( 1 )
أول الكلام :
الفاشلون نوعان ‘ الذين يفكرون ولايعملون ‘ والذين يعملون ولايفكرون / جون تشارلزسالاك .
لابد أن القراء يتذكرون أنه وفي موعد إعلان جائزة ( نوبل للأداب ) لعام 2018 أعلنت الأكاديمية السويدية إرجاء هذه الجائزة وذلك للمرة الأولى منذ نحو سبعين عاما ‘ عندما قرأت عنوان الخبر ‘ تصورت أن يكون سبب ذلك عدم وصول الاكاديمية ألى قناعة مبدئية باي نصوص ادبية امامها تستحق هذه الجائزة القيمة من الناحيتين المعنوية والمادية ‘ وذهبت الى ان أتخيل بأن الابداع ( قلم المبدع في عالم الادب ) في تراجع امام عصر العولمة الذي ازدهر فيه كل شيء عدا مستلزمات روح الابداع الانساني معتقدا انتهاء توجه الانسان الى اختيار ( الابداع الادبي ) طريقا للشهرة او طريقا لمساهمة في تخليد الظواهر الروحية في العلاقات الانسانية …. ولكني فوجئت بان قرار إلارجاء جاء على خلفية فضيحة اغتصاب واعتداء جنسي طال زوج عضو في الأكاديمية.
وأوضحت الأكاديمية السويدية التي تمنح جائزة نوبل في الأدب أنها لن تمنح الجائزة هذا العام بعد فضيحة مزاعم سوء سلوك جنسي أدى لاستقالة عدد من أعضاء مجلس الأكاديمية .
وأشارت الأكاديمية في بيان أن سبب يعود الى ” تضاؤل عدد أعضاء الأكاديمية حاليا وتراجع ثقة الناس فيها” !!!!
وتمرّ الأكاديمية التي أسست في العام 1786 بأزمه ‘ فقد أعلن سته من أصل 18 من الحكماء في الأسابيع الأخيرة من بينهم السكرتيرة الدائمة سارة دانيوس تنحيهم. وعلق السكرتير الدائم بالنيابة انديرس أولسون في بيان بأن “أعضاء الاكاديمية السويدية مدركون تماما بأن أزمة الثقة الحالية ترغمهم على إجراء إصلاحات طويلة وقوية”.
وكانت الواقعة ألقت بظلالها منذ أن كشفت حركة “أنا أيضا” عن شهادات لـ18 امرأة تعرضن للتحرش الجنسي والاغتصاب من قبل رجل من أصل فرنسي يدعى جون كلود أرنو، متزوج من الشاعرة والكاتبة المسرحية كاترينا فروستنسن .
بعد اعلان هذه الحقائق امام الرأي العام ‘ توقفت امام ظاهرة إزدواجية الموقف لاهل الثقافة و متابعي الاحداث عندنا ‘ عندما يحدث اي حدث من هذا النوع في مجتمعاتنا ‘ او حتى حدث اعتداء رجل على امرأه ( زوجة ) أو نفس الظاهرة التي ادت الى حجب جائزة نوبل ( اغتصاب او اعتداء جنسي …!!) ‘ ينشط منشطي المجتمعات المدنية …..!!!! ويحرقون صفحات التواصل الاجتماعي باحتجاجات ومطالبة بتنشيط جمعيات ( محاربة اضطهاد المرأه ) وهذا طلب ايجابي ومعقول ولكن غيرايجابي و غير معقول يربطون هذه الظواهر السيئة مباشرة باحدى الظواهر السيئة المنتشره ( حسب رأيهم ) في مجتمع منتمي الى الاسلام فقط وان المجتمعات الاخرى ( المسيح و اليهود و البوذي و العلماني و حتى الملحدين ) لاوجود بينهم هكذا ظواهر وانهم ( يقدسون المرأه ) تقديس …!!! وهذه الظاهرة معروفه لدى حتى سلطات الدول الاسلامية ان تشجيعها ( ظاهرة اتهام المجتمع الاسلامي بالتحرش والاعتداء وعدم احترام المرأه ) ياتي بشكل منظم ماديا ومعنويا من جهات غربية وبشكل منظم وان تلك الجهات في تشجيعهم لما يسمى ب ( المجتمعات المدنية _ ومنشطيهم الاشاوس ) ليس كما يفعلون ويشجعون ( المجتمعات المدنية ) لدى بلدانهم و التي يختصر عملهم بـ ( دعم الظواهر الايجابية ) في المجتمع ونشر الثقافات الاجتماعية و الصحية وتوعية الناس بضرورة الالتزام بالقوانين و فهم : ان الحرية تعني المسؤولية والمساهمة في البناء وليس كما يشجعون مايسمى بـ( المجتمعات المدنية ) بان يكونوا ( مناضلين سياسيين ) اذا لزم الامر و ثوريين وانسانيين واصلاحيين تجاه اي تصرف لايليق بعولمة الغرب …..ألخ .
( 2 ) ازمة اخلاق هناك وتقليد اعمى هنا ..!
حدثت حادثة مؤسفة قبل فترة في احد قصبات محافظة السليمانية ‘ ادى الى حرق سيدة مع اطفالها الاثنان ووفاتهم ‘ قيل ( والقول على الراوي لأن لحد الان لم تظهر حقيقة الحادثه ) ‘ فور الاعلان ‘ انه كان بفعل فاعل ‘ لان الرجل كان يشك في سلوكية الضحية ….!!! ‘ استنفر كل اصحاب الاقلام العلمانية في الاقليم و ملئت كل صفحات التواصل الاجتماعي بأن من يشجع هذا النوع من التعامل مع المرأه ( زوجة او اخت أو ….ألخ ) هو تربية اجتماعية على الطريقة الاسلامية ……!!!!!! فقط دون كل المجتمعات الاخرى و التوجهات الاجتماعية الاخرى .. شارك في الحملة اصحاب الشهادات مع كل من تعلم القراءه والكتابة والكلمة ومعناها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ‘ واغرب من هذا ‘ أنه حدث بعد ايام حادثة ( من نوع كوميديا سوداء ) أيضا في السليمانية ‘ حيث قامت ( سيدة عصبية ) بحمل ( زوجها ) ورمته من فوق السطح ‘ ونشر الحدث وصورة الحدث مرة واحدة فقط في احد المواقع ‘ ولم نسمع من اي جهة انسانية من المجتمعات المدنية حتى تعليق واحد عن الحدث لان يظهر ان علماني المجتمع في الشرق يعنى ( السلطة للنساء ) .. ولله في خلقه شؤون …!!
عندما تظهر هذه الحملات ‘ وبشكل منظم ( بعيدا عن عقدة المؤامرة ) ‘ تاثيره يكون بشكل سريع ‘ لنا الحق ان نشك ان يكون حاصل نتيجة ( تعاطف ) او استسلام لظاهرة اشاعة دون اعطاء المجال احيانا حتى للجهات المعنية قانونيا بان تقول كلمتها حول الحدث ‘ ترى وتسمع انه يرفع صوت الدعوة لتخلي المجتمع عن كل ما له علاقة بتاثير الدين ( الاسلام تحديداً ) ؟ بداً ‘ قولنا هذا لايعني الدعوه لاعتماد وتبني كل ماهو ديني في العلاقات الاجتماعية بل نحن من المتحمسين بابتعاد الدين عن التدخل في جزئيات الخصوصية في العلاقات الاجتماعية ‘ ولكن الغريب مايحصل في هذا المشهد ‘ انه الان في العراق ‘ من يشارك مايسمى بـ( العملية السياسية ) هم حاملين عنوان الدين و في اقليم كردستان هناك اربعة احزاب دينية يدعو كل واحد منهم الى ( بناء مجتمع اسلامي ) ورغم ذلك عمليا ترى ان مهمة ( المتدينين ) في العراق مختصرة على نشر توجيهات الالتزام بدعوات للشعائر والطقوس الدينية فقط وماذا تدعو بعد الصلاة وماذا تفعل في المناسبات الدينية و ماهو ( موديل المقبول ) لحجاب السيدات …..ألخ ‘ والاحزاب الدينية في اقليم كردستان منشغل بالصراعات السياسية ‘ هذا يعني عمليا ترك الساحة لتاثيرات ‘ ليست للعلمانية التى بنى الحضارة العصرية و حرية الراي و الراي الاخر في اوروبا و عزل الدين من ( كرسي الحكم ) ‘ بل علمانية ( زرق ورق ) لايؤدي الى اي بناء الا في مظهرها الخارجي المخادع .
( 3 ) وساخة الغرب في التعامل مع ( المرأه ) بالارقام
رغم اننا لانعرض مفاجأت للقراء ‘ ولكن عملاَ بالقول ( وذكرلعل الذكرى تنفع المؤمنين ) ‘ نذكر ان الغرب ‘ ليس عن طريق ( صفحات التواصل الاجتماعي ) ‘ بل ان هذه الظاهرة السيئة التي يتبهى بتوسيعها عندنا بحيث اصبحت ظاهرة التفكك الاجتماعي ‘ بل ان الغرب يعلن ( سيئاتهم الاجتماعية ) عن طريق مصادر المعلوماتية المرموقة بالاضافة الى المراكز البحثيه و العلمية المرتبطة بجامعات راقية وحضارية ( بالجد وليس فقط عنوان بلا معنى ) مايحصل من السيئات الاجتماعية ليس للتشهير ومحاربة الدين بل للبحث عن طريق العلاج العلمي ‘ ولكن عندما تدقق في محتوى هذه الارقام من الظواهر السيئة ( والتحرش بالنساء ) في المقدمة ‘ يظهر امام من ينظر الى الموضوع بوعي ‘ أن الحصانة الاخلاقية عندنا ‘ رغم تشهير العلمانيين المزيفين ‘ اقوى وامتن من الغرب واليكم ارقام من قعر دار الغرب كما يقولون :
على الرغم من الحرية الجنسية التي تتمتع بها الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن تلك الحرية الجنسية لم تمنع من تفشي الاعتداءات الجنسية فيها لدرجة كبيرة، تصل لوقوع اعتداء جنسي في أمريكا كل 98 ثانية،وقد تعرّضت واحدة من كل ست سيدات في أمريكا إلى اغتصاب أو محاولة اغتصاب.فبحسب أرقام الشبكة الوطنية لمكافحة الاغتصاب في أمريكا، فإن 321.500 شخص في أمريكا، تتراوح أعمارهم من 12 سنة فأكثر، يقعون ضحايا للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي في المتوسط سنويًا، وبذلك تقع بحسب الشبكة حالة اعتداء جنسي كل 98 ثانية في المتوسط في الولايات المتحدة الأمريكية.وتتراوح أعمار أغلبية ضحايا العنف الجنسي في أمريكا، من 18 عامًا حتى 34 عامًا، بنسبة 54% من الضحايا، وتبلغ نسبة الضحايا الذين تتراوح أعمارهم من 18 عامًا حتى 64 عامًا، 92% من إجمالي ضحايا العنف الجنسي. وتتعرض نساء أمريكا وفتياتها لمعدلات عالية من الاعتداءات الجنسية، فسيدة من كل ست نساء في أمريكا قد تعرضت لمحاولة اغتصاب فاشلة لم تكتمل (بنسبة 2.8%)، أو واقعة اغتصاب كاملة في حياتها (بنسبة 14.8%)، واعتبارًا من عام 1998، فقد وقعت17.7 مليون امرأة ضحية لمحاولة اغتصاب، أو واقعة اغتصاب كاملة، وكان 90% من ضحايا الاغتصاب الكامل من الإناث، مقابل 10% للذكور. تناقلت بعض المواقع تقريراً صادراً عن الاتحاد الأوروبي يفيد أن أكثر من 55% من النساء الأوروبيات تعرضن إلى شكل من أشكال التحرش الجنسي .
هكذا نرى أنه في الغرب، حيث هم بعيدين عن الحروب والصراعات الدموية المباشره كما هو ظاهر للعيان مثل ما يجري في القارات الشرقية من الكرة الارضية، ولكن بقراءة الارقام فإن مايجري في حياة الانسان الغربي من النواحي النفسية والعلاقات الانسانية والاخلاقية وحتى الاقتصادية لهو مؤشر واضح على آن المتنفذين الجشعين (ولانقول الراسماليين كمصطلح كلاسيكي عفا عليه الزمن بعد سقوط المؤسف للشرق اليساري …!) في الغرب يخدعون أنفسهم قبل غيرهم عندما يتباهون بإستقرار الوضع الانساني لديهم ويعملون وبشكل منظم ومدروس لمنع ظهور مايجري في الخفاء بين الناس ومجتمعات الغرب من الانحطاط والامراض طريقاً لاشباع رغباتهم في الكسب المادي وبناء مظاهر خالية من الروح والعاطفة حتى أنهم عملو ولايزالون يعملون لمحاصرة الافكار المرتبطة بالناحية الروحية للانسان (الدين) ويعملون على إحتواء التوجهات الدينية لصالح اهدافهم
أخر الكلام :
صدق ( ابن عرشد ) في قوله : أن التقليد عصى العميان ..!