23 ديسمبر، 2024 12:07 ص

أذا لم تستحي أفعل ما شئت

أذا لم تستحي أفعل ما شئت

أذا لم تستحي أفعل ما شئت ،هكذا يقول المثل العربي الشائع والدارج بين الناس وهذا المثل على بساطته ووضوح معناه يختزل فكرة غاية في العمق من حيث المعنى والدلالة …فمن الواضح أن الحياء والخجل هي من السمات الأنسانية ويعني ذلك أنها أفعال سلوكية وردود لهذه الأفعال تعود على الأنسان حصراً عن بقية الكائنات التي تقاسمنا الكوكب وهذه السمة مجتمعةً مع قيم وصفات كلأخلاص والوفاء والشجاعة والأمانة وغيرها الكثير من الصفات تشكل بمجموعها منظومة الأخلاق .

صحيح هناك بعض المشتركات بين الأنسان والحيوان ولاكنها جزئية ومحدودة فالفرق واسع و مختلف بينهما …الأنسان يتصرف على أساس الدافع أولاً فلكل سلوك أسبابه ودوافعه التي هي أنعكاس لبيئته وتراثه وتربيته ،وثانياً الغاية المراد تحقيقها من هذا السلوك أما الحيوان يختلف فالأساس في سلوكه هي الغريزة والتعويد أحياناً .

ولو تناولنا الحياء من الناحية العقائدية الدينية لطال الحديث وتشعب وأقل ما يقال في هذا الجانب التذكير بحديث الرسول الأكرم حين قال (الحياء شعبة من الأيمان) هذا يعني ان كلما أزداد رسوخ الأيمان في صدور الناس أبتعدوا عن كل ما يخدش الحياء ويقلل المرؤة ويهتك الستر والعرض فالحديث عن السلوك البشري وأرتباطه بالتعاليم والاديات السماوية موضوع طويل وعريض وشائك باعتبار أن الهدف الأول من كل الرسالات السماوية هي تنظيم العلاقة بين الأنسان وربه أولاً ويطلق عليها بالعبادات وبين الأنسان ومحيطه العام ثانياً والذي يطلق عليها بالمعاملات التي تكفل للفرد السمو والرفعة وللمجتمع التكاتف والتحابب وعلو الشأن بين الأمم ولا غرابة في ذلك فالمصدر هو الله عز وجل الذي يرتبط باسمه صفات الخير والرحمة والمحبة والسلام مقترنةً بصفات القوة والجبروت والقدرة كل ذلك ليعي الأنسان ما يفعل ويتقي الله ضمن حدود العقل والمنطق والفطرة الأنسانية هذه المحددات والمميزات التي مَن الله بها على البشر كفيلة ببناء مجتمع تشيع فيه الفضيلة والقيم السامية .

وبأعتبار أن الأنسان بطبعه يميل للحياة المجتمعية المستقرة الهادئة بما فيهم هؤلاء الذين يجحدون فضل الله عليهم وينكرون وجوده بأعتناق قيم ومعتقدات بديلة للدين كما هي مجموعة القيم والأخلاق التي أسس لها كونفوسيوش قبل الميلاد ب500 عام دون الخوض بمصير الأنسان بعد الموت والفناء وتجنب الحديث عن الماورائيات الغيبية كالنشور والقيامة تبعه بذلك بضعة الاف من المريدين في حياته والمليارات في وقتنا الحالي يعيشون منضبطين بهدي أفكار تروج للخير والمحبة والأخلاق الحميدة دون خوف من نار وعقاب ومصير أخروي مجهول،هذه المنظومة تكفلت بأن لا يعتدي ويسرق ويتجاوز أحد منهم على حقوق الأخرين في مجتمعات تعيش حياة طبيعية وهادئة تتكافأ فيها الفرص للجميع في العيش والعمل بالوقت الذي تطغي سمة التناحر والقتل والأقصاء في مجتمعاتنا وتحت يافطات وعناوين تحمل اسماء مقدسة ومعظمة، صراع دموي من أجل مصالح دنيوية وشخصية وأساليب رخيصة وأعلام مضلل لغرض لوي عنق الحقيقة وطمسها وتصوير الباطل حقاً وتصدره المشهد العام يقول الحكماء:إذا أراد الله بعبدٍ خيراً ألهمه الطاعة ،وألزمه القناعة ،وفقهه في الدين وعضده باليقين ،فاكتفى بالكفاف وأكتسى بالعفاف وإذا أراد به شراً حبب أليه المال وبَسَط منه الأمال ،وشغله بدنياه ووكله الى هواه،فركب الفساد وظلم العباد ….ترى هل هناك مصداقاً أكثر أنطباقاً على ما نحن فيه.