23 ديسمبر، 2024 2:52 ص

أزمة الكهرباء في العراق — مرحلة الفساد و التجاذب السياسي

أزمة الكهرباء في العراق — مرحلة الفساد و التجاذب السياسي

فضيحة سياسية – اقتصادية جديدة فجرها تصريح وزير الكهرباء السابق قاسم_الفهداوي، إذ كشفَ عن تدخّل إيران في شأن العراق والتحكم فيه، مُتسائلاً: «هل نضحي بمصلحة العراق من أجل إرضاء إيران؟ – الفهدواي الذي خاض مفاوضات مع طهران بشأن استيراد الغاز، أكَّد في لقاء متلفَز مع محطّة محلّية، أن «العراق تلقى عرضاً من السعودية بتوفير الغاز الذي تحتاجه بغداد وبأسعار أقل من الأسعار العالمية – مُبيّناً، أن الرياض أكدت أن دفعة من الغاز ستصل في أقل من /24/ ساعة عبر الكويت، بالإضافة إلى كمية أخرى تصل من الرياض خلال /6/ أيام، وأنها عرضت إرسال فريق من أرامكو للمساعدة – مُشيراً، أن العرض تضمن منح العراق الغاز بـ /3/ سنت، وأن رئيس الوزراء حينها حيدر_العبادي وافق، وتم الاتفاق على موعد السفر للمملكة لتوقيع الاتفاقيات»لكن بسبب الضغوطات الإيرانية الكبيرَة، تم إلغاء السفر إلى السعودية، كما ورفض العرض قبل يوم واحد فقط من توقيعه»،هذا ما كشفَه وزير الكهرباء في حكومة “العبادي” الممتدة من (2014 – 2018). “فضيحة جديدة” حول تدخل إيران في شؤون البلاد والتحكم بمصيره، وكيفية استغلالها عبر ادواتها للوضع القائم بهدف تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية حتى لو كان على حساب مصالح الشعب العراقي
وتزوّد طهران العراق بالكهرباء بواقع 1300 ميغاواط، عبر أربع خطوط؛ هي خط (خرمشهر – البصرة)، و(كرخة – العمارة)، و(كرمنشاه – ديالى)، و(سربيل زهاب – خانقين – وعلى الرغم من أن بغداد جددت عقود التزوّد بالكهرباء مع طهران، فإن هذه العقود تنص على إعطاء الأولوية للمدن الإيرانية في حال حصل نقص داخلي، الأمر الذي يجعل العراق تحت رحمة إيران في أي وقت، بحسب الخبير الاقتصادي زياد اللهيبي ,, واضاف اللهيبي: إن “ما تقدمه إيران للعراق من كهرباء في مقابل مليارات الدولارات، منذ سنوات، لن يوقف معاناة نقص الكهرباء”، مؤكداً أن “هذه القضية أصبحت ورقة ضغط بيد إيران، لذلك عرقلت عبر مؤيّديها في العملية السياسية بناء محطات الكهرباء؛ لتبقى ممسكة بهذه الورقة الحساسة بغية استخدامها ورقة ضغط حين تشعر أن مصالحها باتت مهددة -اللهيبي ذكرايضا أن تكلفة محطة كهربائية بخارية تبلغ 300 مليون دولار أمريكي، وأن 10 محطات منها كافية لإنتاج 3 آلاف ميغاواط”، مستدركاً: إن “القوى السياسية المؤيّدة لطهران تريد أن تساعد إيران في ظل حصارها، ولذلك تغضّ الطرف عن إنشاء محطات محلية
يشار إلى أن هذه الأزمة أطاحت بوزير الكهرباء السابق، قاسم الفهداوي ، بعد أن فقدت منظومة الكهرباء 50% من إنتاج محطاتها؛ بسبب خروج 5 خطوط لنقل الطاقة الكهربائية ذات الضغط الفائق عن الخدمة في المنطقتين الجنوبية والشمالية، وهو ما أدّى إلى خروج آلاف المواطنين في احتجاجات شعبية واسعة شملت محافظات عدة
مشكلة الطاقة الكهربائية في العراق ليست وليدة اليوم؛ فالبلاد تعاني من نقص حادٍّ منذ عام 1990- الحكومات المتعاقبة، منذ الإطاحة بنظام حكم صدام حسين في 2003، أنفقت أكثر من 40 مليار دولار على قطاع الكهرباء دون أي حلول تذكر,,والفساد يبقى هو السبب في عدم وجود حلّ لهذه المشكلة، بحسب ما أكد في مرات سابقة مسؤولون محليون لوسائل الإعلام، خاصة أن العراق تحوّل لواحد من أكثر البلدان فساداً في العالم، بحسب ما يذكر مؤشر مدركات الفساد الذي يتبع منظمة الشفافية العالمية ,, ومشكلة الكهرباء تفاقمت بعد عام 2003؛ بسبب تهالك محطات التوليد القديمة، وما زاد من تفاقمها حصول عمليات التخريب خلال السنوات الماضية، التي طالت محطات التوليد والأسلاك الناقلة للطاقة، لتزداد على أثر ذلك ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن المواطنين
ويمكن خفض واردات الغاز الإيرانية إذا استغل العراق المزيد من احتياطياته من الغاز بدلًا من حرق الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط، الأمر الذي أكده وزير النفط، ثامر الغضبان، بالقول، إنه “يجري تنفيذ أربعة مشاريع للمساعدة في تحويل 1.2 مليار قدم مكعبة من الغاز المصاحب إلى سوائل لخفض عمليات الحرق بشكل كبير,, وتضغط واشنطن
وهناك إشكالية في ملف الكهرباء لا تنسجم مع ما أنفق من أموال طائلة طوال السنوات الماضية على هذا الملف ولا مع ما يتوقع أن نواجهه خلال الصيف المقبل,, وأضاف أن نحو 4 مليارات دولار يدفعها المواطن العراقي لأصحاب المولدات الكهربائية الأهلية، وهو ما يعني وجود مصلحة لهؤلاء في عدم تحسين ملف الكهرباء في العراق»، مضيفاً أن «هناك مافيات تسيطر على هذا الملف وتمثل واحدة من أهم عناصر الفساد التي من شأنها عرقلة مشاريع الطاقة الكهربائية في البلاد وهي مرتبطة بجهات أكبر منها
افة الفساد الإداري والمالي أدخلت البلاد في انهيارات متتالية منها: الأمنية والمالية والخدمية ومنها الكهرباء، فما أهدر على بناء وتجهيز محطات كهربائية حسب ما متداول في وسائل الإعلام وبعض المصادر النيابية والحكومية هو 24 مليار دولار وما يؤكد ذلك هو عدم وجود نفي حكومي لهذا الرقم الذي يذكر، الكل يتساءل عن مصير هذه المبالغ والذي كان بالإمكان من خلالها تشييد محطات كهربائية عملاقة تغطي ليس العراق لوحده بل لعدة دول مجاورة، فمشكلة هدر الأموال الذي حصل في وزارة الكهرباء وغيرها يرجعها الكثير إلى عدم وجود رقابة حقيقية وصارمة من الدولة على الأموال التي تصرف والمشاريع والخدمات التي تحقق من خلالها للمواطن، وهنا تبرز الحاجة إلى ضرورة وجود نظام قضائي وادعاء عام يحقق ذاتيا بهكذا أموال ومشاريع حكومية تقدم للمواطن، لكن للأسف نلاحظ ضعف أو غياب القانون الصارم المحاسب لهذا الفساد
وحصل العراق على عدة استثناءات من العقوبات المرتبطة بالتعامل مع إيران، والتي تعتمد عليها بغداد لاستيراد الطاقة بعد مفاوضات بين مسؤولين عراقيين وأميركيين ممثلين للبيت الابيض ووزارة الخزانة الاميركية – والتمديد الاخير كان في اذار الماضي ” لمدة 30 يوم ، حتى نهاية /نيسان الحالي ، وفق مسؤولين عراقيين لإيجاد بديل عن إيران التي تزود العراق بالكهرباء التي تعاني منها نقصاً مزمناً، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة من خلال إعادة عمل أنظمة الإمداد بالكهرباء أو من خلال إيجاد موردين آخرين -ويحتاج العراق لاستثمار نحو أربعين مليار دولار للاستفادة من الغاز المصاحب لإنتاج النفط الخام جنوبي البلاد، وفقا لدراسة متخصصة أعدتها أكاديمية العراق للطاقة.وأوضحت الدراسة أن هذه الاستثمارات يمكن أن تحقق للعراق إيرادات مالية تصل إلى 500 مليار دولار في العشرين سنة المقبلة، إضافة إلى خمسين مليار دولار نتيجة إحلال الغاز كوقود في محطات إنتاج الطاقة الكهربائية، بدل النفط الخام المستخدم في الوقت الحاضر.وذكرت الدراسة -التي تم توزيعها على هامش انعقاد ورشة لمناقشة أهمية استثمار الغاز في العراق- أن العراق يقود زيادة إنتاج النفط الخام بنسبة 45% حتى العام 2035 بحسب تقارير وكالة الطاقة الدولية للعام الماضي.-وأشارت إلى أن احتياطيات العراق من الغاز في جنوب البلاد تبلغ تسعين ترليون قدم مكعب، وكلها تقريبا من الغاز المصاحب للنفط، وأن أكثر من مليار قدم مكعب من الغاز تحرق يوميا في جنوب العراق، حيث تتجاوز الخسائر المالية 3.65 مليارات دولار سنويا.وبحسب إحصائية لوزارة النفط العراقية، فإن احتياطي العراق من الغاز يبلغ 137 ترليون قدم مكعب غالبيتها من الغاز المصاحب للنفط الخام. وأضافت أن القيمة المالية للغاز المحروق تكفي لبناء عشر مستشفيات و250 مدرسة و15 ألف وحدة سكنية سنويا، فضلا عن توليد أكثر من ستة آلاف ميغاواط من الكهرباء.