يتفاعلون مع الوجدان والثقافة الملهمة والفكر، ويتعجلون في التصريح وإتخاذ المواقف. يراهنون على سذاجة الآخرين وبلادتهم، ويلجأون الى الشك والريبة والإنتقام والتجني الفاحش على الإنسانية والحياة من أجل الحصول على مكاسب سياسية ومواقع وقتية. ينظرون الى الواقع بشكل إفتراضي، وينساقون مع الوهم والخيال والتأويلات والتحريفات وما عندهم من أطماع عبر تضخيم وتهويل قدراتهم والمبالغة في تقدير إمكاناتهم. وفي النهاية لا يخلدون إلى الراحة، وسيكون مصيرهم المعاناة المريرة والإكتواء والإنزواء والجلوس في ركن النسيان.

سقت بهذا الكلام لأتحدث عن النماذج الواضحة لمخاطر السياسات التدميرية لبعض السياسيين الموجودين في مجتمعنا الكوردستاني، وفي المجتمع العراقي، وفي غالبية المجتمعات الأخرى، ولأقول أن :

* أسوأ أنواع السياسيين، هم الذين يبيعون الوهم للناس، ويتخبطون في دروب السياسة بحثاً عن منافع شخصية بين أنقاض الأزمات. ويحاولون زعزعة الإستقرار برمي الشرر فيه، والضرب على وتر الفتن السياسية بهدف إستثمار الظروف، وخلط الأوراق في أواني الصراع لتعقيدها، من جهة، وللتفرغ للخيانات والخيبات الكبيرة، من جهة أخرى.

* وأخطرهم هم الذين يتجهون نحو الأهواء، فيطلقون تصريحاتهم الترهاتية وخطاباتهم العدائية على غير هدى ودون أن تكون لهم مواقف واضحة، ويلعبون بالعواطف ويرفعون الشعارات الشعبوية وغير الواقعية، ويكون كلامهم دون المستوى. يرفضون الآراء والتوجهات التي تقدم من أجل تجاوز الأزمات الحقيقية والمصطنعة، ويصرون على شروطهم ومطالبهم، ويحاولون وضع الشعب على حافة كارثة غير محسوبة العواقب.

* وأفسدهم، يتحدثون أكثر مما يفعلون، يستغلون الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومواهبهم الخطابية والمشكلات الخدمية، لتفجير قضايا مثيرة، وربما متناقضة، ولتمرير آرائهم النتنة وفرض مشاريعهم العفنة، والمتاجرة بمصائر الشعب والبلد. وفي ساعات حلمهم، أو لحظات سكرتهم بالسلطة يستبقون في قراءة النتائج وتسويقها كما يحلو لهم، وتختلط عندهم المعلومة بالرأي. فيندفعون ليبشروا في تحليلاتهم بأن حسم الأوضاع سيكون لصالحهم.

* وأفشلهم، هم الذين لا يؤمنون بقدراتهم فيهربون من المسؤولية عبر استهداف غيرهم، ويحاولون الكسب والعيش والترقي على طعن الآخرين من الظهر، أو شق وحدة الصف ودغدغة المشاعر بعناوين عريضة، والبحث عن الدلائل والقرائن التى تخرب وتهدم ما بناه الخيرون وتزعزع الأمور وتوترها بهدف إثبات تورط الآخرين. ويهددون، أويروجون لكشف الدلائل فى الوقت المناسب دون الاكتراث للنتائج، لأنهم رموز للتضليل.

وأخيراً لابد من القول: في مقابل هؤلاء، هناك أيضاً في جميع المجتمعات، سياسيون عقلاء وفوق الشبهات، ومحترفون مبدعون رفيعي المستوى، ملتزمون يعرفون أين تبدأ حدود مسؤولياتهم، وأين تنتهي. يجيدون الحوار والأفعال والأقوال، ويتحسسون المشكلات عن كثب، فيطرحون الحلول بشكل موضوعي بعيداً عن التشنج والتعصب. ينظرون الى الواقع بواقعية و شجاعة وجرأة، ويعلمون معاني الإلتزام بالقيم العالية في إختيار أولويات المرحلة وتغليب العدالة على المصالح الخاصة والحزبية، وحقيقة ما يجول في الأفكار، وما يستطيعون أن يفعلوه ويحققوه من مجموع ما يريدونه ويقصدونه، وما لا يستطيعون أن ينجزوه من رغبات وطموحات، بسبب عدم إمتلاكهم لكل الأوراق اللازمة. كما يجيدون التعبير عن المواقف التي تجسد الواقع والتجارب والظواهر والمشكلات، وفي تقديمها للرأى العام، ويشخصون ما يجب إحتوائه أو مواجهته، وفي مراحل معينة يفرضون المنهج والمفهوم الذي يؤمنون به، وعندما يقولون كلمتهم، يسكت ويخرس الحاقدون. وهؤلاء، يحيط بهم الناس أثناء حياتهم، ويخلون عندما يرحلون.