التحديات والفرص وطريق جديد للمضي قدماً هل إختلافات في وجهات النظر على الساحة التركمانية هو إنعدام في مشروع الوطني والقومي ام اختلافات في الرؤية .!
لا بد من مراجعة فكرية جذرية للخطط والسياسات والمُثُل والعقائد والأفكار التي بلورت الإخفاق التركماني وقادت إليه. إنّ القطيعة المطلوبة مع الفكر والإشكاليات والأطروحات القومية القديمة تفترض الإمساك بالجوهر والإحالة إليه، والامتناع عن الدخول في التفاصيل. إضافة إلى أنّ إعادة هيكلة هذا الفكر تقتضي تعيين المحاور والمستويات التي تستدعي إبراز المشاكل والأزمات التي كانت الحركة التركمانية تخفيها أو تمر عليها مرور الكرام. وإذا كان وضوح الرؤية شرطا ضروريا لنجاح أي عمل، فإنّ الرؤية الواضحة لا تنبثق إلا عبر قطيعة مع الرؤى القديمة ومحاولة تصفية الحساب معها نهائيا . كما هو معروف لدى الجميع منذ سنوات وعهود يسعى التركمان في سوريا للحصول على حقوقهم المهدورة، وممارسة حقوقهم الإدارية، والسياسية، والثقافية، والتعليمية،في وطنهم سوريا مع إزالة الغبن والتهميش، بعد إنكار الوجود التركماني وقمع الحقوق السياسية والثقافية للتركمان في سوريا لعدة عقود خلال نظام الحكم السائد . الجميع يعلم بأنه ليس في سوريا قانون للأحزاب، وبغياب مثل هذا القانون فإن كافة الأحزاب والقوى السياسية القائمة للاقليات التركمان والاكراد هي أحزاب غير مرخصة، وبالتالي فإن الحياة السياسية الطبيعية معدومة في البلاد، والسياسة الوحيدة المتبعة هي إنكار وجود الآخر وقمعه، وبالتالي إبقاء سيف ديموقليس مسلطاً على رقاب كل القوى السياسية بحجة الانتماء إلى احزاب وجمعيات سرية غير مرخصة.
ولكن منذ بداية الحراك الثوري السوري عام 2011 تاسست في المهجر وفي المناطق المحرره من سيطرة النظام حركات واحزاب سياسية ومن ضمنها المجلس التركماني السوري , ولكن كانت هناك مشكلة لهذه الحركات السياسية التركمانية هي افتقادها للرؤية الاستراتيجية الموحدة وعدم اتفاقها حول رؤية موحدة تعكس الموقف التركماني الموحد لدى مراكز القرار المحلية والإقليمية والدولية.وأبرز مشكلة تعاني منها الحركة السياسية التركمانية بأحزابها وحركاتها السياسية عمومًا غياب النهج الديمقراطي وتفرد بعض قياداتها في اتخاذ القرارات المصيرية التي تمس مصير ومستقبل الشعب التركماني في سوريا.ومشكلة أخرى تواجهها الحركة السياسية التركمانية السورية عامة بأحزابها وحركاتهاهي سعي البعض منها إلى التفرد في الساحة مستفيدةً من الامتيازات الممنوحة لها من سنين طويلة. وعوضًا عن أن تبادر إلى الاستثمار في تقوية وتوحيد الصف التركماني، نراها تسعى إلى تهميش وإبعاد الآخرين كي تنفرد بالساحة السياسية لوحدها دون أن تمتلك المقومات اللازمة لذلك.
طبعا بين حين لاخر تشهد الساحة التركمانية ظهور بعض المشاريع السياسية ذو الرؤية الضيقة لاصحاب القائمين عليه من اجل حماية مصالحهم الشخصية ضمن تلك المشاريع والتي تحاول أن تجد لنفسها الحياة ضمن النشاط السياسي التركماني عامة وذلك بعد بلورة واعادة هيكلية المجلس التركماني على نفس الطراز وقياس القائمين علية لكي يتسنى لهم السيطرة على القرار التركماني .علما كان هدف المجلس التركماني السورية منذ تاسيسة حماية وصون حقوق التركمان القومية والثقافية والسياسية في سوريا تماشياً مع نضال شعبنا السوري لإسترداد حريته وكرامته من النظام الإستبدادي الجائر .هذه المشاكل يجب أن ننظر إليها بكل اهتمام وجدية حيث أن البعض رموز القيادات الأحزاب السياسية التركمانية لها ثقلها ووزنها الشعبي والسياسي عمدت إلى تسخير مقومات وإمكانيات حزبية لمصلحة تلميع أشخاص وتحويلهم إلى رموز لتركمان سوريا والقائد الأوحد لهم من دون أن يمتلك أبسط مقومات القيادة، إضافة إلى تسخير إمكانيات الحزب لحشد الأتباع من الجهلة والمتملقين الذين يماشون أزمته النفسية باعتباره مصابًا بجنون العظمة ويحرق البخور في حضرته ويكرس هذا المفهوم الخاطئ في داخله أملًا في نيل المغانم والمكاسب المادية.
وبموازاة ذلك تم إبعاد وتهميش أغلب الكوادر الحزبية وكوادر المجتمع المدني من حملة الشهادات العليا ومن أصحاب التجربة والخبرة السياسية الواسعة لأنهم لم يماشوا القائد الضرورة في نهجه الخاطئ ,من دون وجود اية مشاريع سياسية وقومية للقائد الاوحد تفيد التركمان في حياتهم اليومية.هنا علينا ان نقول ان ممارسة السياسة ضمن تشكيلات حزبية ومنظمات المجتمع المدني هي من ابسط انواع الحرية والديمقراطية
لان تشكيل الأحزاب من الحقوق الأساسية التي تندرج تحت مفهوم الحرية التي نناضل لنيلها لصون كرامتنا وحريتنا الإنسانية لذلك نسال هل كل نشاط سياسي يظهر على الساحة التركمانية هو نشاط سياسي حقيقي تمثل التركمان وتمتلك رؤية إستراتيجية ومشاريع وحلول لمعالجة مشاكل الواقع السوري عامة والتركماني خاصة ولديها فلسفة سياسية واضحة لايجاد الحلول للمشروع القومي والوطني ؟
في كل المواقع الرسمية لاصحاب المشاريع السياسيةلاتوجد إلا بعض الصور والكلام المقتضب عن القضية التركمانية ،حيث أنهم يمارسون السياسة فيما بينهم منعزلين عما يجري في الساحة المحلية والإقليمية من تطورات متسارعة.هنا لابد ان نسال هل تشكيل الحزب بسيط لدرجة أن يعلن عنها بين ليلة وضحاها على مواقع التواصل الاجتماعي.!
وهل إجتماع عشرة اشخاص على فكرة معينة يصح تسميتها على أنها تنظيم او حزب سياسي ؟
هناك البعض حاول إختصار القضية التركمانية على أنها موضوع مساعدات توزع عن طريق تاسيس جمعيات تركمانية فأسس كل خمسة اشخاص جمعية تركمانية بمسميات رنانه تحاكي الشعور القومي لدى الشباب ومن ثم فساد الذاتي لحق بتلك الجمعيات واللجان الإغاثية ، إذا كان هذا مانتنافس من أجله فلايصح أن نسمي هذا الحراك بالنشاط السياسي .
وهناك رأيي آخر يقول أن غاية هذا الحراك هو السلطة والإختلاف على المناصب السياسية وإن كان الأمر كذلك عن أي سلطة نتحدث هنا نحن التركمان وليس لنا شيئ إلى الآن نتنافس من أجله ، حتى القضية التي نتكلم عنها هنا كل شخص أو جماعة يفهم القضية بفهم يختلف عن الآخر ،عن طريق بثوث الفتنه لدى البعض والحرب عبر بثوث المباشره الفيسبوكية لكل يهاجم الكل ، بل وصل الحد أحياناً لمستوى التشهير والإهانة الشخصية دون أن يراعى أبسط قواعد الإحترام ومراعاة لنسبة القرابة بيننا كتركمان خاصة وبين التركمان وبقية المكونات الشعب السوري.
من المؤسف حقا أن نصل إلى هذا الحد من الإنحدار ، وأن نختصر قضيتنا بهذه المواضيع البسيطة وكأن الظلم الذي عانيناه ومازلنا نعانيه لم يعلمنا شيئاً وهذا المتنفس و هذه المساحة من حرية العمل السياسي في تركيا لم يضف لتجربتنا شيئاً،فكنا خير معول للآخرين كي نقضي على قضيتنا وتشويه سمعتها وتخوين ونسف كل شيئ لأتفه الأسباب ،
كنا ننتظر من النخبة أو الموكلين على القضية التركمانية أن يكونوا أكثر رقياً وأكثر واقعية في مقاربة القضية التركمانية وترسيخ وجودها وبيان مكوناتها بكل تفاصيلها والعمل على توحيد جهود التركمان تحت مظلة واحدة تكون وسيلة وأداة لتحقيق مانصبوا إليه ، في ظل هذا الواقع التعيس الذي نعيش من أجله ، بدل تشتيت .
أفشلنا كل المشاريع العسكري والسياسية التركمانية بسبب تناحرنا وتتدافعنا وخلافاتنا فكانت كارثة.لان معظم الأحزاب والحركات التركمانية فشلت في الاتفاق فيما بينها على مشروع قومي تركماني موحد يحاكي المجتمع التركماني.هل يدرك البعض إلى أين يسوقنا هذه الخلافات وهذه الفوضى من هذه اجتماعات حول البثوث المباشره الفيسبوكية ذات التوجه لتأجيج الفتنة والتفرقة وبعيده كل البعد عن تأسيس شيئ يفيد مستقبل التركمان . يجب على الشعب التركماني برمته أن يأخذ بزمام المبادرة بدءًا من القادة والسياسيين التركمان والمثقفين وانتهاءً برجل الشارع العادي. فكلما وقف التركمان صفًا واحدًا ازدادت صعوبة إقصاءهم على المحافل الوطنية والدولية .ويمكن القول في إطار ذلك بأنه في حال تمكن التركمان من تحقيق الوحدة فلن يمكن تجاهل حقوق التركمان في أي مجال كان.
طبعا أكثر مايثير الغرابة محاولة البعض ركب كل الأمواج تراه مع يطبل ويزمر لهذا قومي وعلماني وغدا مع ذاك الإسلامي وبعد غد مع اليبرالي، يعني مازلنا نسير من واقع سيئ لأسوء ، فهل نعود لرشدنا يوما ونحافظ على المؤسسة القومية الوحيدة لنا وهو المجلس التركماني وأن نحاول جميعاً اعادة هيكلتها وتصحيح مسارها ونرتقي بها ، لتكون الآداة والوسيلة لتحصيل حقوقنا ، أتمنى أن ندرك الواقع الحالي لمجتمعنا قبل أن تسوء وضعنا أكثر ونفقد حتى ابسط الامور التي نمتلكها. يجب اعادة بناء الثقة التي تحطمت أواصرها بين الفرد التركماني البسيط والأحزاب التركمانية عبر صياغة مشروع قومي تركماني متكامل يشكل خارطة طريق سياسية لتركمان سوريا للوقت الحاضر والمستقبل المنظور ويكون مستندًا على طروحات واقعية ممكنة التحقيق.الانسان التركماني سئم طيلة السنوات التي مضت من الفشل والإخفاق السياسي التركماني بسبب جملة عوامل كرست روح الفرقة والاختلاف بين القوى السياسية التركمانية لأنها وضعت مصالحها الحزبية والشخصية الضيقة فوق المصلحة القومية العليا لتركمان سوريا.
الحل برأيي يكمن في اعادة هيكلية المجلس التركماني يضم كافة القوى السياسية التركمانية بمختلف توجهاتها السياسية والعشائرية التي تتطابق بالطبع مع ثوابت القيم التركمانية الوطنية التي هي بمثابة خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
حين يتم تشكيل واعادة الهيكلة لهذا المجلس الذي سيضم ممثلين عن كافة شرائح شعبنا التركماني من دون اقصاء احد حينها فقط سنتمكن من إعادة بناء الثقة مع الفرد التركماني مع وجود قيادات سياسية تركمانية محترمة نزيهة كفؤة على رأس هذا المجلس.
يحتم علينا جميعاً اعادة النظر في كل الاستراتجياتنا واهدافنا لتحقيق المشروع الوطني والقومي التركماني تحت مظلة المجلس التركماني السوري وسيكون للمجتمع كل الاحترام للاحزاب وللمنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية التركمانية التي تتوافق في مبادئها واستراتجياتها مع المشروع الوطني والقومي لتركمان سوريا.