عندما نقول أرنب السباق فإننا هنا لا نتحدث عن حيوان الأرنب الذي يُصنف من الثدييات، والمعروف للجميع بأنه يتميز بالسرعة وخفة الحركة، وشكله المميز، إنما نتحدث عن ذلك المتسابق الذي يتواجد في منافسات ألعاب القوى، وتحديدا في سباقات العدو للمسافات الطويلة والمتوسطة. إن وظيفة المتسابق الأرنب هي قيادة السباق منذ البداية برتم سريع بهدف استفزاز أو تحفيز بقية العدائين لزيادة رتم السباق؛ وبالتالي زيادة فرص الفائز بتحطيم رقم قياسي عالمي سابق أو تسجيل رقم جديد، والذي سينعكس إيجابا على مستوى البطولة. و الأرنب يكون دائما في مقدمة العدائين ، ثم بعد أن يقوم بالمهمة ويبذل مجهودا خرافيا في بداية ومنتصف السباق، ويستنفذ لياقته وقوة تحمله، ينسحب من السباق، ويتوارى عن الأنظار، فهدفه ليس الفوز بالسباق، ومحاولة تحطيم أو تسجيل رقم قياسي عالمي، بل هدفه هو تنفيذ أوامر منظم البطولة الذي يعطيه مبلغا من المال مقابل قيامه بتلك المهمة التي سترفع من مستوى السباق وقيمة بطولته الفنية والتسويقية .
أما أرانب الأحزاب فالمقصود بها الأشخاص الصغار والكومبارس الذين يتصدرون المشهد في المجالات كافة نيابة عن معظم زعماء الأحزاب الذين يتحكمون بهم و يديرونهم بريمون كنترول من خلف الكواليس، وهؤلاء ينتشرون في كل مكان اليوم، حيث تجدهم في الإعلام، و في المناصب الحكومية الرفيعة والمتواضعة، في التجارة والشركات الأهلية، في المنظمات (الإنسانية)، في الرياضة، والصحة، والتعليم، والفن، والمهرجانات، والملاهي، وصالات القمار، والأوقاف الدينية…إلخ.
إن مهمتهم لا تختلف كثيرا عن مهمة المتسابق الأرنب، فهم من يتولون إدارة الحروب الإعلامية، ونشر الإشاعات، والاستحواذ على اقتصاد البلد نيابة عن الكبار(الخط الأول) الذين يدفعون لهم أموالا كثيرة مقابل تلك المجهودات. وهم كالكلاب المسعورة، ما أن وجدوا شخصا ينتقد ظاهرة سلبية في المجتمع، بغية إصلاحها، حتى نبحوا في وجهه أو حاولوا عضَّه، لأن إصلاح الوضع بالنسبة لهم يعني زوال امتيازاتهم، ومكانتهم التي حصلوا عليها بفضل نباحهم المستمر في وجوه المصلحين، أو المخالفين لتوجهاتهم، فهم يعتاشون على الفوضى والمعضلات، و يخفت بريقهم وتتلاشى شهرتهم ومكانتهم وتأثيرهم عند اللاعبين الكبار بزوال هذين السببين. إنهم بارعون في افتعال الأزمات، والتغطية على فشل احزابهم أو قادتهم، وتجميل صورتهم. ويدعسون على المبادئ، والقيم الأخلاقية، والضمير، والإنسانية في سبيل إرضاء أولياء نعمتهم، والحصول على مكاسب مادية، على حساب معاناة أفراد المجتمع، ويرفعون راية الوطنية للتغطية على فسادهم و النيل من خصومهم، و إتهام من لا يسير على خطاهم وهواهم بشتى التهم الجاهزة.
وعادة ما يجري تغيير وجوه أرانب الأحزاب الكالحة القديمة بين الفينة والأخرى ، بجوه جديدة، تماما كما يجري تغيير أرنب السباق في كل بطولة. و أحيانا تتحول الوجوه القديمة إلى كبش فداء ، فتدفع الثمن غاليا، وقد يكون الثمن هو السجن أو الموت أو الهجرة. ويل لأمة تتلاعب بها الأرانب الصغيرة.