4 نوفمبر، 2024 9:22 م
Search
Close this search box.

أستاذ جامعي حباب أستاذ جامعي حباب

أستاذ جامعي حباب أستاذ جامعي حباب

سألت طالب جامعي عن رأيه بأستاذه الفلاني فأجاب بأنه أستاذ حباب لا يطلب تقديم تقارير في درسه و يعطي مرشحات للأسئلة الإمتحانية و يغض النظر عن الغش في الإمتحانات. و مثل هذا الأستاذ هو أيضا ً حباب في نظر إدارته لأن نسبة النجاح في درسه هي مائة بالمائة و بالتالي تستطيع هذه الإدارة أن تتباهى بأنها إدارة كفوءة تقوم بواجبها على أحسن مايرام و بالتالي فهي تستحق أن تتمتع بالإمتيازات المصاحبة للمنصب الإداري مثل كتب الشكر و الإيفادات إلى خارج العراق و المخصصات و الإرتقاء بالمناصب الإدارية.
و الأستاذ الحباب بدوره يجني مكاسب كثيرة من الإدارة و يفتح له الباب واسعا ً لدخول عالم المناصب الإدارية و التمتع بالإمتيازات المصاحبة لها. و كذلك فإن الأستاذ الحباب يجنب نفسه الكثير من المشاكل و منها مشاكل الطلبة المتنفذين الذين يلجأون لتهديد الأساتذة لنيل النجاح بخلاف الأستاذ الذي يرفض أن يكون حبابا ً فهو سيفقد حياته في مثل هكذا حالات.
أما بالنسبة للطلبة الذين يفرحون بنجاحهم من دون كتابة التقارير و بمرشحات الأسئلة الإمتحانية و الغش في الإمتحانات فسيكون مستواهم العلمي هزيلا ً و قابلياتهم ضعيفة و سيكونون غير مؤهلين و غير متمكنين في إختصاصهم و سيجدون أنفسهم عاجزين عن إعداد و كتابة مشروع البكلوريوس و سيكونون مضطرين لشرائه من مكاتب الإستنساخ. و كذلك سيكونون مضطرين لشراء أطاريح الماجستير و الدكتوراه عند إكمالهم الدراسات العليا. و هذا التصرف فإنه لن يلقى أي إستهجان أو معارضة من قبل الأستاذ الحباب إن كانت لديه القابلية لإكتشافه.
بوجود الأستاذ الحباب و الإدارة الحبابة أصبح التعليم صوريا ً عبارة عن مسرحية ممثلوها الأساتذة و مشاهدوها الطلبة. فالممثل يلقي النص المعد سلفا ً و ليس عليه أن يلم بحيثياته و المشاهد ليس بالضرورة أن يستوعب عن ماذا كانت المسرحية. فلقد إكتشفت بعض من كليات الهندسة بأن شهادة الدراسة الإعدادية لعدد من طلبتها الذين هم في السنة النهائية للدراسة كانت مزورة. و هذا يثبته أيضا ً الطلبة الذين كانوا يدرسون في كليات الطب و الهندسة خارج العراق لضعف معدلات دراستهم الإعدادية ثم إنتقلوا للدراسة في الكليات العراقية و هم الآن يواصلون دراستهم بصورة طبيعية كحال الطلبة ذوي المعدلات العالية. و هذا كذلك يثبته الطلبة الذين ينهون دراسة الدبلوم في المعاهد فإنهم يستطيعون مواصلة الدراسة بنجاح في الكليات عندما تتاح لهم الفرصة لذلك. و هذا أيضا ً يعني أن معدل الإمتحان الوزاري للدراسة الإعدادية لا يقيس المستوى العلمي للطلبة و بالتالي فهو لا يعني شيئا ً و أن فيه ظلم ٌ كبير للطلبة بإعتماده أساسا ً لقبولهم في معاهد و كليات الجامعات العراقية.
محور التعليم الآن عبارة عن مَلازم و هي على الأغلب بعضها مكتوب بخط رديء بالكاد يتم قرائته و البعض الآخر إستنساخ غير واضح لصفحات من كتب و ما على الطالب إلا أن يحفظ صور كتاباتها ليحظى بالنجاح و الحصول على الشهادة الجامعية. فمجموعة من الطلبة تظاهروا عند عميد كليتهم متهمين الأستاذ العلاني بأن أسئلته الإمتحانية من خارج المنهج الدراسي يستحيل حلها و عندما أوضح هذا الأستاذ للعميد بأن أسئلته الإمتحانية موجودة نصا ً في الملزمة التي يدرسها الطلبة و لكن بتغيير بعض الأرقام الموجودة فيها أخبره العميد بأن عليه مستقبلا ً أن يلتزم حرفيا ً بما موجود في الملزمة بما فيها من الأرقام في أسئلته الإمتحانية القادمة. و كذلك أخبره بأن تقييم الأستاذ يعتمد على نسبة نجاح طلبته في الإمتحانات. و عندها وجد الأستاذ العلاني نفسه ملزما ً بأن يكون حبابا ً مثل الأستاذ الفلاني الذي لا يطلب تقديم تقارير في درسه و يعطي طلبته مرشحات للأسئلة الإمتحانية و يغض النظر عن الغش في الإمتحانات.
بالنتيجة فإن حاملي هذه الشهادات الجامعية سيكونون عناصر غير فعالة و على الأكثر عناصر هدامة عند إستلامهم المسئولية في مؤسسات الدولة و بالنتيجة سيكون أداء هذه المؤسسات هزيلا ً و منها المؤسسة التعليمية. فالبعض من هؤلاء عندما سيصبحون أساتذة في الجامعة فإنهم سيحتاجون إلى شراء الأبحاث اللازمة لترقياتهم العلمية من مكاتب الإستنساخ أو إستنساخها من الإنترنت و سيكونون غير قادرين على الإشراف على الطلبة لإعداد مشاريع البكلوريوس و أطاريح الماجستير و الدكتوراه. و إذا ما بقى الوضع على هذا الحال فسيأتي اليوم الذي لن تجد فيه مكاتب الإستنساخ من يزودها بمشاريع البكلوريوس و أطاريح الماجستير و الدكتوراه من داخل العراق و حينها ستقوم بإستيرادها من خارج العراق لبيعها للطلبة فهي في جامعات العراق مجرد شكليات لازمة للحصول على الشهادة الجامعية الوهمية.

أحدث المقالات