لم يتعرض الإسلام لهجمة اشد قسوة وشراسة وخطورة, أكثر مما سببه المتأسلمون المتطرفون, والنظرة السوداوية التي جعلوا العالم ينظر إلى الإسلام والمسلمين من خلالها.
تعرضت دول قليلة لما تعرض له العراق من هجمة شرسة من الإرهابيين والدول التي تقف خلفهم, إلا أن هذا اكسب العراقيين خبرة في ماهية الأفكار التي يحملونها وكيفية التعامل معهم..كما يفترض!.
أثبتت التجارب المصطبغة بلون الدم العراقي, إن معظم هؤلاء يعتقدون اعتقادا راسخا أنهم على حق فيما يفعلون من فضائع, وتجاوز على القيم والأخلاق, ورغم قلتهم عدديا, إلا أنهم تمكنوا من التأثير على الواقع العملي, نتيجة لفشل الحكومة في التعامل معهم, وربما يعزى هذا إلى رد فعل حكومي يعتمد القوة فقط.
من المنطقي القول أن القوة ترد بقوة تكافئها, أو تتفوق عليها, ولكن ليس منطقيا أن تحارب عقيدة وفكر منحرف بالقوة فقط..العقيدة الضالة تواجه ببناء عقيدة صحيحة وصادقة تقابلها, وأمور أخرى.
كلنا يعلم أن قواتنا الأمنية في معظم تشكيلاتها تتكون من طلاب عيش, وباحثين عن عمل للاسترزاق, وهو أمر لا عيب فيه, لكنه قصور كبير وخطير إن كان وحده الهدف.
الوطنية وحب الوطن والدفاع عنه, وعن الدولة ومؤسساتها والمواطن..عقيدة تزرع في الروح, وبشكل خاص في منتسبي القوات الأمنية, لمواجهة تلك التيارات المنحرفة, وان أهم ما أنجزه البعث ونظامه كان تحطيم الشخصية العراقية, ونزع الوطنية والمواطنة, فلن يكون العمل على إعادتها سهلا, فهو يتطلب إعادة بناء جيل جديد.
لكي نبني جيلا جديدا, يجب أن نخلق واقعا سياسيا واجتماعيا جديدا, فكرا جديدا, ومقاربة مختلفة للأمور, ونعيد مراجعة مقاييس اختيارنا لمن يقود مرحلة التغيير, وكما يقال فأن المجرب..لا يجرب.
لكي نهزم هذا الفكر المتطرف ونواجه إجرامه, يجب أن نبني عقيدة واضحة وقوية بعيدة عن التفاصيل الطائفية والقومية في نفوس قواتنا الأمنية, للنجاح في إيجاد العشرات ممن لديهم استعداد لان يحتضن إرهابيا ليمنعه من أن يفجر نفسه, ومن دون تردد.
الإرهابي الذي يفجر نفسه يحمل عقيدة ولن يتردد في تنفيذ أفعاله ضدنا, فمواجهته تتطلب خلق عقيدة بنفس القوة ونفس الرسوخ فينا ولكن..وطنية .