23 ديسمبر، 2024 1:46 ص

أسلوب المرأة الشاعرة أو الكاتبة في الكتابة في الأدب النسوي تحديدًا

أسلوب المرأة الشاعرة أو الكاتبة في الكتابة في الأدب النسوي تحديدًا

لا شك أن المرأة الشاعرة أو المرأة الكاتبة لها في الكتابة الأدبية أسلوبها الذي يميّزها عن الكاتب الرجل أو الشاعر الرجل, وأعتقد أن هذا القول سيثير علي العديد من الآراء المعارضة من الجنسين على حدّ سواء ( وقد حدث هذا فعلًا ) بادعاء أن الإبداع لا يقف عند حدّ جنس المبدع, وأنا لا أنكر ذلك, لكن أي إبداع؟ هل نستطيع أن نوازي بين رجل يكتب الأدب النسوي وبين المرأة عندما تكتبه؟
والأدب النسوي هو أدبٌ مُختلَفً على ماهيّته- و انقسمت الآراء حوله بين مؤيّد ومعارض, يمكننا أن نقول: “بأنه الأدب الذي يكون فيه النص الإبداعي مرتبطًا بطرح قضية المرأة والدفاع عن حقوقها دون ارتباط بكون الكاتب امرأة”
وبغض النظر عن المؤيدين والمعارضين للمصطلح, من وجهة نظري, مجرّد الجدل في هذا الأمر هو إقرار بموقع ومكانة هذا النوع من الأدب, وترسيمه بسماته العامة, مع مطواعيّته لقبول سمات أخرى يفرضها التغيّر المجتمعي بمقتضى التطوّر المتسارع للعالم المحيط. فأنا مِن مَن يقرّ هذا النوع من الأدب, سواء كتبه ذكر أم أنثى, وأميل إلى معقولية أن الكاتبة الأنثى تكتبه بمصداقية أكبر.
بالعودة إلى ادعاء أن المرأة تنقصها التجربة في كتابتها, أطرح السؤال التالي :
هل كل ما يكتبه الرجل كان عن تجربة شخصية ؟ هل كل من كتب عن المعتقلات و والسجون كان مسجونًا أم معتقلًا ؟ لا أريد أن اذهب بعيدًا جدًا أنا امرأة وكتبت عن المعتقلات شعرًا, وكتبت عن الحرب قصًّا وشعرًا, وأحسب أن معظم شاعرات وكاتبات طروادة نون النسوة قد كتبن في مواضيع كثيرة مشابهة لم تكن أقل إبداعًا مما كتبه الرجل في نفس تلك المواضيع…
ويكفينا أن نعترف أن الأدب هو قليل من الواقع, وكثير من الخيال, فإن كان الواقع هو التجربة فهي بالأساس الجزء الضئيل الذي يمكن الحصول عليه بسهولة بالسؤال والبحث عنه, وما أكثر الألسن التي تحكي, وما أوسع معلومات جوجل وما أثراها! ويبقى للخيال فضاءه الواسع الذي يتنافس فيه الجميع…
وأما الادعاء الثاني, بتمحور شعر المرأة حول الرجل, فلي فيه رأي أتمنى أن تعيه المرأة الشاعرة, خُلقت المرأة من ضلع الرجل, نعم, من داخله هو, فوجب أن تكون هي المركز, ذلك أبدع نزار وغيره عندما تغزّل فيها, لكن لمّا انعكست الآية, وتغزّلت هي بالرجل, بدت انبطاحية ! ولا يليق بها الانبطاح, فهي خُلقت لتتربّع على عرش قلبه, لا لتتمرّغ على أرض الوجد تطلب الوصل وتشكو من هجر الحبيب و التولّه به, هذا يتنافى حقيقة مع بنيتها التي صوّرها الله عليها,
لذلك نجد أن قصائد نزار التي أطلقها بلسان( هي ) لم تأتِ بذات الصدق في الشاعرية التي قال بها بقية قصائده بلسانه هو كشاعر رجل, وهذا لا يعني أن المرأة الشاعرة لا تجيد كتابة قصائد الحب, تجيدها جدًا عندما تكتبها بأنفة وعزة وعفة, برمزية بعيدة عن الإسفاف, وصدق ينعكس من الصور الشاعرية بعيدًا عن التصنّع والقولبة البلهاء …
وتكتب المرأة شعرًا لا يموت عندما تكون حرّة, خارج المدارات التي تتمركز حول مفهوم واحد هو من يناصفها أساسًا, عندما تؤمن أن عليها أن تكون في مكانها اللائق بغض النظر عنه, ليس مطلوبًا منها أن تكون في مواجهته, ولا في إثره, ولا حتى في مجاراته, هي حيث يحتّم عليها النجاح أن تكون, عندها ترى العالم من منظار كبير, ترى كلّ قضاياه و مشكلاته مادةَ كتاباتها, تتقمّص كلّ شخصياته دون وجل, و تكتب برسالة مجتمعية راقية بعيدًا عن الإسفاف…
والأدب النسوي تحديدًا هو ساحتها, إن صالت وجالت فيه لن يجاريها كاتب أو شاعر, لكن دون أن تقصر مداد قلمها عليه فقط, بل لها أن تناوش به في ساحات الأدب كافة لتخطّ به وفيها عملها الخالد.