18 ديسمبر، 2024 6:16 م

أزمة السكن.. وجنون العقارات

أزمة السكن.. وجنون العقارات

ما زال سوق العقارات يشهد ارتفاعا قياسيا في الأسعار، ما دفع بعض العراقيين إلى شراء المنازل في دول مجاورة مثل تركيا والأردن , أسعار العقارات في بغداد تفوق أسعار دول مستقرة أخرى تتوفر فيها كل سبل الحياة والترفيه، مما يجعل تحقيق حلم شراء المنزل لأبناء الطبقات الفقيرة أو متوسطة الدخل أمرا مستحيلا ,ويرى مختصون أن أسباب الارتفاع يعود إلى الفوارق الكبيرة التي تولدت بين طبقات المجتمع، فالطبقة السياسية ورجال الأعمال وأصحاب الدرجات الخاصة يزدادون ثراء في كل يوم ويستثمرون أموالهم في شراء العقارات داخل العراق , ويقول عراقيون , إن طبقة متوسطي الدخل اختفت، وهناك طبقتان الأولى فاحشة الثراء تستمر في الحصول على الأموال بشكل أو بآخر والثانية مسحوقة، وهو ما تسبب في قلة العقارات المعروضة مقابل الطلب المرتفع عليها، ما جعل بغداد تصنف كأسوأ مدينة للعيش وأغلى مكان للسكن !!
الارتفاع الكبير في أسعار العقارات ولد وجود العشوائيات على أطراف المدن، والتي بلغت وفقا لوزارة التخطيط أكثر من 4 آلاف حي عشوائي في عموم العراق يسكنها أكثر من 3 ملايين نسمة يشكلون 12% من سكان البلاد، وهي أزمة أخرى عقدت مشهد أزمة السكن, ووفقا للمتحدث باسم وزارة التخطيط , أشار إلى أن أزمة السكن وارتفاع العقارات، هي أزمة متجذرة تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، فالظروف الأمنية والاقتصادية والحروب التي خاضها العراق خلقت فجوة ولدت الحاجة اليوم لنحو 3.5 ملايين وحدة سكنية لحل مشكلة السكن، مؤكدا أن هناك خططا خمسية وسياسات وضعت خلال السنوات الماضية، لكنها تعطلت أيضا نتيجة الظروف الصحية والأمنية المتراكمة , وعمدت الحكومات العراقية السابقة إلى الاتجاه صوب منح إجازات استثمارية لبناء المجمعات السكنية، لكن أسعار الشقق في تلك المجمعات كان خياليا، ولا يختلف عن أسعار العقارات في بغداد، فبعض تلك المجمعات تجاوز سعر الوحدة السكنية فيها 120 ألف دولار!! ,ويقول مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الوزراء ، إن المجمعات السكنية كانت جزءا من المشكلة بدلا من أن تكون حلا، فاعتماد بناء تلك المجمعات في مناطق مأهولة الخدمات بدلا من إقامتها في مناطق جديدة أسهم بارتفاع الأسعار، كما أشار إلى أن عدم إنشاء مدن جديدة منذ أكثر من عقدين، هو السبب في ارتفاع أسعار العقارات
وفي مبادرة جديدة لإنهاء أزمة السكن في العراق، أطلق الكاظمي حملة واسعة لتوزيع قطع الأراضي على المواطنين من الفئات المستحقة، في خطوة على طريق حل الأزمة التي تعانيها البلاد, والفئات المشمولة بهذه الحملة هم العراقيين الذين لا يملكون قطعة أرض وفي مقدمتهم الأرامل وضحايا الحروب والإرهاب والمظاهرات فضلا عن الصحفيين والإعلاميين وجميع من يشمله قانون الرعاية الاجتماعية, ويتوقع مختصون ان حملة الكاظمي لن يحل أزمة السكن بصورة نهائية،ولكنها مع القروض الممنوحة للفئات المشمولة ستساعد على تخفيض أسعار العقارات التي تشهد غلاء جنونيا،كما من شأن الحملة أن تعين على تجنيب المواطنين استغلال المصارف التي تتعامل مع المواطن بأسلوب ربوي بشع عن طريق معدل الفوائد المرتفعة على القروض الممنوحة للسكن, وهناك توجيها لوزارة الاسكان وهيئة الاستثمار الوطنية بناء المشاريع الاستثمارية للوحدات السكنية في بغداد والمحافظات لآصحاب الدخول المتوسطة وما فوقها في حين ستستهدف الحملة الجديدة للكاظمي من هو تحت خط الفقر وأقل من الفئة المتوسطة
جميع رؤساء الوزراء الذي حكموا العراق منذ 2003 هم نسخ متشابهة، هكذا يراهم الاغلبية من العراقيين، مؤكدين أنهم يطلقون وعودا لتوزيع قطع أراض فقط ولا يوجد أي تنفيذ حكومي جاد تجاه هذه الأزمة التي تؤرق الشعب
سئل الفيلسوف جان_جاك_روسو ما هو الوطن؟ فأجاب: الوطن هو المكان الذي لا يبلغ فيه (مواطن) من الثراء ما يجعله قادرا على شراء (مواطن) آخر، ولا يبلغ فيه (مواطن) من الفقر ما يجعله مضطرا أن يبيع نفسه أو كرامته. الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء، الدفء والإحساس بالكرامة.. ليس الوطن أرضًا فقط، ولكنه الأرض والحق معًا.. فإن كانت الأرض معهم فليكن الحق معك.. الوطن هو حيث يكون المرء في خير. —- والحر تكفيه الآشارة!!