رغم انقضاء ما يقارب مئة عام على نهاية سلطة الدولة العثمانية,إلا أنه منذ وصول حزب العدالة والتنمية للحكم و تولي أردوغان رئاسة الدولة وهو المتعلق بحلم استعادة مجد الدولة العثمانية, من خلال التواجد شرقا وتحقيق أحلامه التوسعية مستغلا الوضع الحالي وانشغال العالم بازمة فايروس كورونا, حيث يواصل أطماعه بشكل استفزازي.
يرى مراقبون ان أردوغان يعيش اليوم ما يعرف ب( عقدة موسوليني)باستحضار العقدة التاريخية العثمانية, كما كان الزعيم الفاشي موسوليني الذي دعم فكرة إعادة إحياء مجد الامبراطورية الرومانية القديمة وسعى لتوسيع نفوذ ايطاليا انذاك فكان نصيبه الفشل الذريع في تحقيق أحلامه التوسعية.
المتابع اليوم لسياسة أردوغان يدرك جيدا خطورة المشروع والتمدد التركي في المنطقة, ويكشف في الوقت نفسه ازدواجية المواقف التي تتبناها حكومة حزب العدالة والتنمية, ففي الوقت الذي تدعو فيه الى العمل على إنهاء الصراعات والسعي الجاد للحوار والمصالحة في ظل ازمة كورونا, فاذا بها تستثمر الازمة وانشغال العالم بها, في الوقت الذي يزداد تدخلها في شؤون الدول العربية(سوريا ليبيا العراق).
ومما يدعم هذه السياسة تصريحات اردوغان الاخيرة التي قال فيها( لا يجوز حصر تركيا في مساحة مقدارها ٧٨٠ ألف كيلو متر مربع, مصراته في ليبيا وحلب وحمص والحسكة في سوريا والموصل وكركوك في العراق هي خارج حدودنا الفعلية, لكنها داخل تخومنا العاطفية وسنجابه كل هؤلاء الذين يحددون تاريخنا بالسنين التسعين الماضية فقط) هذه الخطابات تجسد بوضوح أحلام ( العثمانية الجديدة) التي يسعى اردوغان الى احياء الامبراطورية التركية التي تضم أراضي عربية والاستيلاء على ثرواتها ومقدراتها والتحكم في شعوبها, ويتصور أنه مع انشغال العالم بمواجهة وباء كورونا, انه يستطيع فرض أمر واقع في دول الأزمات والصراعات مما يخدم طموحاته التوسعية.
الواقع ان التدخل التركي بلغ ذروته منذ التدخل العسكري في ليبيا وقبلها سوريا والعراق, وتحاول أنقرة منذ فترة التمدد بشتى الوسائل ما بين السياسي والاقتصادي والثقافي وحتى العسكري, اقتصاديا ترتبط انقره بالكثير من العلاقات بدول المنطقة وسياسيا لا يخفى دورها الهائل في الملف السوري , الأمر نفسه ينطبق على تواجدها في ليبيا والبحر المتوسط.
على الرغم من أن الاقتصاد التركي متنوع المصادر, لكنه يعاني من أزمات متعددة في الفترة الاخيرة,
الركود الاقتصادي طال معظم القطاعات الأساسية بسبب السياسة الاقتصادية التي يتبعها أردوغان,
ويشير الخبير في الشأن التركي فادي حاكورة إلى أن( الاقتصاد التركي في انحدار مستمر, مما جعل اردوغان يحاول الخروج من هذا الوضع الضاغط بالبحث عن امتداد سياسي واقتصادي للنفوذ التركي في المنطقة مضيفا ان الوضع الاقتصادي الحرج في تركيا هو دافع أردوغان والامتداد سياسيا واقتصاديا, ويعتقد الخبير في الشأن التركي بان مساعي أردوغان لتحقيق ذلك قد فشلت في السودان بعد خلع البشير في السودان وكذلك انهيار علاقاته السياسية مع مصر وخسائره المستمرة في سوريا فبقيت ليبيا الوحيدة التي يحاول مد نفوذه إليها,لا سيما وأن تركيا قد أبرمت من خلال شركات تركية تعاقدت مع ليبيا في عهد معمر القذافي بنحو ١٦ مليار دولار والمخاوف من سيطرة قوات حفتر بشكل كامل على ليبيا وعودة ليبيا الى وضعها الطبيعي قد يعني فقدان انقرة لهذه العقود وبالتالي قد يكون احد مخارج أردوغان من الازمة الاقتصادية لبلاده هو مزيدمن التدخل العسكري في الملف الليبي والذي ربما يضمن له مصدرا جديدا من النفط والغاز في المنطقة البحرية الممتدة بين البلدين بحسب اتفاقات ترسيم الحدود.
كما أن الاستثمارات الخليجية في تركيا ضعيفة كما ان قطر منيت بخسائر كبيرة بالاضافة الى فشل أردوغان في اغراء دول الخليج للاستثمار بكثافة في بلاده الى جانب انخفاض الليرة التركية وارتفاع الديون الخارجية إلى نحو ٤٠٠ مليار دولار.
يظهر من خلال ذلك بأن الدعوة الى احياء امجاد الدولة العثمانية ما هي احلام الرئيس التركي,لأن الدول العربية تدرك جيدا بان سلطة العثمانيين كانت السبب الأول في تراجع المكانة الحضارية للعرب الذين تزعموا العالم المتحضر خلال الخلافة الاموية والعباسية,كما وان العثمانيون لم يقدموا اي إنجاز حضاري يذكره التاريخ سوى سرقة العقول العربية ونهب خيراتها وقضاء تام على حضارتها وجعلوا العرب في عزلة كاملة لقرون طويلة عن الشرق وال