23 ديسمبر، 2024 6:58 م

أذرع وأذناب وميليشيات ايران في العراق والسبيل لمعاقبتها وتحجيمها

أذرع وأذناب وميليشيات ايران في العراق والسبيل لمعاقبتها وتحجيمها

في 19 أيلول/سبتمبر، سيطرح مجلس النواب الأمريكي “قانون العقوبات على التنظيمات الإرهابية الوكيلة لإيران” الذي يدعو إلى فرض عقوبات أمريكية على اثنتين من الميليشيات العراقية الخاضعة لسيطرة إيران، هي «عصائب أهل الحق» و «حركة حزب الله النجباء» [أو «العصائب» و «حركة النجباء» على التوالي]. وفي حال إقراره، سيتطلب التشريع أيضاً احتفاظ وزارة الخارجية الأمريكية بقائمة علنية عن الجماعات المسلحة التي يموّلها «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني، أو تخضع لسيطرته، أو نفوذه.

ويأتي مشروع القانون في أعقاب التحذير الذي وجّهه البيت الأبيض إلى طهران في 11 أيلول/سبتمبر بشأن كبح جماح مليشياتها التي تعمل بالوكالة عنها بعد أن تعرّضت المنشآت الدبلوماسية الأمريكية في العراق لضربات صاروخية متعاقبة. ففي 7 و 8 أيلول/سبتمبر، تم إطلاق ثلاثة صواريخ من عيار 107 ملم وصاروخ آخر من عيار 122 ملم من شرق بغداد باتجاه مجمع السفارات في بغداد بعد ساعات قليلة من قيام المتظاهرين بإحراق القنصلية الإيرانية في البصرة. وفي 8 أيلول/سبتمبر، انهار وابلان إضافيان من الصواريخ من عيار 107 ملم على القنصلية العامة للولايات المتحدة الواقعة بمحاذاة مطار البصرة. ولم يتم الإبلاغ عن وقوع أي إصابات أو أضرار، ومن غير الواضح ما إذا كانت الصواريخ تستهدف ضرب المنشآت الأمريكية أو الأراضي القريبة منها من باب التحذير. وأشار بيان البيت الأبيض إلى أن “الولايات المتحدة ستعتبر النظام في طهران مسؤولاً عن أي هجوم ينتج عنه وقوع إصابات بين أفرادنا أو أضرار بمرافق حكومية أمريكية. وسوف ترد الولايات المتحدة بسرعة وحسم دفاعاً عن أرواح الأمريكيين”.

لماذا تتم معاقبة هذه الجماعات العراقية؟تأسست حركة «عصائب أهل الحق» من أحد فروع «جيش المهدي» التابع لمقتدى الصدر بين عامَي 2006 و2007، وكانت في طليعة الهجمات المنفّذة ضد قوات التحالف في العراق خلال تلك الفترة. وشملت تلك الضربات الغارة التي شُنَّت على مقر محافظة كربلاء في كانون الثاني/يناير 2007، حيث قتل خمسة جنود أمريكيين، وعملية اقتحام وزارة المالية في أيار/مايو 2007، التي أدت إلى مقتل أربعة رهائن بريطانيين. ومنذ أواخر عام 2012، كانت الحركة ترسل قوات تابعة لها إلى سوريا لدعم نظام الأسد. وتخضع «عصائب أهل الحق» لسيطرة إيران ولقيادة قيس الخزعلي، الذي هو رجل دين بارز كان يعمل سابقاً قائداً عسكرياً تحت إشراف الصدر.أما «حركة حزب الله النجباء» فقد انشقّت عن «عصائب أهل الحق» في أواخر عام 2012 وتعمل تحت قيادة أكرم الكعبي. وبإيعازٍ من طهران، لعبت الحركة دوراً رئيسياً في تجنيد مقاتلين شيعة عراقيين للحرب في سوريا. وفي عام 2013، كررت التهديد نفسه الذي وجهته «عصائب أهل الحق» ضد المرافق الأمريكية في العراق إذا ما ردّت واشنطن على هجمات الأسلحة الكيميائية التي كان يشنها نظام الأسد في البلد المجاور. وفي آذار/مارس 2017، أنشأت الحركة «جيش تحرير الجولان» دعماً لأهدافها بإعادة هضبة الجولان إلى سوريا والقضاء على إسرائيل.

مخاطر فرض العقوبات على الفور-لدى الحكومة الأمريكية سبب كاف لتصنيف كلا التنظيمَيْن كيانيْن إرهابييْن. فمعاقبة الميليشيات المتورطة في مقتل الجنود والدبلوماسيين الأمريكيين قد أُغفلت إغفالاً فادحاً طوال سنوات، شأنها شأن استثناء «حركة النجباء» من التصنيف على الرغم من قيام وزارة الخزانة الأمريكية بإدراج الكعبي شخصياً على قائمة الإرهاب منذ عام 2008. وتوفّر تقارير الاستجواب التي رُفعت عنها السرّية مؤخراً أدلةً واضحةً وأساساً منطقياً لفرض عقوبات جديدة.وربما تعتقد واشنطن أن نزع الشرعية عن هذه التنظيمات أصبح أمراً ملحّاً بشكل خاص في أعقاب الانتخابات النيابية الأخيرة في العراق، والتي زاد فيها عدد مقاعد «عصائب أهل الحق» من مقعد واحد إلى خمسة عشرة مقعداً. ومن شأن العقوبات الجديدة أن تمنع أعضاء «العصائب» من الاضطلاع بدور بارز في الحكومة العراقية المقبلة. فعلى سبيل المثال، خلال السنوات التي أعقبت تصنيف أبو مهدي المهندس والميليشيا التابعة له «كتائب حزب الله» على قائمة الإرهاب في عام 2009، اكتسب المهندس نفوذاً على بعض المستويات (على سبيل المثال، تم تعيينه لإدارة شبكة ميليشيا «قوات الحشد الشعبي» التابعة للحكومة)، ولكن دوره السياسي [اضمحلّ] وتم تحديده بشكل ملحوظ. ولم يلق تشجيعاً بالترشح للانتخابات النيابية أو تولّي منصب وزاري حيث قد يؤثّر هذان المنصبان على قيود السفر الدولية المفروضة عليه. وربما تأمل واشنطن أيضاً أن يؤدي تصنيف «عصائب أهل الحق» و «حركة حزب الله النجباء» على قائمة الإرهاب إلى تشجيع عناصرهما على تركهما لكي يبقوا مؤهلين للانضمام إلى قوات الأمن العراقية التي تعتمد على التدريب المقدّم من الولايات المتحدة والذي يمكن أن يتوقف بسبب انتماء العناصر إلى مثل هذه التنظيمات.ومع ذلك، قد تترتب عدة عواقب سلبية من فرض العقوبات على هذه التنظيمات على المدى القريب. ومن شأن القيام بذلك أن يخاطر بردّ فعلٍ عكسي في مرحلة حساسة بشكل خاص في العراق. فالمسؤولون في طريقهم إلى تشكيل حكومة جديدة، لذلك من المرجح أن تتمكّن إيران وشركاؤها السياسيون من التلاعب بأي تصنيفات إرهابية أمريكية واستغلالها لصالحهم من خلال تصويرها كاعتداء على السيادة العراقية. وبالتالي من الممكن أن تأتي العقوبات الجديدة بنتائج عكسية، مما يعزز حركات الميليشيات والقادة المدعومين من إيران في الوقت الذي تحاول فيه القوى السياسية والدينية إضعافهم. هذا ومن الممكن أن تؤدي معاقبة «عصائب أهل الحق» و «حركة حزب الله النجباء» إلى توحيد عناصر التنظيمَيْن، مما يؤدي إلى تقويض الخطط المفترضة للحكومة العراقية المقبلة بإبعاد هؤلاء العناصر عن تنظيمَيْهما.وحالما يتم تشكيل الحكومة المقبلة، قد تلمس واشنطن حماساً أكبر لدى بغداد لفرض عقوبات على قادة الميليشيات أمثال الخزعلي. فالسياسيون العراقيون يميلون إلى الاعتقاد بأن «عصائب أهل الحق» – ولكن ليس «حركة النجباء» المناهضة للسياسة التقليدية، وهو أمرٌ لافت للنظر – قابلة للاعتدال بصورة تدريجية عبر انخراطها في العملية السياسية، مستشهدين بالتيار الصدري و «منظمة بدر» المدعومة من إيران كأمثلة على ذلك. بيد، لا يرى الكثيرون في الكونغرس الأمريكي وإدارة ترامب أي احتمال بتحوّل أيٌّ من التنظيمَيْن إلى طرف سياسي فاعل يمنح الأولوية لمصالح العراق ويضعها فوق مصالح إيران. وفي حين تمكّن التيار الصدري من إحداث مثل هذا التغيير، إلّا أنه يبدو أن «عصائب أهل الحق» و «حركة النجباء» هما أقرب إلى «منظمة بدر» التي يعتبر معظم المحللون الأمريكيون بأنها لم تنأَى بنفسها عن «الحرس الثوري» أو تتخلى عن جذورها الميليشياوية.

توصيات سياسية-تُعتبر معاقبة «عصائب أهل الحق» و «حركة حزب الله النجباء» مبررةً من الناحية القانونية، ولكن توقيت أي خطوة من هذا القبيل وتنظيم تسلسل مكوناتها أمر بالغ الأهمية من أجل تحقيق أقصى قدر من التأثيرات المنشودة والتقليل إلى أدنى حد من قدرة طهران على استغلال رد الفعل العراقي. وفي حال إقرار مشروع قانون العقوبات على التنظيمات الإرهابية الوكيلة لإيران، يجب على إدارة ترامب أن تضبط بعناية آلية فرض العقوبات على الميليشيات والأفراد بموجب هذا القانون، وأن تنسّق عن كثب الجهود الأمريكية مع الحكومة العراقية المقبلة.

عدم مقاطعة إيران بينما ترتكب الأخطاء. تواجه طهران حالياً بعضاً من أكثر انتكاساتها العلنيةً والكبيرة في العراق منذ عام 2003، حيث هتف المتظاهرون “إيران برا برا”، وحرقوا صور المرشد الأعلى ونهبوا قنصليتها في البصرة. لذلك فإن الخوض في عقوبات أمريكية شاملة على «عصائب أهل الحق» و «حركة النجباء» في الوقت الحالي لن يؤدي سوى إلى إعطاء طهران فرصةً مستحسنة لصرف النظر عن هذه التحديات – وعلى وجه التحديد، سيمنحها وسيلةً لتغيير وجهة النظر المتداولة، وإثارة المشاعر القومية العراقية، والضغط على خصومها السياسيين العراقيين للدفاع عن هذين التنظيمَيْن.

تصنيف «حركة النجباء» أولاً على سبيل التحذير. إنّ الخطوة الأسهل في هذا الشأن هي فرض عقوبات على «حركة حزب الله النجباء»، مع احتمال ضئيل لحدوث رد فعل كبير في العراق على هذا الإجراء. وشأنها شأن «كتائب حزب الله»، لا تشارك «حركة النجباء» في العملية السياسية ويتزعمها رجل سبق أن صنّفته وزارة الخزانة الأمريكية على قائمة الإرهاب بسبب “تهديده للسلام والاستقرار في العراق”. لذلك فإن فرض عقوبات على التنظيم بحد ذاته لن يسبب مفاجأةً تُذكر في بغداد. وبما أن «حركة النجباء» لا تزال ناشطةً في سوريا، فإن استهدافها سيخدم هدفاً مزدوجاً وهو إبراز عزم إدارة ترامب في هذا الخصوص. وبشكل خاص، يمكن تصنيف الحركة على قائمة الإرهاب بموجب أمرٍ تنفيذي يمكن إصداره في أي وقتٍ كان؛ ولا يتوجّب على الإدارة الأمريكية أن ترتبط بالجدول الزمني للكونغرس.

إصدار العقوبات على «عصائب أهل الحق» في الوقت المناسب. في الوقت الحالي، على واشنطن أن توضح بهدوء للمحاورين العراقيين الرئيسيين بأن الخزعلي و «عصائب أهل الحق» سيصنَّفون على قائمة الإرهاب في نهاية المطاف. ويجب الإقدام على هذه الخطوة بحذرٍ لكي لا تسقط كالفاجعة وسط مشاورات تشكيل الحكومة، والتي من المرجح أن ترغم جميع قادة الميليشيات الشيعية – وحتى الصدر – على رص صفوفهم. لذلك يجب على واشنطن أن تكون مستعدةً للتريّث بشأن الإعلان عن التصنيفات والعقوبات الرسمية حتى منتصف تشرين الأول/أكتوبر على الأقل، وربما على الأرجح حتى أواخر تشرين الثاني/نوفمبر. وكما هو الحال مع «حركة النجباء»، بإمكان الرئيس الأمريكي فرض عقوبات على «عصائب أهل الحق» في أي وقت بموجب أمر تنفيذي.

فرض العقوبات على الخزعلي قبل «عصائب أهل الحق». يبدو الزعماء العراقيون أكثر استعداداً لتقبّل العقوبات على الخزعلي من العقوبات على «عصائب أهل الحق» ككل، ويبدو أنهم يعتبرون قادة التنظيم أكثر شناعة من مقاتليه العاديين. وقد سبق لواشنطن أن اتخذت خطوةً مماثلةً حين صنّفت الكعبي، زعيم «حركة النجباء»، قبل سنوات من سعيها لفرض عقوبات على تنظيمه. وقد يؤدي هذا النهج إلى استرضاء بعض العراقيين في الوقت الذي قد يُسبب أيضاً إلى إبعاد الخزعلي وغيره من قادة «عصائب أهل الحق» عن جنود التنظيم، الذين انضم الكثير منهم بعد عام 2014 لغرض محدد وهو محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وليس لدعم المخططات الموالية لإيران. ويمكن إدراج «عصائب أهل الحق» ككل على قائمة الإرهاب لاحقاً؛ وفي الواقع، إن احتمال فرض مثل هذه العقوبات قد يحفّز الحكومة العراقية على تسريح جنود «عصائب أهل الحق» على نحو أكثر إلحاحاً.

انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل الميليشيات العراقية وطالب بمعاقبتها. وأكد نايتس أن معاقبة المليشيات الإيرانية المضادة لحركة التغيير؛ يصب في صالح الإصلاحيين الداعمين للتغيير في بلادهم.وجاء في التقرير: رداً على التظاهرات التي عمّت بغداد ومختلف المدن الجنوبية بين 1 و 6 تشرين الأول/أكتوبر، اتخذت الحكومة العراقية إجراءات قمعية شديدة لم يسبق لها مثيل ضد المحتجين. وقد تعاونت مجموعة من الميليشيات المدعومة من إيران ومسؤولي الأمن مع مستشارين إيرانيين لتصميم هذه المقاربة الأكثر صرامة، والتي تضمنت اغتيالات ونيران قناصة وهجمات بطائرات بدون طيار وترهيب واعتقالات غير قانونية وانقطاع الإنترنت. وعندما نشرت بغداد نتائج التحقيقات التي توصلت إليها فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في 22 تشرين الأول/أكتوبر، حددت فقط صغار الضباط، وتجنبت الانتهاكات الرئيسية مثل هجمات القناصة والاعتداءات على محطات التلفزيون، وامتنعت عن تسمية أي من القادة المتورطين من الميليشيات المدعومة من إيران.وفي ظل غياب تحقيق شفاف وصادق من قبل الحكومة العراقية، على الولايات المتحدة فضح أولئك المسؤولين ووضعهم على لائحات العقوبات – لمهاجمتهم المدنيين – ليس فقط لمعاقبتهم على جرائم الماضي، ولكن أيضاً لمنع حدوث المزيد من الانتهاكات في الوقت الذي تلوح في الأفق احتجاجات جديدة بعد الفعاليات الدينية لإحياء الأربعين.

انتهاكات الميليشيات ضد المدنيين-خلال احتجاجات مختلفة في وقت سابق من هذا الشهر، نفذت السلطات العراقية عمليات إطلاق نار جماعية ضد مدنيين مسلمين شيعة. ووفقاً للروايات الرسمية، قُتل 165 مدنياً وجُرح 6100 آخرون، رغم أن التقديرات المسربة من الحكومة تشير إلى مقتل ما يصل إلى 400 شخص، و “اختفاء” 257، وجرح 6200 آخرون. ونظراً إلى موقع الأحداث، كانت نسبة عالية للغاية من تلك الإصابات دون شك من الشيعة. وقد شملت عملية القمع الإجراءات التالية:-

انقطاع الإنترنت.-بعد قطع كافة خدمات الإنترنت بالكامل في الفترة بين 2 و 6 تشرين الأول/أكتوبر، قامت الحكومة بتعليق تلك الخدمات لفترات مختلفة منذ ذلك الحين، مع وجود قيود مستمرة على الـ “فيسبوك” و“تويتر” و“واتسآب” و “انستجرام” وتطبيقات مماثلة.

الاعتقالات غير القانونية -تمّ اعتقال 923 شخصاً على الأقل، بمن فيهم 35 على الأقل نُقلوا من المستشفيات؛ وقد أُرغم الكثيرون على توقيع تعهدات بعدم المشاركة في احتجاجات مستقبلية تحت طائلة الملاحقة القضائية. وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر ذكرت “المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان” أن 257 شخصاً ما زالوا في عداد المفقودين بعد أن أطلقت الحكومة سراح المحتجزين. ويُعتقد أن العديد من المفقودين في جرف الصخر وغيرها من السجون السرية التي تديرها ميليشيات تدعمها إيران تعمل ضمن “قوات الحشد الشعبي”.

الترهيب – تحدّث المراسلون الصحفيون ونشطاء المجتمع المدني عن جمع معلومات لتشكيل ملفات عن المنشقين وإدراج أسمائهم في لوائح وترهيبهم جسدياً، مما تسبب في فرار الكثيرين إلى “إقليم كردستان” شمالاً أو مغادرة البلاد تماماً. وقد تمّ وصف المحتجين على نحو غير دقيق بأنهم محرِّضون مدعومون من الخارج، حيث اتُهم البعض إما بأنهم “الجيش الرقمي للسفارة الأمريكية” أو يسعون لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل.

هجمات القناصة – استخدمت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية وعناصر ميليشيات مقنّعين النار الحي ضد المحتجين. ومنذ 4 تشرين الأول/ أكتوبر، استُهدف زعماء الاحتجاج بشكل فردي بنيران القناصة. ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام العراقية، تم نشر هؤلاء القناصة من قبل ميليشيات “قوات الحشد الشعبي” المدعومة من إيران وجرى اعتقال أحد قناصة “كتائب سيد الشهداء” (اللواء 14 في “قوات الحشد الشعبي”). وفي 17 تشرين الأول/ أكتوبر، أفادت وكالة “رويترز” أن عمليات القناصة كانت بالتنسيق مع أبو زينب اللامي، رئيس “مديرية الأمن المركزي” في “قوات الحشد الشعبي” وعضو في جماعة “كتائب حزب الله” التي صنفتها الولايات المتحدة جماعة إرهابية (الألوية 45 و 46 و 47 في “قوات الحشد الشعبي”).

هجمات على محطات التلفزيون – تعرّضت ست محطات هي – “العربية” و”دجلة” و”الغد” و”أن أر تي” و”الحدث” و”تي أر تي” – للنهب وقُطع بثها من قبل رجال ميليشيا من “سرايا طليعة الخراساني” (اللواء 18 في “قوات الحشد الشعبي”) و “حركة حزب الله النجباء” (“قوات الحشد الشعبي” اللواء 12) بسبب استمرارها في نقل مشاهد من الاحتجاجات. وذكرت “هيومن رايتس ووتش” أن الهجمات وقعت بعد فترة قصيرة على قيام “هيئة الإعلام والاتصالات” التابعة للحكومة المركزية بتوجيه تحذير للمحطات بوقف بثها. وجرى اقتحام محطة “أن أر تي” بعد أن بثت مقابلة مع أحد المتظاهرين الذي اتهم ميليشيات “قوات الحشد الشعبي” بتنفيذ هجمات القناصة.

وعندما بدا أن محطة سابعة هي “الفرات” محصّنة جيداً بحيث يصعب اقتحامها، قامت “عصائب أهل الحق” (الألوية 41 و 42 و 43 من “قوات الحشد الشعبي”) بقصف المبنى في 6 تشرين الأول/أكتوبر إما بواسطة متفجرات وُضعت يدوياً أو بطائرة بدون طيار، مما أدى إلى إتلاف سيارات ومباني آخرى في المنطقة.
قادة الميليشيات الخاضعين للعقوبات وفقاً لوكالة “رويترز” ووكالات إعلامية أخرى، انضمت مجموعة من الميليشيات العراقية وقادة الأمن العراقيين إلى ضباط في “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني لتشكيل خلية أزمة في بغداد في 3 تشرين الأول/أكتوبر. وانطلاقاً من غرفتي عمليات – منزل آمن سري في الجادرية ومبنى لهيئة تابعة لـ “قوات الحشد الشعبي” بالقرب من مستشفى إبن سينا – قدم ضباط اتصال إيرانيون المشورة بناءً على خبرتهم في محاربة النشطاء في إيران، بالإضافة إلى توفيرهم مواد استخبارية عن النشطاء والاتصالات الآمنة للقناصة. وأبرزت “رويترز” أدلة على أن القناصة تلقوا الأوامر مباشرة من قادة ميلشياتهم “وليس من القائد الأعلى للقوات المسلحة… إنهم ينتمون إلى فصيل مقرب جداً من إيران”.

ومن بين الأفراد الذين تمّ تحديدهم على أنهم يعملون في خلية الأزمة، نأتي على ذكر

قاسم سليماني – قائد “فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري الإسلامي” المصنف إرهابي من قبل الولايات المتحدة، وصل إلى بغداد في 4 تشرين الأول/أكتوبر لضبط أنشطة الحكومة المناهضة للاحتجاجات.

أبو مهدي المهندس (اسمه الحقيقي جمال جعفر ابراهيم) – قائد عمليات “قوات الحشد الشعبي”، صنفته الحكومة الأمريكية إرهابياً في عام 2009.

فالح الفياض – مستشار الأمن القومي العراقي ورئيس “هيئة الحشد الشعبي”، عاد الفياض إلى بلاده في 4 تشرين الأول/أكتوبر بعد اجتماعه مع مسؤولين أمريكيين في واشنطن. وبعدها، عمل مباشرة مع الخلية الإيرانية في وقت وفر فيه مساعده الإداري حميد الشطري الدعم.

أبو جهاد (اسمه الحقيقي محمد الهاشمي) – مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، بدأ العمل مع الخلية بعد عودته من زيارة لبريطانيا في 5 تشرين الأول/أكتوبر.

قيس الخزعلي – الأمين العام لـ “عصائب أهل الحق”، كان قد دعم بشكل كامل حملة القمع والتشهير بالمتظاهرين بمساعدة “الحرس الثوري الإسلامي” بوصفهم محرِّضين مدعومين من الخارج.

أبو زينب اللامي (اسمه الحقيقي حسين فالح اللامي) – كما ذُكر سابقاً، قام بتنسيق عمليات القناصة ضد المتظاهرين، في وقت ساهم فيه اثنان من مساعديه، هما أبو باقر (مدير “مديرية الأمن المركزي” لمنطقة الرصافة ببغداد) وحجي غالب (رئيس قسم التحقيقات في “مديرية الأمن المركزي”) في إدارة عمليات القمع.

أبو منتظر الحسيني (اسمه الحقيقي تحسين عبد مطر العبودي) – رئيس العمليات السابق في “قوات الحشد الشعبي” والمستشار الحالي لرئيس الوزراء عبد المهدي لشؤون “الحشد الشعبي”. وكان أبو منتظر شخصية رئيسية في جمع كافة الجهات الفاعلة معاً في خلية الأزمة.

أبو تراب (اسمه الحقيقي ثامر محمد اسماعيل) – يرأس حالياً اللواء الحقوقي اسماعيل، الذي هو عضو منذ وقت طويل في “منظمة بدر” المدعومة من إيران، “فرقة الرد السريع” التابعة لوزارة الداخلية (التي تعرف أيضاً باسم “قسم الاستجابة لحالات الطوارئ”). وخلال المظاهرات، نشر قناصين لاستهداف المدنيين.

حامد الجزائري – قائد “سرايا طليعة الخراساني” (اللواء 18 في “قوات الحشد الشعبي”، ساعد في تنسيق الهجمات على محطات التلفزيون.

أبو آلاء الولائي (اسمه الحقيقي هاشم بنيان السراجي) – قائد ميليشيا “كتائب سيد الشهداء” المدعومة من إيران (اللواء 14 في “قوات الحشد الشعبي”)، عمل مع خلية الأزمة وقدّم قناصين لعملية القمع.

أبو إيمان الباهلي – رئيس مديرية الاستخبارات في “قوات الحشد الشعبي”، الذي هو مسؤول الارتباط مع مسؤولي الاستخبارات السيبرانية في “الحرس الثوري الإسلامي”؛ وقد أعدّ قوائم أهداف من نشطاء المجتمع المدني والصحفيين.

ولمنع إيران من الإمعان في تعريض الحكومة العراقية للخطر أو إثارة العنف في جميع أنحاء البلاد، على واشنطن أن تُظهر أنها تقف إلى جانب الجيل القادم من العراقيين وتدعمهم، وخاصةٍ الإصلاحيين ومؤيدي حرية التعبير الذين خرجوا إلى الشوارع على الرغم من مواجهتهم تهديد حقيقي بالموت.وفي 18 تموز/يوليو، ساهمت الجولة الأولى من العقوبات المفروضة بموجب “قانون ماغنيتسكي الدولي” الأمريكي ضد النخب العراقية في بث الخوف ضمن قيادة البلاد إلى حد كبير، مما أدّى إلى قيام الكثير من أفرادها بإرسال أموالهم ومحافظهم العقارية وعائلاتهم إلى سلطات قانونية أجنبية لا تطالها العقوبات الأمريكية. يجب تكرار هذه التجربة من خلال جولات متعددة من العقوبات الجديدة وكشف الجرائم المرتكبة بحق الشعب العراقي:-

***فرض عقوبات على مسؤولين بارزين بجرائم انتهاك حقوق الإنسان. توفر القائمة أعلاه عدداً من الأهداف للعقوبات المفروضة بموجب “قانون ماغنيتسكي الدولي”. وحتى في الحالات التي يخضع فيها الأفراد أساساً لعقوبات من جراء ارتكابهم جرائم إرهابية، سيكون من المفيد إدراجهم أيضاً بسبب انتهاكهم حقوق الإنسان، وهي تهمة قد يكون لها صدى أكبر مع الشعب العراقي. ويجب كذلك إدراج أسماء كبار القادة ومن ذوي المستويات المتوسطة في القائمة، مع توجيه رسالة واضحة مفادها أنه يمكن رفع العقوبات بسرعة إذا غيّر هؤلاء المسؤولون سلوكهم خلال الاحتجاجات المستقبلية. وفي غضون ذلك، ينبغي تشجيع بريطانيا على فرض عقوبات موازية لانتهاك حقوق الإنسان نظراً إلى الانكشاف الكبير لمسؤولين مثل أبو جهاد في ذلك الاختصاص القضائي.

***مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان عن كثب بعد إحياء الأربعين. من المحتمل أن تندلع احتجاجات جديدة في 25 تشرين الأول/أكتوبر، وهو يوم الجمعة الأول بعد الفعاليات الدينية المهمة للشيعة. ومن المرجح بشكل بارز تنظيم تظاهرات كبيرة الآن خاصة أن الحكومة قد سلكت المسار المتوقّع المتمثل بتغطية تواطئها ومشاركتها في عمليات القمع بمساعدة “الحرس الثوري الإسلامي”. يتعين على الولايات المتحدة التركيز باهتمام على تصرفات المسؤولين العراقيين وأقوالهم واتصالاتهم خلال الموجة التالية من الاحتجاجات، وتوليدها أدلة إضافية على حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان في حالة حدوثها.

***تسليط الضوء على دور القوات الإيرانية. يجب الكشف عن تفاصيل الإجراءات الإيرانية المناهضة للاحتجاجات في العراق، حتى لو كان ذلك على حساب الكشف عن بعض فرص جمع المعلومات. يجب تسليط الضوء أيضاً على أوجه الشبه بين تكتيكات مناهضة الاحتجاجات السابقة في إيران والتكتيكات الحالية للميليشيات في العراق، خاصة في مجالات الإنترنت والساحات الإلكترونية.

***إعادة التركيز على عمليات الاعتقال التي تنفذها “كتائب حزب الله”. على واشنطن أن تحث منظمات حقوق الإنسان والجهات الفاعلة الدولية الأخرى على إيلاء المزيد من الاهتمام لعمليات الاعتقال غير القانوني التي تنفذها هذه الجماعة بحق مئات المدنيين في سجونها السرية وأهمها جرف الصخر.