16 سبتمبر، 2024 10:03 م
Search
Close this search box.

أزمـــة الموازنــة

أزمـــة الموازنــة

حسناً فعلت أمريكا عندما تدخلت لحل الأشكال بين السعودية وروسيا الذي نشأ منذ شهر آذار الماضي حول الأتفاق على تخفيض الأنتاج العالمي للبترول . ومرة أخرى تفرض القوى الأقتصادية العالمية رأيها على الآخرين عبر إتفاقات تتم بينهم دون الألتفات إلى أعضاء المنظمات التي ينتمون إليها ، مؤكدين توجه العالم نحو نظام جديد (متعدد الأقطاب) والأقتراب من إسدال الستارة على الأتفاقات والمنظمات التي تم تشكيلها في زمن (القطب الثنائي) أو (القطب الأحادي) من القرن الماضي . ومن حق ترامب أن يعلن النصر عندما تم التوصل (بوساطته) إلى تخفيض الأنتاج العالمي من البترول بحدود (10%) ما يعادل (9.7) مليون برميل يومياً في السابع من شهر نيسان ، لأنه أنقذ الصناعة النفطية في الولايات المتحدة من خسائر متوقعة هائلة ، كانت تصب في مصلحة المستهلكين وفي مقدمتهم الصين ، في الوقت الذي لن تساهم الولايات المتحدة بالتخفيض إلا بـ(300) ألف برميل يومياً ، نيابة عن حصة المكسيك التي رفضت التخفيض المطلوب . والكارثة أن من إبتدأ الخلاف هما كل من روسيا والسعودية نتيجة إنخفاض الطلب على البترول عالمياً بمقدار الثلث بسبب وباء الكورونا وهبوط الأسعار ، وأن كليهما قد خسرا المزيد عندما تحملا (50%) من كمية التخفيض المقررة مناصفة ، ليكونا الخاسرين الأكبر في العملية ، من حيث الأسعار وفقدان النفوذ في الأسواق العالمية . وفعلاً فقد بدأت قيمة العقود الآجلة تفقد (50%) من قيمتها وإنخفضت الأسعار إلى حدود متدنية ، في الوقت الذي تتوقع مراكز الدراسات النفطية العالمية بأن أسعار النفط في النصف الثاني من عام (2020) ( في حال السيطرة على وباء الكورونا) قد يصل إلى (33) دولار للبرميل الواحد ، وقد يتحسن قليلاً خلال عام(2021) ليصل إلى (46) دولار في أحسن الظروف . هذا إذا إلتزمت الأطراف المتفقة على النسب المحددة من الأنتاج ، لأن العملية جرت على شكل هدنة هشة إثر خلاف ، وأن الأطراف المتداخلة في الأتفاق تمثل جهات متعددة (أوبك) و (أوبك بلس) و (أوبك خارج) .
ما يهمنا بعد هذه المقدمة الموجزة هو أين موقع العراق ؟؟ وماذا نحن فاعلون ؟؟
حصة العراق المقررة في التخفيض العالمي من إنتاج النفط (1.06) مليون برميل يومياً ، ما يعادل (23%) من الصادرات النفطية العراقية حسب تصريح وزير النفط العراقي يوم (13 نيسان) ، في الوقت الذي دخلنا الربع الثاني من سنة (2020) دون إقرار الموازنة التي أشارت التوقعات إلى وجود عجز في مقترح الموازنة بحدود (48) تريليون دينار (40) مليار دولار ، وفي الوقت الذي تم إعتماد سعر البرميل (55) دولار عند إعداد الموازنة المقترحة . وبموجب التوقعات القادمة وإستقرار سعر البرميل في (33) دولار ، والألتزام بتخفيض الأنتاج بنسبة (23%) ، فقد يتجاوز العجز في الموازنة حدود الـ(80) مليار دولار من مجموع الموازنة المقترحة (135) مليار دولار ، هذا إذا إستقر الوضع الأقتصادي العالمي وتمت السيطرة على وباء الكورونا ، ولم ندخل في خلافات مع الأقليم حول تسديد الحصص من الكميات المصدرة ، أو خلافات بخصوص الألتزام بالحصة المقررة من التخفيض المقرر من الأنتاج العالمي . نتمنى أن لا يتم تحميل المواطن والموظف والمتقاعد (وفوق ضيم الكورونا) تبعات هذا الظرف مع الظرف الذي ورثناه نتيجة سوء التخطيط والأدارة للسنوات السابقة ، وأن يسارعوا بالمبادرة بوضع الخطط والخطط البديلة للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر .

أحدث المقالات