يتبادر لذهن القارئ ما هي علاقة أسنان فك الحصان بالرأي العام وبصناعة ألأزمة, لكنها فعلاً كانت أزمة تعيشها أثينا التي تعد من أشهر المدن اليونانية وأقدمها معرفة بالنظام الديمقراطي،وكانت الديمقراطية المباشرة هي السائدة وقتئذ، كانت الاجتماعات الدورية تعقد في ساحة عامة وسط مدينة أثينا،ينظر المجتمعون خلالها في شؤونهم السياسية والدينية بصورة مباشرة،وكان الاجتماعات من هذا النوع تعرف بـ أكليزيا)Ecclesia( ،وقد أتاحت تلك الاجتماعات فرصة كبيرة أمام المواطنين للمساهمة في إبداء آرائهم والتصويت على القرارات التي تصدرها الحكومة بالقبول أو الرفض .
,نوقشت الأزمة في مجلس الحكماء من أهل المعرفة والخبرة ,وهم يتبادلون الرأي ووجهات النظر والأفكار حول كم هي عدد الأسنان الموجودة في فم الحصان ؟,وعندما احتدم النقاش,تحولت لمشكلة تعيشها ألأمة الإغريقية ,وتم تصدريها لتتحول لأزمة رأي عام,تشغل حياة المواطنين وتلهيهم عن متطلباتهم الضرورية في العيش بسلام,وأصبح شغل الشاغل الرئيسي لكل مواطن كم عدد الأسنان بفك الفرس,والفرس ليس لها علاقة بالموضوع لا من بعيد ولا من قريب,وكان باستطاعة النخبة المنتخبة ان يخرجوا لخارج قاعة البرلمان كما نسميها اليوم,وفتح فك حصان وتعداد أسنانه وهو ليس بسر باندورا,وطوي هذه الصفحة والغط والجدال فيها ,لكنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا ,وكانوا متعمدين في مناقشة هكذا موضوع وتصديره للرأي العام ,لأن هنالك حالة مهمة ومواضيع أهم تثير الشعب تستوجب النقاش تم التغافل عنها,ولكي يتم صرف الأنظار عنها فمن الضروري ,افتعال أزمة تشغل بال
الجماهير وتجعلهم يفكرون بأمور بعيدة عن محور المشكلة الرئيسية,فالسياسة الخارجية تتطلب خلق(صورة للعدو) من اجل توحيد الصف الشعبي من خلالها والاستفادة في تأجيل الكثير من المطالب الملحة للشعب،ومن أجل منح الشرعية للحروب ولتحقيق الإطماع التوسعية,وعلى صعيد السياسة الداخلية ان هنالك مؤامرة داخلية تريد زعزعة النسيج الاجتماعي للبلد وأجراء فوضى على كافة الصعد لتعطيل استقرار مسيرة الدولة ,وبطبيعة الحال أنه لا يوجد هنالك أية مخاوف ترعب حياة المواطنين لكنها أزمات مفتعلة لبقاء دوامة تفكير المجتمع بقضايا جانبية وغير مهمة وأبعادهم عن القضايا الجوهرية التي تمس مقدراتهم وحياتهم اليومية والمستقبلية .