مثلما تتساقط اوراق كثير من الشجر في فصل الخريف ، عندما تذبل تلك الاوراق وتبدو عليها علامات الوهن والاصفرار ، فان الحالة تنطبق على بعض البشر كذلك ، فإن كثيرا من البشر في المواقف الصعبة عندما تهتز لديهم الرؤيا ويغيب فيهم الاحساس بالمسؤولية الأخلاقية والمجتمعية، وتتغلب لديهم العوامل المصلحية الانانية الضيقة على مصلحة الوطن والانتماء ، تجدهم وقد تساقطوا الواحد بعد الاخر ، وترى كلامهم المعسل الذي يظهرونه لك في الليل ليس كما هو الحال في وضح النهار ، على شاكلة قول الشاعر : كلام الليل يمحوه النهار!!
مدخل هذا القول ينطبق على التحركات الجارية لإقامة تحالفات جديدة بين الائتلافات والقوى السياسية العراقية، بعد إن رأى كثير من القيادات السياسية ان من المصلحة العليا البحث عن تحالفات أخرى أكثر جدية وأكثر مصداقية من تلك التي بنوها في سنوات سابقة ، وقد تخلى فيها كثيرون عن مواقفهم ، لأغراض مصلحية خاصة بهم، بعد ان تقلبت مواقف البعض ذات اليمين وذات الشمال!!
ربما يعد السياسي العراقي أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية من أبرز الشخصيات التي تتمحور حولها أغلب تحركات المكون السني في محاولاتها الهادفة للتحالف معه، وهو وإن يعد زعيما للمكون السني الذي يدافع عنه الا انه يرفض مبدأ الزعامات ، والمهم بالنسبة اليه ان من يتصدر الصفوف عليه ان يقدم خدمة لأبناء مكونه ويرفع عنهم كاهل الظلم والطغيان وحالات التهجير والنزوح والغربة،ويرفض محاولات (البعض) ممن حاول التعامل معهم من زعامات الطيف الآخر على انهم مواطنون من الدرجة الثانية او الثالثة ، قبل ان يبحث عن (زعامات) !!
ويقول مقربون منه ان السيد النجيفي عندما يجد ان هذا السياسي أو ذلك من مكونه او من المكونات الاخرى لايلتزم بالاتفاقات السياسية التي يتم التوافق بشأنها، او يشعر ان مواقف البعض (مزدوجة الولاءات والتوجهات) يغير بوصلته معه ولن يقبل إستمرار تحالفات من هذا النوع، وربما يترك لأصحابها فرصة ان يخرجوا هم بأنفسهم ، لكي يبحثوا عمن يجدوا فيهم ضالتهم في تحقيق مطالبهم الخاصة والحصول على المغانم والمكاسب..أما حقوق ومظالم مكونهم فهي في آخر اهتمامات من أغوت (البعض) الانحدار في لعبة السياسة والانغماس في نزواتها ومطامعها ، ومن ينطبق عليهم مقولة كلام الليل يمحوه النهار !!
وكثيرا ما يشير السيد النجيفي الى ان تحالفاته المستقبلية تتجه الان الى الشيخ خميس الخنجر وحزبه المشروع الوطني العراقي ، بعد ان كان يسمى المشروع العربي ، الذي يواجه تسميات من هذا النوع تخوفا من المحاور العربية من الطيف الآخر الذي شن حملات ظالمة ضد الرجل، في محاولة لثنيه عن المشاركة في ان يكون لديه اسهامة فاعلة في خدمة مكونه ، وهو، أي النجيفي، يرى في الشيخ خميس الخنجر امكانية ان يجد في مواقف الرجل ما يمكن ان يلتقي معه على كثير من المشتركات ، وقد يشكل التحالف معه عامل قوة لخدمة المكون العربي ، واية حركة سياسية تقترب من توجهات النجيفي في الرؤية المنهج فانه لن يألوا جهدا في التقارب معها وبناء علاقة قد تصل حد التحالف معها او الائتلاف معها ضمن كتلة سياسية مستقبلية تضم نخبا خيرة ، ممن يرى فيهم انهم يمكن ان يكونوا معينا لمكونهم لا عونا عليه، لا كما حاول البعض اللعب على حبال السياسة ، وركوب موجة الأزمات والاحداث الساخنة للظهور بمظهر المدافع عن مكونهم ،وهم ابعد من ذلك الاهتمام ، وظهرت ألوان تقلباتهم في كثير من المواقف المحرجة واضحة للعيان!!
لقد تعرض السيد النجيفي الى حملات مغرضة من ماكنة الدعاية التي شنتها اطراف سياسية مختلفة وبخاصة من المكون الاخر، عله يكون بمقدورها النيل من شخصية النجيفي ومكانته لدى مكونه، الا ان كل تلك المحاولات باءت بالفشل ، وبخاصة إبان أزمة احتلال نينوى وبعد البدء بعمليات تحريرها ، لاظهار ان هناك ( فجوة ) بين أهل نينوى والسيد النجيفي بعدما تعرض ملايين المواطنين من أهل نينوى لويلات الحرب وما ألحقته من دمار وقتل لالاف الابرياء جراء الهجمات وما حل بهم من نكبات النزوح ومحنة القصف الذي طال احياءهم ومدنهم وحول حياتهم الى جحيم، لكن حصة النجيفي لدى ابناء مكونه مازالت كبيرة، وهم ينظرون اليه على انه صاحب المواقف الثابتة والمبدئية والتي لاتجامل على حساب الحق حتى وان تعرض الى حملات ظالمة كادت ان تصيبه لولا العناية الالهية التي حفظت للرجل مكانته بين مئات الالاف من ابناء محافظته والمحافظات الاخرى التي شعر اهلها ان النجيفي كان المدافع الحقيقي عنهم وعن توجهاتهم وانه الرجل الصادق الوعد والذي لم تثنه تحديات السياسة وتلاطم أمواجها من ان يغير من مواثقه قيد أنملة، وبقي صلبا قوي الشكيمة، لايخشى في الحق لومة لائم.
هكذا تبنى مواقف الرجال في المحن والشدائد وفي الشدائد والملمات..أما الزبد فيذهب جفاء ، ويبقى الرجال اصحاب المواقف الصلبة المبدئية المشرفة ، هم من تبقى جذورهم تضرب في أعماق الارض، ليس بمقدور أي ريح هوجاء ان تزيحها او تحجب عنها ضوء الشمس بغربال!!