26 نوفمبر، 2024 10:08 ص
Search
Close this search box.

أسعار النفط ترتفع.. والعبرة لمن يستثمر الارتفاع

أسعار النفط ترتفع.. والعبرة لمن يستثمر الارتفاع

سجلت أسعار خام برنت ( أمس الخميس) أعلى مستوياتها هذا العام ( 2015 ) حيث بلغ سعر يرميل النفط 63 دولارا أثناء التعاملات المبكرة في آسيا، بعد مكاسب بلغت أكثر من 5% عن الجلسة السابقة , وأفادت تقارير دولية بأنه من المرجح أن تواصل الأسعار الصعود على الرغم من وفرة المعروض في الأسواق , واستقرت عقود الخام الأمريكي عند 56.39 دولار للبرميل بعد أن سجلت أعلى مستوى لها هذا العام عند 56.69 دولار , ورجح خبراء اقتصاد أن تواصل أسعار النفط في الصعود على الرغم من وفرة المعروض في الأسواق , وكما هو معلوم فان النفط العراقي يصنف ضمن النفوط الجيدة ( برنت ) رغم انه يعاني من مشكلة الكثافة التي تقلل من أسعاره , الأمر الذي دعا وزارة النفط إلى فصل النفوط العراقية إلى الخفيفة وغير الخفيفة للاستفادة من مزايا الأسعار , وهو موضوع لم يتم انجازه لحد الآن ونأمل أن ينجز قريبا مادامت أسعار النفط في حالة ارتفاع , ونشير بهذا الخصوص إلى إن معدل المبيعات للأشهر الثلاثة الأخيرة قد بلغت 41,450 دولار لشهر كانون الثاني و 47,431 دولار لشهر شباط و 48,244 دولار لشهر آذار .

ونظرا لتأثر الاقتصاد العراقي بأسعار النفط , فمن المفترض أن تقوم الجهات المعنية بصادرات النفط ( سومو ) باستثمار أية زيادة في الأسعار كونها فرص مهمة يجب عدم إهدارها , ولكن واقع الحال يشير بان الأرقام المخططة لصادرات النفط بموجب قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2015 فهذا الرقم لم يتم بلوغه قط منذ بداية العام الحالي لحد الآن , , فقد كان المعدل اليومي للصادرات 2,532 مليون برميل يوميا لشهر كانون الثاني و 2,597 مليون برميل لشهر شباط و 2,980 مليون برميل يوميا لشهر آذار , بمعنى إنها لم تصل قط إلى الرقم المستهدف ( 3,3مليون برميل يوميا ) , وتعود أسباب انخفاض الصادرات إلى المشكلات التي عانت منها الصادرات من الحقول الجنوبية بسبب الظروف الجوية وغيرها من العوامل الفنية , فالخطأ الشائع هو احتساب الصادرات على أساس 365 يوما في السنة وهي حالة مثالية لا يمكن بلوغها إن لم تحسب التوقفات , كما إن الصادرات من خطوط جيهان لم تصل إلى أرقامها المخططة سواء ما يتعلق بنفط كركوك أو نفط اقليم كردستان .

وتعود أسباب انخفاض الصادرات الشمالية إلى جملة من الأسباب , أولها الخلافات بين الإقليم و المركز أو العكس , والتي يفترض بأنها قد تم حلها أثناء زيارة السيد رئيس مجلس الوزراء إلى إقليم كردستان في الأيام الماضية , والسبب الثاني هي الأعمال العسكرية التي شهدتها محافظة صلاح الدين , حيث تسببت بتعثر بعض الصادرات نظرا لتعرض بعض الخطوط في كركوك إلى مخاطر من تلك المعارك , أما السبب الآخر والمهم فهو إن الصادرات من الإقليم وكركوك تم احتسابها على أساس تصدير 550 ألف برميل يوميا , وحسب مصادر مطلعة فان خطوط كردستان تعمل بطاقات ضخ تبلغ طاقتها 400 ألف برميل يوميا وليس 550 ألف برميل , وفي الوقت الحالي فإنها تعمل بأعلى طاقة ممكنة وتبلغ 425 ألف برميل يوميا , وان هناك أعمال لتوسيع الطاقات التصديرية من هذا الأنبوب لتصل إلى 500 ألف برميل وستنتهي في نهاية شهر أيار القادم , كما إن هناك أعمال تطويرية أخرى ستنجز في نهاية تموز القادم , وبانتهاء أعمال التوسعات والتطوير فان الطاقات التصديرية سوف تتجاوز ال550 ألف برميل , ليس الآن ولكن في الأشهر القادمة , ومن وجهة نظر الجهات المعنية في الإقليم فإنها ملتزمة بتصدير كامل الكميات المخططة في لعام 2015 نهاية السنة حتى وان لم تتحقق خلال هذه الشهور .

وإذا استمر العراق بهذا المستوى من الإيرادات النفطية المنخفضة عن مستوياتها المحددة بالموازنة حتى نهاية السنة الحالية , فان مجموع إيرادات النفط ستكون 52 تريليون دينار بدلا من الإيرادات المخططة والبالغة 78,648 تريليون دينار , أي بنقص مقداره 26 تريليون دينار وبما إن العجز المخطط هو 25 تريليون دينار , فان إجمالي العجز من إيرادات النفط فقط سيكون بحدود 52 تريليون دينار , ومن المتوقع جدا أن يزداد العجز لسبب آخر يتعلق بزيادة الإنفاقات إلى أكثر لما هو مخطط له في الموازنة الاتحادية , سيما بعد تحرير محافظة صلاح الدين ورغبة وضغط السكان النازحين في العودة إلى مناطق سكناهم , ويترتب على ذلك الحاجة الملحة لإعادة الأعمار والخدمات ودعم النازحين , كما إن الإعلان عن المباشرة بتحرير الانبار والموصل يتطلب نفقات إضافية في التسليح والتجهيز وتسديد نفقات المتطوعين من العشائر وغيرهم ورعاية النازحين وصرف استحقاقات الحشد الشعبي , الذي أصبح احد التشكيلات الرسمية التي ترتبط برئيس مجلس الوزراء .

وان هذه الأرقام ( المخيفة ) تتطلب العودة إلى أرقام الصادرات المخططة والالتزام بها بدقة أولا , والسعي الجاد في الاستفادة من زيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية لغرض تعويض النقص في الإيرادات خلال الربع الأول من العام الحالي , ولتعويض العجز المخطط في الموازنة , وهذا لا يأتي من خلال الأمنيات وإنما من خلال العمل بشكل جدي لغرض الالتزام بالصادرات المخططة ومحاسبة المقصرين وعدم القبول بالتبريرات واستبعاد الفاشلين وغير القادرين على الأداء الفعال في الوقت الحالي , كون العراق يواجه عدوا شرسا ويسعى لتحرير أراضيه المحتلة من الدواعش الأنذال , وكما هو معروف فان الحروب تتطلب الأموال ولا يمكن أن تكون المديونية هي المصدر الذي يعول عليه في التمويل , في وقت يمكن استخدام الموارد الوطنية لهذا الغرض , ونشير بهذا الخصوص إلى إن لجنة الأزمة المالية , قد عقدت اجتماعا لها في الأسبوع الماضي برئاسة الدكتور حيد ألعبادي , لإيجاد السبل الكفيلة للالتزام بالأرقام المخططة للتصدير , ولكن ما فائدة الاجتماعات إن لم تجسد نتائجها فورا في ارض الواقع بهيئة تطبيقات ؟ , ولمن يعنيه الأمر نقول , يجب عدم هدر أية فرصة لزيادة أسعار النفط لان الانخفاض في الأسعار لم يعد لعوامل اقتصادية فحسب بمعنى يمكن أن تحدث بأي وقت , كما إن أية زيادة من شانها إنعاش الإيرادات الوطنية من النفط وتقليل العجز وعدم الضغط على الفقراء تحت شعار التقشف وزيادة الإيرادات .

 

أحدث المقالات