18 ديسمبر، 2024 6:47 م

أزمة كردستان وتهديدات ترمب لأيران

أزمة كردستان وتهديدات ترمب لأيران

فجرت أزمة إستفتاء كردستان ،عاصفة من الخلافات السياسية،بين أقليم كردستان وحكومة بغداد ، ووصلت هذه الخلافات ،حد التهديدات بالحرب بين الطرفين ، وتحشيدات عسكريةللحشد الشعبي والميليشيات والجيش والبشمركة ،في المناطق المختلف عليها ،وخاصة بعد أن إتخذ البرلمان العراقي وحكومة العبادي ،إجراءات قاسية ضد الاقليم ،كنوع من الضغط لكي يتراجع الاقليم عن نتائج الاستفتاء ويتخلى عنه ، وسط رفض جميع الدول الكبرى والاوروبية والجامعة العربية ودول الخليج العربي ، فإستغلت إيران وتركيا ، ألأزمة ،فدخلت على خطتها الساخن ، بتهديدات وتحشيدات عسكرية على الحدود مع الاقليم، وغلق المعابر البرية والجوية معه ،لخنق الاقليم إقتصاديا ، وسياسيا، ثم جاءت قضية عدم لف العلم العراقي لجثمان الرئيس السابق للعراق الراحل جلال الطالباني،وعزف نشيد كردستان بدل النشيد العراقي، لتضع الازمة في نفق لايمكن الخروج منه ،وكان إنسحاب نوري المالكي وأعضاء التحالف الوطني من مراسيم التشييع ، ردا وإعتراضا على تصرف حكومة الاقليم ، مما زاد الطين بلة ، فأسرع السيد إياد علاوي والسيد أسامة النجيفي ، بزيارة رئيس الاقليم وتقديم مبادرة للحوار مع بغداد ، التي رحب بها الاقليم ، ورفضتها حكومة العبادي ، إلا بعد إلغاء نتيجة الاستفتاء، في هذا الجو الملتهب بين بغداد والاقليم، والذي وصل حد التهديد بإستخدام القوة العسكرية مع الاقليم، حسب تصريح السفير العراقي في تركيا، وصل أربيل بزيارة مفاجئة رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري وإلتقى برئيس الاقليم، كفرصة أخيرة لنزع فتيل الحرب، الموشكة على الانطلاق بدفع إيراني واضح، وإصرار حكومي على إلغاء الاستفتاء ،وإعلان تركي يسمعه العالم كله ،وعلى لسان الرئيس التركي نفسه ،على إستخدام القوة العسكرية ، وغلق المعابروفرض حصار بري وجوي كامل على الاقليم، حتى يتم الغاء الاستفتاء،حقيقة الازمة تتصاعد سرعتها ،والخلافات تتعمق بين الاطراف، والدول الاقليمية ،وسط خطاب كردي هاديء ،يدعو للحوار والتفاوض ،لضمان إبقاء نتائج الاستفتاء، بعيدا عن المساومات والمزايدات ،كونها إرادة شعب كردستان لايمكن المساس بها مهما تكن النتائج المترتبة عليها حتى وإن كانت الحرب ، ومواجهة الآخرين للحفاظ على حلم الشعب الكردي وهو الاستقلال ،هناك في حكومة الاقليم واحزابها ،من يعمل على حل الازمة ويرفض الوقوف بوجه العالم، والنأي بعيدا عن العناد في الذهاب الى الحرب ،مع العالم والدول الاقليمية التي تصر على إلغاء نتائج الاستفتاء والتنسيق مع بغداد حول مخرجات الرفض ونتاجئه على العراق والمنطقة عموما ،والتي تتربص بمنجزات الاقليم ،نحن نرى أن تأجيج الازمة وشحن الشارع العراقي، وتشجيع حكومة العبادي ، ودفعها الى المواجهة العسكرية مع الاقليم ،هو رهان خاسر ، لأنه يشعل العراق والمنطقة في حروب ما بعد داعش، ففي المدن الايرانية ذات الغالبية الكردية ،تتملل وستخرج الى الشارع ،بل خرجت يوم الاستفتاء، وكذلك في تركيا وسوريا ، بمعنى الاجواء مهيئة للانتفاض والثورة ،وتقرير المصير ودعم إستقلال كردستان كدولة ناشئة على طريق تحقيق الحلم الكبيردولة كردستان الكبرى، على غرار –دولة مهاباد – وهذا ما ترفضه ايران وتركيا رفضا قاطعا، ففرصتها التاريخية الوحيدة، هي إفشال استفتاء كردستان العراق، كي لاتنتقل العدوى لاكراد ايران وتركيا، وهذا ما يجعل فرصة الحرب التي تدعمها بقوة كل من ايران وتركيا ، واردة ،بل ومصيرية ، ومن يتابع تصريحات القادة الاتراك والرئيس أردوغان ، والقادة الايرانيين وفي مقدمتهم المرشد الاعلى الخامنئي، الذي وصف الاستفتاء (بأنه فرصة لايجاد إسرائيل ثانية مجاورة لايران)، فإنه يعرف خطورة هذه التصريحات وجديتها ،واسباب دفع وتشجيع حكومة العبادي، على المواجهة العسكرية مع الاقليم، بدل الحوار والتفاوض، والخروج من الازمة بأقل الخسائر، وهكذا ترى فرنسا أن الحوار هو السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة العراق،بدل التصعيد وإشعال حرب داخلية ، من أجل أهداف ومصالح إقليمية ، اليوم ونحن نرى تنظيم داعش يلفظ أنفاسه الاخيرة في العراق، بعد ألانتهاء من تحرير الحويجة ونواحيها والساحل الايسر للشرقاط، فأصبح داعش مكشوفا مهزوما ، لم يبق له سوى شريط راوة والقائم الحدوديين، هنا يبرز السيناريو الامريكي ، الصامت على الازمة المشتعلة، بين الاقليم وبغداد،سوى تصريحات فضفاضة خجولة،ترفض فيها وزارة الخارجية الامريكية الاستفتاء ومخرجاته ولا تعترف بنتائجه، لأنه يؤثر على مصالحها في اشعال الحروب في المنطقة ، وتكون أمريكا ليست طرفا فيها، بل الخاسرة منها ، وكل ما بنته وتعتبت عليه في الاقليم وبغداد ،سيهدم (حسب رؤيتها ومخططها )، لذلك ظلت صامتة حتى تتكف نوايا الاخرين ، فأطلقت يد أردوغان في ادلب ونواحيها للجيش التركي ، في حين تلوح بعصا الاتفاق النووي مع إيران، كورقة لأركاعها وإخضاعها لسيناريو امريكي، ما بعد داعش في المنطقة ، الرئيس ترمب أعلن في أكثر من مرة ، بألغاء الاتفاق والانسحاب منه ، واستخدام هذا في إبتزاز طهران في العراق وسوريا واليمن ، ولكنه وعد العالم كله ب (مفاجأة ) قريبة ،ضد إيران في خطاب للعالم ، بعد أن وصف الاتفاق النووي بأنه (مسيء) لامريكا وأذلها ،فبماذا سيفاجيء الرئيس ترمب العالم ،غيرأنه سيلغي الاتفاق النووي مع طهران،نحن نعتقد أن الرئيس ترمب لديه بدائل أخرى ضد طهران وكوريا الشمالية ، التي وصف التعامل معها بأنه جدا سهل، لا يتطلب سوى –ضغطة زر- إن تهديدات ترمب لاتختلف كثيرا عن تهديدات المرشد الايراني وحسن روحاني وحسن نصر الله وقادة ايران العسكرين ب(بمحو ) إسرائيل من الوجود وإلقائها في البحر ، أعتقد أن السيناريو الامريكي شديد الغموض، وضبابي لدرجة لايمكن التكهن بمفاجآت ترمب ضد طهران وكوريا ، وخاصة أن المنطقة تتهيأ لمرحلة ما بعد داعش في العراق وسوريا، ففي العراق تم طي صفحة داعش للابد ، وفي سوريا ستنتهي معركة الرقة بعد أيام بهزيمة واندحار أكيد لداعش، الازمة العراقية المتفجرة مع الاقليم ،ربما ستكون (مستنقع إيراني )، لايران تخطط له إدارة الرئيس ترمب ، بعد القضاء على داعش، لاسيما وظهور تقرير أممي يدين ميليشيات ايران وأذرعها في العراق وسوريا ،بتجنيد الاطفال في الحرب ،تماما كما تفعل داعش، وهذا مبرر لمواجهة أذرع أيران في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان، تنفيذا للاستراتيجية الامريكية ،في إيجاد حل جذري في المنطقة، والارهاب بكل اشكاله ومشتقاته في المنطقة، والذي يسميه الرئيس ترمب الاسلام الراديكالي، فهل يقصد ترمب بمفاجأته للعالم البدء بتنفيذ الاستراتيجية الامريكية بعد داعش ، وهي مواجهة إيران وأذرعها وميليشياتها ،التي تعتمد عليها طهران في مشروعها الخارجي ،وهو المشروع الكوني الديني التوسعي المسماة –البدر الشيعي- هل نحن على موعد مع القضاء على البدر الشيعي، كما شاهدنا القضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا ، هذا ما يعنيه االرئيس ترمب في خطابه القادم ليفاجيء العالم به ، وجميع المؤشرات تؤكد هذا ،منها إنتهاء العمليات العسكرية في سوريا، وتوحيد خطاب المعارضة ،وتسوية خلافاتها مع النظام السوري، وإعلان الهدنة بينهما ، ومحاصرة الارهاب سواء النصرة أو داعش أو الميليشيات الايرانية وحزب الله ، فهل ستكون أزمة إستفتاء كردستان هي سببا في إعلان الحرب القادمة بين امريكا وايران ،أو فخاً لها ، هذا ما سيكشفه خطاب الرئيس ترمب في الايام المقبلة ، لاسيما والاصرار الاقليمي والعراقي ،على تفضيل حل الازمة عسكريا، وليس بالحواروالتفاوض مع الاقليم هو السائد حاليا ،في تصريحات وتهديدات دول الجوار وبغداد….