23 ديسمبر، 2024 1:07 ص

أزمة إستفتاء كردستان ، نحن أكثر ديمقراطية من إسبانيا !

أزمة إستفتاء كردستان ، نحن أكثر ديمقراطية من إسبانيا !

لا أحد يشك في عراقة الديمقراطية في إسبانيا بعد مخاض عسير وحرب أهلية خاضها هذا البلد من العام 1936 إلى عام 1939 ، بإعتبارها دولة في الإتحاد الأوربي ، وتمتلك المعايير العالية لهذا الإتحاد في القانون وحقوق الإنسان ، وعنوان هذه المقالة تهكمي يعكس الديمقراطية المستوردة والطارئة ، تلك التي جيء بها إلينا على ظهر الدبابة ، بحيث فهمنا أن الديمقراطية تعني التساهل مع المنحرف والفاسد واللص ، وتعني تعطيل القوانين الرادعة للمسيء ، تعني عدم إحترام منطوق الحكم الصادر من القضاء ، لأنه ببساطة لا يمتلك آليات تنفيذية فاعلة وكأنه مصاب بالشلل ، هذا إن “تجرأ” القضاء على إصدار حكمه ، فنراه متساهلا ومجاملا الحيتان الكبيرة ، لكنه سيف مسلّط على المواطن ، ولطالما شهدنا قرارات خجولة تصدر متأخرة جدا من القضاء بحق مسؤول فاسد وبعد فوات الأوان ، أي بعد أن يلوذ بالفرار ليتمتع بجنسيته الثانية متنعما بمسروقاته ، ولطالما شاركه بلده البديل الراعي جدا لحقوق الإنسان بجرمه ، وكأن حكومة البلد عبارة عن شركة متعددة الجنسيات ! ، والمفارقة أن بلدنا أول من سنّ القوانين على وجه الأرض ، لهذا هَرَبتْ (مسلّة حمورابي) من بلدنا وإختارت ملجأ آخرا ، بعد أن ساخت بها ارضها الأم ! .

الفرق كبير بين ديمقراطية متأصلة كتلك التي في إسبانيا ، وديمقراطية كسيحة كتلك التي في بلدنا ، الديمقراطية في إسبانيا موضع رقابة صارمة ومستمرة من قبل الإتحاد الأوربي ، ولا يُسمح لها أن تحيد عن قوانين هذا الإتحاد قيد شعرة ، ورغم ذلك ، فقد إتخذت إسبانيا مجموعة من القوانين الشديدة بحق زعيم إقليم (كاتالونيا) ، لأنه أجرى الإستفتاء على الإنفصال دون موافقة حكومة (مدريد) ، بل نالت هذه الخطوات الرادعة والمشددة مباركة الإتحاد الأوربي ودعمه ، وبعد ساعات من قيام إستفتاء ، أصدر المدعي العام الإسباني ، مذكرة إعتقال أوربية بحق (كارليس بوتشيدوند) رئيس إقليم كاتالونيا ، الذي فر إلى بلجيكا مع إربعة وزراء في الإقليم ، والذي سوف يُرحّل إلى إسبانيا ليواجه تهم إساءة إستخدام السلطة والتمرد والتحريض ، وقد يواجهون سجنا تصل مدته من 15 إلى 30 سنة !.

وإذا كانت هذه العقوبات المشددة شرعية بنظر الإتحاد الأوربي ، الراعي للحرية وحقوق الإنسان ، لكن رغم أن السيد (مسعود الكردي) ليس كالسيد (بوتشيموند الكاتالوني) ، فهذا الأخير لم يستولي على أراضٍ واسعة ليست من حقه ولا من إقليمه ، لم يبع نفطه ونفط غيره دون وجه حق ودون اي إتفاق مع المركز ، كذلك تصرفه بالنفط المهرب من (داعش) ، لتصب وارداته في جيبه وجيب عشيرته من الأقربين ، لم ينفذ السيد (بوتشيموند) شتى أنواع التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي في كاتالونيا ، لم يوظف مأساة (داعش) لمصلحته إلى درجة إعتقاد الكثير من المحللين إن أحدى مهام داعش هي رسم خريطة لكردستان الكبرى بإتجاه التوسّع طبعا ، لم يتصرف بشتى أنواع المسروقات من المركز ، تعامل مع الجيش المكسور بعد سقوط الموصل وكأنه جيش عدو ، ويعلن بتشفّ من طرف واحد عدم الحاجة إلى المادة 140 من الدستور ، لم يطلب الكفالات والأتاوات والرسوم لدخول الإسبان إلى كاتالونيا ، لم ولم ولم … ، ونحن نرى السيد مسعود ، حرا طليقا مع أركان حكمه ، ولا زال لديه لسان يصرّح به ! ، وبعد كل ذلك ، أليس من حقنا أن نسأل ، ما هو مصير السيد مسعود إن كان كاتالونيا ؟ ، سيكون أسودا بالتأكيد ، بنظر أعرق ديمقراطيات العالم ! لكن لحسن حظ السيد مسعود ، ولسوء حظنا طبعا ، أن تكون الإرادة المركزية لكبح جماحه وأطماعه ضعيفة للغاية ، مع وجود دستور فضفاض حمّال أوجه ، كل يفسّره على هواه ، وحتى ديمقراطية أوربا ، يشوبها الكثير من النفاق ، فقد باعت أوربا الكثير من السلاح إلى الإقليم ، وأوربا تعلم جيدا أن الغرض من السلاح هو للإستقواء على المركز ولتعزيز إحتلال مناطق جديدة وضمها للإقليم ، وها هي فرنسا ، تستقبل السيد (نيجرفان) المطلوب للقضاء بالأحضان ، وعلى أعلى المستويات مؤخرا !.