22 ديسمبر، 2024 7:37 م

أردوغان “الزعيم الوطني القوي الذي لا يقهر”

أردوغان “الزعيم الوطني القوي الذي لا يقهر”

ولد رجب طيب أردوغان في 26 فبراير 1954 في اسطنبول. في عام 1965 تخرج من مدرسة بيالي باشا الابتدائية، وفي عام 1973 من مدرسة اسطنبول الدينية التي سميت على اسم الإمام الخطيب. وفي عام 1981، تخرج أردوغان من كلية الاقتصاد والعلوم التجارية في جامعة مرمرة، وكان أحد نشطاء الرابطة الطلابية التركية الوطنية.
الرئيس رجب طيب أردوغان خلال العقدين اللذين قضاهما في قيادة تركيا، احتفظ بصورة “الزعيم الوطني القوي الذي لا يقهر” حيث نشأ في حي فقير بإسطنبول والتحق بمدرسة مهنية إسلامية، كان يحلم بمسيرة كرة القدم، حيث حظي بفرصة أن يصبح لاعب كرة قدم في أحد أشهر الاندية في إستانبول ، ولكنه اضطر إلى الانصياع لإرادة والده الذي لم يوافق على انتقاله إلى أحد أفضل الأندية في البلاد. في صغره لم يفكر حتى في مهنة سياسية أبدا، حيث كان عليه أن يكسب المال، إما عن طريق بيع المياه في الطرقات، أو عن طريق إعادة بيع البطاقات البريدية المشتراة بمصروف الجيب.كان والده يصر دائما على موالة الدراسة، معتبرا أن الرياضة ستشتت انتباهه، وسرعان ما اضطر أردوغان للتخلي عن الرياضة من أجل دراسته ومسيرته السياسية.
دخل السياسة كزعيم للشباب في أحد الاحزاب المحلية ومن ثم صعد نجمه بعد البداية المتواضعة هذه من حياته السياسية ومن ثم بعد أن شغل منصب رئيس بلدية إسطنبول، إلى أن وصل زعامة رئيس لحزب العدالة والتنمية، وصار رئيسا للوزراء في عام 2003 ليحكم تركيا حتى الان لمدة واحده وعشرين عاما حيث أعاد خلالها رسم سياستها الداخلية والخارجية والاقتصادية والأمنية ، وأصبح منافسا للزعيم التاريخي مصطفى كمال أتاتورك، الذي أسس تركيا الحديثة قبل قرن من الزمان.
فالرئيس أردوغان طوال حياته السياسية ، لم يكن قدّيساً أبدا ولكنه ليس شريراً أيضاً. وهو ليس ديكتاتوراً، ولكنه ليس ديمقراطياً واهماً. وهو ليس زعيماً ملهماً، ولكنه ليس زعيماً عادياً كذلك. وهو ليس فاتحاً إسلامياً، ولكنه أحيا لدى كثيرين أمجاداً سطّرها فاتحون مسلمون كثر. وهو ليس أباً لتركيا، ولكنه في المقابل مجدّد لها باعث لتطلعاتها، ولا شك طبعت بصماته مستقبلها.وهو ليس رهينة إيديولوجيا ولا تنظيمات ولا تيارات كما يتوّهم بعضهم، ولكنه لا يتنصّل من الإيديولوجيا ولا يتبرّأ من انتماء تركيا إلى الإسلام، تاريخاً وجغرافية وثقافة وحضارة. هو نجل قبطان بحري، الذي يواجه رياحا سياسية معاكسة الأن في فترة الانتخابات التركية، لكن المخاطر الكبيرة التي تمثلها انتخابات في جولتها الثانية في 28 مايو القادم ليست جديدة على أردوغان، الذي قضى قبل ذلك عقوبة في السجن لأنه ألقى قصيدة شعر ديني ونجا أيضا من محاولة انقلاب في عام 2016.
لذلك نرى بأن أردوغان رئيس لدولة إقليمية كبرى، لها طموحاتها وأطماعها، كما أن لها حساباتها وتحدّياتها، داخلياً وإقليمياً ودولياً. ويدرك أردوغان أن رئاسته وزعامته لتركيا طوال العقدين الماضيين لا تعنيان شيئاً، بل ولا تتحقّقان، من دون دعم غالبية الشعب التركي،المنقسمٌ إيديولوجياً. ومع وجود كثير من التعقيدات والتناقضاتٍ لا يفهم أردوغان الذي فاز في أكثر من عشر انتخابات ولا يفهم تركيا الحديثة، التي لم يجد حتى مرشّح المعارضة، كمال كليجدار أوغلو، الذي يقدّم نفسه مدافعاً عن الإرث الأتاتوركي للبلاد، إلا أن يتمسّح بالإسلام ويتودّد إلى طبقات المتدينين الأتراك.
الان يدرك خصوم تركيا ، غربياً وعربياً، أن تركيا من دون أردوغان ليس كتركيا بزعامة أردوغان الذي لديه رؤية لتركيا قوة إقليمية كبرى، وصاعدة ومؤثّرة عالمياً. وهو محترفٌ في القفز بين الحبال المتعدّدة والمتناقضة في سياق مشروعه لتركيا. من ناحيةٍ، يحافظ على علاقاته بالغرب ويبقي على عضوية بلاده بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكنه لا يسلّم سيادتها إليهم ولا يتردّد في الاصطدام بما يراه مشاريع تستهدف تركيا ومصالحها على الساحة الدولية ويريدون إعادة تركيا ضعيفة كما كانت، معتمدةً عليهم تدين بالولاء لهم، وهو يريد تركيا أكثر استقلالاً عنهم لا ترهن مصالحها الاستراتيجية لإمبرياليتهم.
تركيا جزء من تحالف الغرب الدفاعي حلف الناتو، لكن أردوغان وثق علاقات بلاده مع الصين وروسيا أيضا، ويدعو إلى أن تتبنى تركيا تحالفات متعددة الأطراف بحيث ُينظر إليها على أنها “واحة سلام وأمن”، ويعلم أردوغان أن الولايات المتحدة ومعسكرها الغربي لا ينظران إلى تركيا ولا يريدانها إلا تابعة ومخلباً متقدّماً لهما في فضاء الشرق الأوسط وفي مساعي احتواء روسيا.
خلال عقدين من زعامته تركيا، حدّث بنيتها التحتية وعزّز قوتها الاقتصادية وأحدث قفزاتٍ غير مسبوقة في صناعاتها العسكرية وضاعف حضورها الإقليمي والدولي. وهو فوق ذلك أعاد جسور التواصل بين تركيا والعرب، ولا نبالغ إن قلنا إن شعبية أردوغان بين الشعوب العربية أعلى منها بين الأتراك.
أثناء الحملة الانتخابية ملأ أردوغان باحتفالات بإنجازات صناعية، مثل إطلاق أول سيارة كهربائية تركية محلية وتم تدشين أول سفينة هجومية برمائية تركية ، والتي تم بناؤها في إسطنبول لحمل طائرات مسيرة تركية الصنع.
كما قام بتسليم أول شحنة من الغاز الطبيعي لمحطة بحرية من احتياطي مكتشف في البحر الأسود وتوفير الغاز الطبيعي مجانا للمنازل لمدة عام كامل، وافتتح أول محطة للطاقة النووية في تركيا بمساعدة روسيا بالقرب من مدينة مرسين .
الغرب وبعض الحكام العرب مع الاسف ممن يدرون في فلكهم لم يألُوا جهداً في التحشيد ضد أردوغان والتحذير من خطره ويتمنون نجاح كليجدار أوغلو الذي لايثق به حتى المواطن التركي ومع ذلك فالغرب وطوال سنتين تقريبا عمل على دعم وتوحيد كل معارضي أردوغان حول الطاولة السداسية المدعومة من الأحزاب الأنفصالية المدعومة من جبال القنديل .
ومع ذلك، تقدّم أردوغان بفارق كبير في الجولة الأولى ولكن لم تتحقق نسبة خمسين زائد واحد، وعلى الأرجح سيحسم الرئاسة في الجولة الثانية في 28 مايو بإذن الله ، مدفوعاً بمشاريعه وإنجازاته الكبرى في حقول الطاقة والاقتصاد والصناعات العسكرية.
وكلمة أخيرة، نقول لكل أعداء تركيا والذين يتمنون أن تنهار تركيا وتعود سيرتها الأولى ضعيفة تابعة في فلك الغرب، بأنهم يحلمون وحلمهم سقطت في مشاريع التنموية والاقتصادية التركية عند إستلام الزعيم أردوغان السلطة قبل واحد وعشرون عاما والذي قدم نموذجاً أفضل يمكن أن يحتذى بها من قبل العرب .
أردوغان في السطور
في عام 1976، ترأس فرع الشباب في حزب الإنقاذ الوطني الإسلامي، ثم فرع الشباب لهذا الحزب في اسطنبول.
بعد الانقلاب العسكري الذي حدث في البلاد في 12 سبتمبر 1980، تم حظر أنشطة جميع الأحزاب السياسية التي كانت موجودة في ذلك الوقت.
في عام 1983، انضم أردوغان إلى “حزب الرفاه” الذي تم تشكيله حديثا. وفي عام 1984، أصبح رئيسا لفرع بيوغلو في الحزب، وفي عام 1985 تم تعيينه رئيسا لفرع اسطنبول، وانضم إلى مجلس القيادة الأعلى للحزب.
في مارس 1994، تم انتخاب أردوغان رئيسا لبلدية اسطنبول. وفي عام 1998، أدين بتلاوة الشعر الإسلامي علانية في إحدى تجمعات مؤيديه وأجبر على الاستقالة من منصب عمدة اسطنبول، وحكمت المحكمة على أردوغان بالسجن 10 أشهر، لكن أطلق سراحه بعد أربعة أشهر.
وبدلا من “حزب الرفاه” المحظور، تم إنشاء حزب الفضيلة في تركيا عام 1999، وكان أردوغان رئيسا لجناحه الإصلاحي. في يوليو 2001، تم حظره أيضا. ثم أنشأ زعيم تركيا المستقبلي حزب “العدالة والتنمية” وانتخب رئيسا له.
في نوفمبر 2002، فاز حزب أردوغان بأغلبية المقاعد في البرلمان، مما منحه الفرصة لتشكيل حكومة.
وكانت الإدانة بارتكاب جرائم أيديولوجية، وفق أحكام الدستور المعمول به في ذلك الوقت، عقبة أمام الانتخابات البرلمانية، لذلك ترأس الحكومة التي شكلها حزب “العدالة والتنمية” أقرب مساعدي أردوغان عبد الله غول.
سرعان ما أقر البرلمان الجديد، الذي يسيطر عليه حزب “العدالة والتنمية”، تعديلا دستوريا رفع القيود المفروضة على حق أردوغان في الترشح للبرلمان، بعد انتخابه نائبا في انتخابات التجديد النصفي في مارس 2003 وشغل منصب رئيس وزراء البلاد.
في يوليو 2007، أجريت انتخابات برلمانية مبكرة، فاز فيها حزب “العدالة والتنمية” بقيادة أردوغان. ترأس مرة أخرى حكومة الحزب الواحد التي حصلت على الثقة في البرلمان في 5 سبتمبر 2007.
في يونيو 2011، في الانتخابات البرلمانية الجديدة، حصل حزب “العدالة والتنمية” على حوالي 50% من الأصوات، مما سمح لأردوغان بتشكيل حكومة للمرة الثالثة.
فشل الانقلاب
في 10 أغسطس 2014، شارك رئيس حزب “العدالة والتنمية” الحاكم رئيس الوزراء آنذاك، رجب طيب أردوغان، في أول انتخابات رئاسية مباشرة في تركيا منذ عام 1923. وفاز في الجولة الأولى بنسبة 52% من الأصوات.
في 28 أغسطس 2014، تولى رجب طيب أردوغان منصبه رسميا كرئيس لتركيا، وغادر أردوغان حزب “العدالة والتنمية”.
في يوليو 2016، وقعت محاولة انقلاب عسكري في تركيا، تم إحباطها بدعم من السكان والوحدات العسكرية الموالية لأردوغان والشرطة.
في أبريل 2017 تم تبني تعديلات دستورية في استفتاء يسمح للرئيس بعدم ترك صفوف حزبه السياسي، كما كان معمولا به سابقا.
في 21 مايو 2017، انتخب رجب طيب أردوغان رئيسا لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم.
في 4 مايو 2018، أصبح معروفا أن الزعيم التركي رجب طيب أردوغان قد تم ترشيحه كمرشح لرئاسة تركيا من تحالف الشعب الذي ضم حزب “العدالة والتنمية” الحاكم وحزب “الحركة الوطنية القومية”.
في 24 يونيو 2018، أعيد انتخاب أردوغان لولاية ثانية بنسبة 52.59% من الأصوات في الجولة الأولى .