23 ديسمبر، 2024 4:18 ص

المستشفيات العراقية يتم تسميتها وفق منهاج غريب , وجرت على هذا المنوال منذ عهد الجمهوريات حتى اليوم , وما ظهر أي تبدل للسلوك الذي لا مثيل له في مجتمعات الدنيا.
فما أسهل أن نلصق أسماء الأشخاص على المؤسسة الصحية دون مسوغات معقولة , سوى أنها رغبة الحزب الحاكم أو النظام , وتعبير سياسي إستبدادي مخجل.
أي أنها تصرفات لا تخضع لمعايير أو منهاج إنساني علمي ثقافي وطني وإجتماعي نافع.
فلماذا ننفرد بهذا السلوك؟
لماذا نسمي المستشفيات بأسماء أشخاصٍ لا علاقة لهم بالصحة والطب , ولم يساهموا بدينار واحدٍ في بناء المؤسسة الصحية؟
إن المتعارف عليه في الدنيا أن المستشفى التي يتم بناؤها في المدينة تأخذ إسم المدينة , خصوصا إذا بنيت من خزينة الدولة أو المدينة , أو ساهم في بنائها أهل المدينة عن طريق التبرع بالمال.
ففي كل مدينة في العالم مهما صغرت أو كبرت مستشفى تحمل إسمها.
فنقول مستشفى الحلة والبصرة وكربلاء والموصل وهكذا.
فليس من الصحيح أن نقول مستشفى فلان الفلاني , فلكي يكتسب الشخص حق وضع إسمه على المستشفى , عليه أن يكون قد بناها.
إن هذا السلوك المنحرف في تسمية المستشفيات والمؤسسات الصحية العامة بأسماء أشخاص , له تأثيرات سلبية على السلوك , ويعد إستهانة بالطب والإنسان , وأصول ومعايير تقديم الخدمات الطبية في البلاد , وكأنها منحة أو معروف من الشخص الفلاني الذي ألصق إسمه على المستشفى.
كما يقدم المؤسسة الصحية على أنها واجهة سياسية أو حزبية , وليست خدمية ذات منطلقات إنسانية رحيمة.
إن من الوطنية والمهنية أن نبتعد عن لصق أسماء أشخاص بالمستشفيات والمستوصفات , وهم لا ناقة لهم ولا جمل في الطب.
إن الموضوعية والعلمية تستدعي أن نكون مهنيين ونزيهين في إختيار إسم المستشفى , فإختيار الإسم من واجب مجالس المدن , وأن تجد الإسم الذي يعبّر عن الصفات الأصيلة للمدينة.
فكم عدد المستشفيات التي تحمل إسم فلان الفلاني؟
وعندما تسأل هل بناها , يكون الجواب بالنفي!!
وهل له تأريخ مرموق في الطب يستحق وضع إسمه على المستشفى , الجواب بالنفي أيضا!!
وعندما تسأل إذن لماذا ؟
لأنه كذا وكذا , فوضعوا إسمه على المستشفى , لأسباب فئوية وحزبية وكرسوية!!
إن المستشفيات ليست مواقع سياسية , إنها خدمية وحسب.
إن تسمية المستشفيات العامة بأسماء أشخاص , سلوك معيب وفاقد للمعاني الحضارية المعاصرة , وللأصول الإجتماعية والخدمية النزيهة الصادقة اللائقة بالإنسان.
فالذي يريد أن يسمي أي مؤسسة خدمية بإسمه عليه أن يبنيها لا أن يدّعيها بهتا وزورا.
وما أروع أن يساهم أغنياء البلاد ببناء المؤسسات الخدمية في مدنهم , ففي ذلك أصل الوطنية والتعبير الأمثل عن معاني المواطنة الصالحة , وكم هو فخر للناس أن تحمل أسماءهم وتشير إلى مساهماتهم الطيبة في المجتمع.